المغرب: مسيرة ضد "أخونة الدولة" وناشطون يرفضونها

18 سبتمبر 2016
مسيرة مثيرة للجدل (فيسبوك)
+ الخط -
انطلقت، اليوم الأحد، في مدينة الدار البيضاء (كبرى مدن المغرب) مسيرة مثيرة للجدل دعا إليها نشطاء مجهولون، عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، ضد حزب العدالة والتنمية، تزامناً مع قرب الاستحقاقات التشريعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تحت شعار "ضد أخونة المجتمع والدولة، وضد حزب العدالة والتنمية".

ورفع المشاركون في هذه المسيرة شعارات ترفض أسلمة المجتمع المغربي، من بينها "يا مواطن يا مسكين ضحكوا عليك باسم الدين" و"لا لتجار الدين"، "بنكيران ارحل" و"الإسلام دين للجميع".

ودعت الجهة المنظمة لهذه المسيرة إلى "إلغاء قرارات حكومة بنكيران، ورفع تحدي بناء مغرب جديد بدون زيادات ولا مزايدات".

وتضاربت آراء المشاركين في هذه المسيرة، بين من ادعى أنه خرج رفضاً لقرارات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وحصيلة حكومته، فيما عبر عدد كبير من المشاركين عن "جهلهم" لسبب "تجييشهم للمشاركة في المسيرة".

المشاركون في المسيرة من مدن عدة (فيسبوك)


وقال أحد المشاركين في المسيرة "جئنا للمشاركة في وقفة الفتاة التي تعرضت للاغتصاب، لنجد مجموعة من المشاركين يسبّون رئيس الحكومة من دون أن نفهم ما الذي يقع".


بدورها، صرحت مشاركة أخرى بأن سبب وجودها في المسيرة هو الاستفادة من كبش أضحية العيد، وظهر غياب الترابط المنطقي في كلامها.


المسيرة التي سبق لحزب العدالة والتنمية أن دعا كل أعضائه والمنخرطين فيه والمتعاطفين معه إلى تجاهلها بشكل تام، وعدم الانجرار إلى أي مشادات مع المنظمين، قوبلت بتفاعل كبير و"استنكار" من رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتعرضت لانتقادات حادة وسخرية عارمة، نظراً إلى توقيت تنظيمها قبل أيام من انطلاق الحملة الانتخابية، وكذلك الجهة التي تقف وراءها، في حين لم تحظ بدعم سياسي أو نقابي، إذ لم تشهد مشاركة أي سياسي أو نقابي في المعارضة.

شعارات ضد أخونة الدولة (فيسبوك)


ونفى وزير الداخلية، محمد حصاد، في تصريح صحافي، اليوم، حصول الداخلية على أي طلب رسمي من أجل الترخيص لهذا الشكل الاحتجاجي الذي استهل أول من أمس الجمعة من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، واستمرّ كذلك أمس السبت.


وقال "بمجرّد علمها بهذا التحرّك الاحتجاجيّ، قامت وزارة الداخلية بالتشاور مع كل المصالح الأمنيّة، وجرى التعامل معه بليونة بهدف مضيّه في ظروف آمنة، تشرّف انفتاح المغرب على مختلف تعبيرات المجتمع، ومن يقولون إن يداً خفية لوزارة الداخلية حركت المتظاهرين مخطئون".

وأوضح حصاد أن "المستوى التنظيميّ للمسيرة خير برهان على أن لا يد للوزارة أو السلطات وراءها، بفعل استنادها إلى تحرك من ورائه جمعيات؛ كل واحدة تنقلت من منطقتها بألوانها الخاصّة، في نطاق التظاهر السلمي الذي تعرفه المملكة دائماً".


وكتب الصحافي جواد الشفدي: "المغرب على مر التاريخ كان ولا يزال معروفا بمسيراته المليونية الداعمة للقضايا الوطنية والإسلامية العادلة. أما تجييش مواطنين مساكين وحشرهم في حافلات للمشاركة في مسيرة ضد الإرهاب، فهذه هي الفتنة النائمة التي لعن الله موقظها!".

من جانبها، تساءلت ناشطة أخرى، من يوقظ الشارع بالقوة بهذا الشكل؟ ماذا تعني مسيرة ضد أخونة الانتخابات؟ أين الديمقراطية التي يتبجحون بها في المحافل الدولية؟ الكلمة للشعب فلماذا التخوف من زحف البيجيدين مرة أخرى نحو الحكومة؟ ليقل الشعب كلمته ما دامت له فرصة اختيار من يمثله. لماذا سيقولها عبر مسيرة غير مفهومة على بعد أيام من 7 أكتوبر/تشرين الأول.

بدوره، تبرأ المركز المغربي لحقوق الإنسان من مشاركته في هذه المسيرة، وقال في بيان له، اليوم الأحد، إن "المسيرة إثارة للفتنة في المجتمع، ومحاولة يائسة لخلق احتقان بين تيارات سياسية وفكرية مغربية، ومحاولة لضرب الحق في الاختلاف وواجب تدبيره ديمقراطياً عرض الحائط".


ووصف المركز مطلقي النداء بـ"أعداء الديمقراطية" الذين يسعون إلى دق إسفين العداوة والبغضاء بين أطياف المجتمع المغربي، وضرب أواصر التعايش السلمي، وقيم الأمن والسلم الاجتماعيين، واللذين ينعم بهما الشعب المغربي، على الرغم من التحديات والصعاب الجسيمة التي تواجهه".

وأوضح المصدر نفسه أن "محاربة تيارات معروفة بنزوع أعضائها إلى التدين وإلى الاعتدال والوسطية هي محاربة للمجتمع المغربي في قيمه، وفي تراثه وأحد روافده الاجتماعية والثقافية والفكرية".

 كذلك وصف تمويل بعض الجهات تنقلات مواطنين بسطاء من مدن نائية، للمشاركة في المسيرة بالدار البيضاء، "بالتصرف المخزي والمعيب، والذي يؤكد سقوط القيم الأخلاقية والإنسانية من اعتبارات الممولين لهذه المسيرة والداعين إليها".

وطالب المركز منظمي المسيرة المجهولين بـ"العدول عن هذا القرار غير الديمقراطي، وتحمل المسؤولية الأخلاقية والتاريخية، إزاء ما يقومون به، والذي يناقض بشكل خطير متطلبات الانتقال الديمقراطي ببلادنا" بحسب البيان.