انتهى فصل الصيف الذي يكثر خلاله التسمّم الغذائي، غير أنّ موضوع فساد الغذاء في تونس ما زال مفتوحاً. ولعلّ ذلك يرتبط اليوم بعودة الطلاب إلى بيوت السكن الجامعي وتسجيل حالات تسمم في مقاصفها
يدور جدال في الآونة الأخيرة في تونس حول فساد غذائي يضرب البلاد، وذلك بعد حجز آلاف أطنان المواد الغذائية الفاسدة في مختلف الجهات. وقد أسفرت حملات المراقبة التي تقوم بها مصالح وزارة الصحة ووزارة التجارة والشرطة البلدية بصورة مستمرة، عن حجز أكثر من 81 طناً من اللحوم الحمراء الفاسدة ونحو 20 طناً من اللحوم البيضاء الفاسدة خلال النصف الأوّل من عام 2017.
والكشف عن تلك الأرقام راح يشغل الرأي العام التونسي حول فساد اللحوم ومنتجات غذائية أخرى، لا سيّما أنّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أثبتت أنّ إحدى الشركات الخاصة توزّع لحوم مواش مصابة بالسلّ على ثكنات عسكرية وبيوت سكن جامعي. يُذكر أنّ قاضي التحقيق أشرف بنفسه على عملية مداهمة الشركة بحسب ما أفادت الهيئة.
وكانت تقارير أخرى قد أشارت إلى ذبح 17 ألف حمار سنوياً في البلاد، 80 في المئة منها في العاصمة والبقيّة في مناطق بنزرت وسوسة وصفاقس. يُذكر أنّ معدّل استهلاك تلك اللحوم يصل إلى 800 طن سنوياً. وقد أسفرت حملات المراقبة عن حجز نحو 1700 كيلوغرام من تلك اللحوم عند اكتشافها في سوق في العاصمة، وكذلك ثلاثة آلاف قطعة من جلود الحمير، فيما حُرّرت 22 ألف مخالفة تخصّ بيع تلك اللحوم في الأسواق العامة.
إلى ذلك، يلجأ جزّارون كثيرون إلى الذبح داخل محلاتهم وليس في المسالخ البلدية، من دون تطبيق الإجراءات القانونية التي تلزمهم مراجعة الأطباء البيطريين لاستصدار تصاريح إذن بالبيع بعد الانتهاء من الإجراءات الصحيّة المعمول بها.
إزاء هذا الواقع، انتقدت جهات متخصصة في حماية الصحة ومكلّفة القيام بحملات مراقبة مستمرة، تلك الممارسات في معظم جهات البلاد، وندّدت بتمدّد ظاهرة الغش والفساد في المواد الاستهلاكية، خصوصاً اللحوم. ويقول كاتب عام نقابة الشرطة البلدية محمد الولهازي لـ "العربي الجديد" إنّ "الفساد الغذائي والغش متفشيان منذ سنوات. وتنظّم الشرطة البلدية حملات رقابة مستمرة في معظم الجهات، وتعمد إلى حجز كميات كبيرة بصورة يومية". يضيف أنّ "الكميات المحجوزة خلال النصف الأوّل من عام 2017 (المشار إليها آنفاً) تأتي أكبر من تلك المحجوزة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي 36 طناً من اللحوم الحمراء الفاسدة (81 طناً هذا العام) و15 طناً من اللحوم البيضاء الفاسدة (20 طناً هذا العام)". ويؤكّد الولهازي أنّ "حملات الشرطة البلدية ما زالت مستمرة وبصورة مكثّفة خلال هذه الفترة، بعد الكشف عن سوء التدابير في المسالخ البلدية، خصوصاً في المسالخ العشوائية في المناطق الداخلية".
اقــرأ أيضاً
وملف الفساد الغذائي في تونس لا يتعلق فقط باللحوم، إذ أسفرت عمليات الرقابة التي تقوم بها وزارة التجارة عن تسجيل أكثر من 20 ألف مخالفة اقتصادية منذ بداية هذا العام، وقد حُجِزت خلالها آلاف أطنان المواد الغذائية المختلفة، من قبيل الحلويات والبيض والمعجّنات، سواء في مواقع التصنيع أو في مواقع البيع.
تجدر الإشارة إلى أنّ حالات التسمم الغذائي تزداد خصوصاً في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وقد سُجّلت خلال صيف هذا العام نحو 800 إصابة بتسمم غذائي بحسب ما تفيد أرقام وزارة الصحة. إلى ذلك، ذكرت تقارير طبية أخيرة أنّ طالبات في أحد بيوت السكن الجامعي في محافظة قفصة، أُصِبنَ بتسمّم غذائي بعد تناولهنّ وجبة عشاء في المطعم (المقصف) التابع للسكن الجامعي. يذكر أنّ الطالبات شكين أكثر من مرة على جودة الطعام المقدّم هناك.
يقول مدير إدارة حفظ صحة الوسط والمحيط بوزارة الصحة، محمد الرابحي، لـ "العربي الجديد" إنّ 170 ألف زيارة تفقد جرت منذ بداية هذا العام، سُجّلت على أثرها أكثر من 15 ألف مخالفة صحية، مع توجيه 500 اقتراح غلق محل وتحرير 650 محضراً عدلياً". يضيف أنّ "60 في المائة من حالات التسمم الغذائي الجماعية سجّلت في مؤسسات تربوية".
من جهته، يشير رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، لـ"العربي الجديد" إلى "تعرّض المواطن التونسي للغش باستمرار في مختلف المنتوجات الغذائية. كذلك فإنّ إقباله على تناول الطعام خارج المنزل يساهم في تعرّضه لمختلف أنواع الغش. وقد تلقت المنظمة شكاوى كثيرة تتعلق بغياب الجودة". ويؤكد سعد الله أنّ "منظمة الدفاع عن المستهلك تقوم كذلك بحملات مراقبة تنبّهت خلالها إلى جملة من التجاوزات التي قد لا يكتشفها المواطن، من قبيل وجود حشرات في المواد الأساسيّة التي تُصنّع بها الحلويات في عدد من المحلات، وعدم احترام قواعد الحفظ والتخزين الصحية، واستخدام ملوّنات لا تحترم المواصفات، وبيع مواد منتهية الصلاحية، وبيع المياه المعرّضة للشمس".
اقــرأ أيضاً
يدور جدال في الآونة الأخيرة في تونس حول فساد غذائي يضرب البلاد، وذلك بعد حجز آلاف أطنان المواد الغذائية الفاسدة في مختلف الجهات. وقد أسفرت حملات المراقبة التي تقوم بها مصالح وزارة الصحة ووزارة التجارة والشرطة البلدية بصورة مستمرة، عن حجز أكثر من 81 طناً من اللحوم الحمراء الفاسدة ونحو 20 طناً من اللحوم البيضاء الفاسدة خلال النصف الأوّل من عام 2017.
والكشف عن تلك الأرقام راح يشغل الرأي العام التونسي حول فساد اللحوم ومنتجات غذائية أخرى، لا سيّما أنّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أثبتت أنّ إحدى الشركات الخاصة توزّع لحوم مواش مصابة بالسلّ على ثكنات عسكرية وبيوت سكن جامعي. يُذكر أنّ قاضي التحقيق أشرف بنفسه على عملية مداهمة الشركة بحسب ما أفادت الهيئة.
وكانت تقارير أخرى قد أشارت إلى ذبح 17 ألف حمار سنوياً في البلاد، 80 في المئة منها في العاصمة والبقيّة في مناطق بنزرت وسوسة وصفاقس. يُذكر أنّ معدّل استهلاك تلك اللحوم يصل إلى 800 طن سنوياً. وقد أسفرت حملات المراقبة عن حجز نحو 1700 كيلوغرام من تلك اللحوم عند اكتشافها في سوق في العاصمة، وكذلك ثلاثة آلاف قطعة من جلود الحمير، فيما حُرّرت 22 ألف مخالفة تخصّ بيع تلك اللحوم في الأسواق العامة.
إلى ذلك، يلجأ جزّارون كثيرون إلى الذبح داخل محلاتهم وليس في المسالخ البلدية، من دون تطبيق الإجراءات القانونية التي تلزمهم مراجعة الأطباء البيطريين لاستصدار تصاريح إذن بالبيع بعد الانتهاء من الإجراءات الصحيّة المعمول بها.
إزاء هذا الواقع، انتقدت جهات متخصصة في حماية الصحة ومكلّفة القيام بحملات مراقبة مستمرة، تلك الممارسات في معظم جهات البلاد، وندّدت بتمدّد ظاهرة الغش والفساد في المواد الاستهلاكية، خصوصاً اللحوم. ويقول كاتب عام نقابة الشرطة البلدية محمد الولهازي لـ "العربي الجديد" إنّ "الفساد الغذائي والغش متفشيان منذ سنوات. وتنظّم الشرطة البلدية حملات رقابة مستمرة في معظم الجهات، وتعمد إلى حجز كميات كبيرة بصورة يومية". يضيف أنّ "الكميات المحجوزة خلال النصف الأوّل من عام 2017 (المشار إليها آنفاً) تأتي أكبر من تلك المحجوزة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي 36 طناً من اللحوم الحمراء الفاسدة (81 طناً هذا العام) و15 طناً من اللحوم البيضاء الفاسدة (20 طناً هذا العام)". ويؤكّد الولهازي أنّ "حملات الشرطة البلدية ما زالت مستمرة وبصورة مكثّفة خلال هذه الفترة، بعد الكشف عن سوء التدابير في المسالخ البلدية، خصوصاً في المسالخ العشوائية في المناطق الداخلية".
تجدر الإشارة إلى أنّ حالات التسمم الغذائي تزداد خصوصاً في فصل الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وقد سُجّلت خلال صيف هذا العام نحو 800 إصابة بتسمم غذائي بحسب ما تفيد أرقام وزارة الصحة. إلى ذلك، ذكرت تقارير طبية أخيرة أنّ طالبات في أحد بيوت السكن الجامعي في محافظة قفصة، أُصِبنَ بتسمّم غذائي بعد تناولهنّ وجبة عشاء في المطعم (المقصف) التابع للسكن الجامعي. يذكر أنّ الطالبات شكين أكثر من مرة على جودة الطعام المقدّم هناك.
يقول مدير إدارة حفظ صحة الوسط والمحيط بوزارة الصحة، محمد الرابحي، لـ "العربي الجديد" إنّ 170 ألف زيارة تفقد جرت منذ بداية هذا العام، سُجّلت على أثرها أكثر من 15 ألف مخالفة صحية، مع توجيه 500 اقتراح غلق محل وتحرير 650 محضراً عدلياً". يضيف أنّ "60 في المائة من حالات التسمم الغذائي الجماعية سجّلت في مؤسسات تربوية".
من جهته، يشير رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك، سليم سعد الله، لـ"العربي الجديد" إلى "تعرّض المواطن التونسي للغش باستمرار في مختلف المنتوجات الغذائية. كذلك فإنّ إقباله على تناول الطعام خارج المنزل يساهم في تعرّضه لمختلف أنواع الغش. وقد تلقت المنظمة شكاوى كثيرة تتعلق بغياب الجودة". ويؤكد سعد الله أنّ "منظمة الدفاع عن المستهلك تقوم كذلك بحملات مراقبة تنبّهت خلالها إلى جملة من التجاوزات التي قد لا يكتشفها المواطن، من قبيل وجود حشرات في المواد الأساسيّة التي تُصنّع بها الحلويات في عدد من المحلات، وعدم احترام قواعد الحفظ والتخزين الصحية، واستخدام ملوّنات لا تحترم المواصفات، وبيع مواد منتهية الصلاحية، وبيع المياه المعرّضة للشمس".