التسول في العراق... مافيات تسلب الأموال تحت تهديد السلاح

19 نوفمبر 2017
الأطفال ضحايا مافيا التسول في بغداد (فيسبوك)
+ الخط -


تحول التجوال في أحياء بغداد الراقية كالمنصور واليرموك والحارثية وزيونة والأعظمية وشارع فلسطين بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً إلى أمر فيه الكثير من الخطورة، إذ تحولت تجمعات المتسولين إلى مافيات تسلب المبالغ المالية التي خرجت من أجلها تحت تهديد السلاح.

ويقول حسين البدراني، وهو صاحب مطعم في شارع 14 رمضان في حيّ المنصور وسط بغداد، إنه يضطر للعودة إلى منزله عند منتصف الليل. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن مجموعة من الصبية استوقفوه قبل أيام واضعين صخوراً أمام سيارته، ما اضطره للوقوف والاستجابة لمطالبهم ومنحهم مبلغ مائة ألف دينار عراقي أي ما يعادل 80 دولاراً.

ويشير إلى أن زي هؤلاء الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و16 عاماً يظهر أنهم متسولون، لافتاً إلى أنهم كانوا يحملون آلات حادة.

ويضيف البدراني أن "المتسولين بدأوا ينخرطون في مافيات تستخدم الآلات الحادة للحصول على المال مستغلة التقاطعات التي تشهد ازدحاماً للسيارات"، مبينا أنه ليس الضحية الأولى، إذ سبق لأشخاص يعرفهم أن تعرضوا للموقف ذاته. 

ويوضح أن المتسولين يرصدون السيارات الحديثة ويبتزون أصحابها، مؤكداً أنه يفكر بشراء سيارة قديمة لاتقاء شرهم.

أما زينة صلاح، التي تعمل موظفة في نادي ترفيهي في زيونة (شرقي بغداد)، وتضطر للعودة إلى منزلها في وقت متأخر من الليل، فتؤكد هي الأخرى أنها تعرضت لحادث مشابه.

وتبيّن لـ"العربي الجديد" أن طفلاً وشاباً كانا متوقفين عند مفترق للطرق بشارع الربيعي في زيونة، فاستقبلوا سيارتها حين اقتربت منهم بالحجارة وتسببوا بتكسر زجاج عدد من السيارات، الأمر الذي أرغمها على التوقف ومنحهم مبلغ 25 ألف دينار عراقي (ما يعادل 20 دولارا) كان بحوزتها.

وتشير إلى أن هذه العملية تمت على مقربة من دورية للشرطة التي لم تحرك ساكناً، مؤكدة أنها تسمع أخباراً عن انضمام هؤلاء المتسولين إلى مافيات كبيرة تعمل على حمايتهم، من خلال استغلال علاقتها بالسلطات والأجهزة الأمنية.

وتطالب زينة صلاح قوى الأمن الداخلي بملاحقة أوكار تلك العصابات، وعدم الانتظار إلى حين انتشار الفيديوهات عن تلك الأعمال عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى تتحرك، مؤكدة أن الانحراف الأخلاقي للمتسولين وصل إلى مستويات خطيرة تجاوزت سلب الأموال إلى حدود إطلاق الألفاظ النابية والعبارات غير الأخلاقية.




ويعلن مدير إعلام قيادة شرطة بغداد، المقدم نبراس علي، عن اعتقال متسولة صغيرة ظهرت في مقطع فيديو وهي تهدد المواطنين بآلة حادة، قائلا في بيان إن: "مواقع التواصل الاجتماعي تداولت مقطع فيديو تظهر فيه متسولة عراقية صغيرة تقوم بتهديد المواطنين بآلة حادة في منطقة المنصور ببغداد، وكانت تشهر سكيناً بوجه سائقي السيارات في حي المنصور مقابل الحصول على مبالغ مالية".

ويضيف "بناءً على توجيه وزير الداخلية برصد الحالات السلبية والتحرك المباشر لغرض معالجتها وفقا للقانون، وبإشراف قائد شرطة بغداد وبالتعاون مع شرطة النجدة تم إلقاء القبض عليها"، لافتاً إلى إحالتها للقضاء الخاص بالأحداث.

ولا يقتصر سلب الأموال بالقوة على الأطفال، إذ تشهد شوارع بغداد انتشار عصابات يلقي بعض أفرادها بأنفسهم أمام السيارات التي تسير ببطء، من أجل الحصول على المال.

ويؤكد حسين المشهداني، الذي يعمل موظفا بإحدى القنوات الفضائية العراقية، أن أحد الشبان رمى نفسه على سيارته عند مروره في منطقة الأربع شوارع في حي اليرموك وسط بغداد، وعند التوقف لنقله إلى المستشفى ظهر أربعة أشخاص من سيارة قريبة ادعوا أنهم أقارب الشاب يحملون أسلحة خفيفة، وطلبوا منه مبلغ 30 ألف دولار أميركي لإنهاء القضية.

ويضيف المشهداني "بعد تدخل أصحاب المحلات القريبة خفضوا المبلغ إلى 10 آلاف دولار"، موضحاً أن أحياء اليرموك والمنصور والجامعة وزيونة والأعظمية وشارع فلسطين غالباً ما تشهد مثل هذه العمليات.

ويؤكد الباحث الاجتماعي، علي الفضلي، أن مثل هذه الظواهر السيئة بدأت تشكل خطراً كبيراً على المجتمع العراقي، معبراً في حديث لـ "العربي الجديد" عن تخوفه من صمت الجهات المعنية عنها، وعدم التحرك السريع لوضع حد لها.

ويوضح أن أفراد مافيات التسول تقصد الأحياء الراقية والسيارات الحديثة لتنفيذ مخططاتها، مشيراً إلى وقوع أعداد غير قليلة في فخاخ هؤلاء. ويضيف "لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن واقعة سلب أو اعتداء عند مفترقات الطرق في بغداد"، مؤكداً أن العاصمة العراقية تحولت إلى مدينة يغيب عنها الأمان ولا يطبق فيها القانون.



المساهمون