الجزائريون بين ناري الثلوج والبحث عن قارورة الغاز

19 يناير 2017
غياب مخطط حكومي والمواطن ضحية (Getty)
+ الخط -



تستمر معاناة الآلاف من العائلات الجزائرية في المناطق النائية والجبلية، جراء ندرة قوارير غاز البوتان، في مقابل عدم مدّ هذه المناطق بأنابيب الغاز الطبيعي، بسبب سوء الأحوال الجوية والتساقط الكثيف للثلوج في العديد من المناطق والولايات الجزائرية.

طوابير طويلة تعرفها نقاط بيع غاز البوتان خصوصا في ولايات الجلفة وجيجل وتيزي وزو والمسيلة، إذ تضطر الأسر إلى الاستيقاظ باكرا من أجل انتظار وصول شاحنة التموين بغاز البوتان، وهو ما وصفه السيد جمال كيحلي من منطقة سيدي لعجال التابعة إداريا إلى ولاية الجلفة، بـ"محنة الشتاء" لدى سكان المنطقة، وفي غالب الأحيان يتحكم البعض في شراء عدد من القوارير ليصل سعر الواحدة منها إلى 900 دينار مع موجة البرد والثلوج التي تعرفها المنطقة.

وفي ظل ندرة غاز البوتان، ينتقل أهالي منطقتي سيدي لعجال وحد الصحاري نحو المناطق المجاورة للولاية مثل قصر الشلالة وتيارت من أجل الظفر بقارورة غاز، بحسب السيد عمار لكحل، في حديثه مع " العربي الجديد " بأن الكثيرين يضطرون إلى قطع عشرات الكيلومترات من أجل ذلك.

وتأسف الكثيرون لكون أزمة البرد والصقيع دفعت ببعض المضاربين إلى رفع أسعار قارورة الغاز، إذ تراوحت في منطقة سيدي خليفة بولاية ميلة إلى ألف دينار أي ما يعادل 8 يوروهات للقارورة الواحدة، "وهو أمر رضخ له المواطنون في ظل هذه الظروف المناخية الصعبة والباردة جدا".

من جهتها، وفرت المؤسسة الوطنية لخدمات الغاز "نفطال" التابعة للشركة الجزائرية للكهرباء والغاز أكثر من 700 ألف قارورة غاز منذ بداية فصل الشتاء الحالي، فيما اتهم سكان القرى والمداشر المسؤولين في البلديات بعدم التزامهم بمسؤولياتهم تجاه احتياجات السكان، وأكد سعيد بن عبد الله في تصريح لـ" العربي الجديد "، أنّ رؤساء البلديات "يعلمون بأن بعض القرى والمناطق تحتاج إلى هذه المادة الأساسية، وخصوصا في فصل الشتاء، لكنهم كل مرة يخذلون من انتخبهم من المواطنين".


واشتكى الكثيرون من الثغرات الموجودة في البلديات التي تعاني من نقص الخدمات في فصل الشتاء، لافتين إلى أن هناك مناطق انقطعت فيها الكهرباء منذ أسبوع بسبب موجة البرد والثلوج التي عزلتها عن كل شيء.

ويضطر السكان في قرى ومداشر منطقة القبائل الكبرى وسط الجزائر، إلى استعمال الحطب للتدفئة والطهو في ظل قساوة الطبيعة وتواجد المئات من العائلات في قمم الجبال وارتباطهم بالأرض، وتشهد منطقة "الأربعاء ناث ثيراثن " بأعالي ولاية تيزي وزو 110 كيلومترات شرق العاصمة الجزائرية عزلة تامة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، بسبب تراكم ما يربو عن مترين من الثلوج التي قطعت الطرقات من وإلى قرى هذه البلدية.

كما أن العشرات من الأسر لم تبرح بيوتها منذ 72 ساعة، وذلك بفعل العاصفة الثلجية التي تشهدها منطقة القبائل، وهو ما دفع بتدخل عناصر الدرك الوطني والجيش من أجل إيصال الخبز والمؤونة إلى البيوت وإنقاذ السكان في قمم الجبال.

من جهتهم، تساءل الكثيرون عن غياب تام لمخطط حكومي في ظل هذه الظروف الصعبة التي تشهدها 19 ولاية جزائرية منذ بدء تساقط الثلوج، وقال أستاذ العلوم الاقتصادية نور الدين بروان لـ" العربي الجديد" إن هذه الندرة الحادة في غاز البوتان راجعة إلى عدم وضع مخطط من طرف الحكومة لاحتواء أزمة الكهرباء والغاز والغذاء أيضا، داعيا الحكومة إلى وضع "مخطط استعجالي لإغاثة المواطنين"، لافتا إلى أن "الجيش دوما يتدخل في مثل هذه الظروف السيئة".

وأضاف بروان بأن غياب مخطط استعجالي في فصل الشتاء يساهم في تفاقم الأزمة، متسائلا عن سبب غياب المخطط رغم أن الجزائر تعد كل سنة مخططا خاصا بفصل الصيف، لافتا إلى أن المواطن هو ضحية جشع المضاربين الذين ينتهزون الفرصة لرفع أسعار قارورة الغاز.