كوابيس في باكستان

31 يوليو 2016
اغتيل أشهر المنشدين الصوفيين أمجد صابري (عاصف حسن/فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من تكثيف عمل الشرطة، تستمرّ الاغتيالات في مختلف مناطق باكستان. وفي ظل ارتفاع وتيرة القتل والاغتيال، يزداد القلق بين الأهالي، خصوصاً أنهم لا يعرفون الجهات التي تنفّذ تلك الأعمال.

أخيراً، أشارت السلطات الأمنيّة إلى تحسّن الوضع الأمني، في ظل تكثيف عمليات القوات المسلحة وانتشارها في المناطق القبلية ومختلف المدن الباكستانية، على رأسها كراتشي في الجنوب وبيشاور في الشمال الغربي. لكن الوضع بالنسبة إلى عامة المواطنين ما زال مأساوياً، خصوصاً أن أعمال العنف والاغتيالات لم تتوقف.

في هذا الإطار، تؤكّد الشرطة الباكستانية أنه، خلال الشهر الماضي، قتل نحو 90 شخصاً في مدينة بيشاور وضواحيها، وأصيب نحو خمسين آخرين بجروح نتيجة حدوث عمليات اغتيال. من بين القتلى مواطنون وسياسيون ورجال أمن. فيما تشير شرطة بيشاور، في تقريرها الأخير، إلى ارتفاع نسبة الاغتيالات المتعمدة في المدن الباكستانيّة خلال الشهرين الماضيين، على الرغم من الجهود التي تبذلها قوات الأمن الباكستانية. يضيف التقرير أنه، خلال الشهر الماضي، قتل في بيشاور وضواحيها نحو 90 شخصاً، وسجّل نحو 160 حادث قتل واغتيال، ما أثار الذعر والخوف بين المواطنين، الذين باتوا يتجنبون الخروج إلى الأسواق والشوارع بعد صلاة المغرب، خشية حدوث أعمال عنف.



ويقول أحد سكان منطقة تاج أباد، شاه زمان، إن أحداً لا يعرف كيفية التخلص من هذه المشكلة التي "تجعلنا نشعر بالخوف"، محمّلاً الحكومة وأجهزة الأمن المسؤولية، بعد فشلها في التصدّي لظاهرة الاغتيالات التي لم تقتصر على مدينة بيشاور، عاصمة إقليم خيبر بختونخوا، بل امتدت إلى جميع مناطق الإقليم، لا سيما المناطق ذات الأغلبية الشيعية كمدينة ديره إسماعيل خان.
أحدث الاغتيالات التي شهدتها المدينة المجاورة لإقليم البنجاب، تمثّلت في قتل القيادي في مجلس وحدة المسلمين (أحد أكبر الأحزاب الشيعية في باكستان) أثناء خروجه من منزل، بعدما نصب له مسلحون مجهولون كميناً في ثاني أيام عيد الفطر.

عقب الحادث، شهدت المدينة تظاهرات واحتجاجات شعبية أدت إلى إغلاق الطرقات الرئيسية في المدينة، وتوقف المواصلات بشكل كامل. كذلك، هددت أحزاب شيعية بتنظيم احتجاجات على مستوى البلاد، في حال لم تتوقف عمليات الاغتيال بحق قياداتها ومناصريها. وبعد يوم واحد من الاغتيال، قتل شقيقان يقودان دراجة نارية في المدينة نفسها، هما نور عالم وظهير زمان، وقد تمكن المهاجمون من الفرار.

وبحسب إحدى الإحصائيات، فقد قُتل خلال الشهرين الماضيين في مدينة ديره إسماعيل خان وحدها، سبعة من عناصر الأمن وأربعة محامين وأستاذان جامعيان وتاجران ومسؤول في أحد المصارف المحلية. ولم تعرف بعد الجهات التي تقف وراء هذه الأعمال العنفية المتزايدة، والتي تؤدي إلى خلق أجواء من الخوف والذعر بين السكان.

ويتّهم سكان المدينة السلطات بـ"الفشل الذريع" في إحلال الأمن. في هذا الإطار، يقول واجد، وهو أحد الموظفين في البلدية، إننا "نعيش كابوساً مرعباً يومياً"، لافتاً إلى أن كل من يعمل في الحكومة حياته مهددة، لأن جميع المستهدفين إما موظفون في الحكومة، أو من أبناء الأقلية الشيعية، أو قيادات في الأحزاب الدينية.

ولا يختلف الأمر في المدن الباكستانية الأخرى كمدينتي كراتشي ولاهور. في الأولى على سبيل المثال، اغتيل أشهر المنشدين الصوفيين، ويدعى أمجد صابري، خلال شهر رمضان. وكان لاغتياله صدى كبير في الأوساط الشعبية والسياسية، إذ كان منشداً بارزاً في الموسيقى الدينية الصوفية المعروفة في الهند وباكستان بـ"القوالي"، بالإضافة إلى كونه ابن المنشد الشهير غلام فريد صابري. هكذا يبدو أن الجهود التي تبذل طفيفة، في ظل استمرار أعمال العنف.

دلالات