أستاذ تونسي ينهي حياته حرقا على طريقة "بوعزيزي"

14 يوليو 2016
أنهى حياته بسبب الإهانة (العربي الجديد)
+ الخط -

طردت وزارة التعليم العالي التونسية، بين عامي 2015 و2016، نحو 2500 أستاذ متعاقد، من بينهم عماد الغانمي، الذي قاد عددا من التحركات الاحتجاجية مع زملائه أمام الوزارة ورئاسة الحكومة، قبل أن يشتغل بائعا متجولا لتأمين لقمة العيش لعائلته. ولكن في ليلة عيد الفطر، تم حجز بضاعته، وإهانته، وفق رواية العائلة والمقربين منه، فسكب البنزين على جسده، وسط مركز للشرطة، ومات محترقا أمام أنظار أعوان الأمن.

وعمل التونسي عماد الغانمي (43 سنة)، من منطقة جبل "الأحمر" الشعبية في العاصمة التونسية، أستاذا جامعيا متعاقدا، وكان يستعد للحصول على الدكتوراه في تخصصه، قبل أن تنهي وزارة التعليم العالي تعاقده، الأمر الذي دفعه إلى أن يصبح بائعا متجولا، لكنه لم يتوقع يوما أن تلاحقه لعنة "بوعزيزي"، وأن ينتهي به المطاف منتحرا على طريقته.

والغانمي، أب لثلاثة أطفال، ويكفل والديه وشقيقته الأرملة التي توفي زوجها تاركا لها بنتين، إحداهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتم انتدابه للعمل أستاذا متعاقدا بالتعليم العالي لمدة 8 أعوام، وكان يساعد براتبه جميع أفراد أسرته، فهو الوحيد الذي أتم تعليمه.

وأمام هول الفاجعة وبشاعة ما حصل للغانمي، نظم زملاؤه من الأستاذة المتعاقدين جنازة رمزية، أمس الأربعاء، إلى مجلس نواب الشعب، وشُنت بالتوازي حملات على شبكات التواصل الاجتماعي للتنديد بما حصل.

شقيقة عماد، شريفة الغانمي، كانت تحاول استجماع قواها والحديث إلينا رغم الألم وعمق المأساة، تقول لـ"العربي الجديد"، إنّ شقيقها عماد لديه 3 أطفال، أعمارهم لا تتعدى 9 و7 و3 أعوام، كان متعلقا بهم إلى درجة كبيرة، وهاجسه تأمين عيش كريم لهم.


وقالت شريفة، إنّ عائلتها تتكون من 3 بنات وولدين، عماد، هو أكبرهم سنا، وكان طموحا ومقبلا على الحياة، مؤكدة أنه كان متفوقا في دراسته الثانوية والجامعية، وأن والدتها عملت كمنظفة لكي يكمل شقيقها دراسته، وبعد أن تخرّج من كلية العلوم في بنزرت، انتقل إلى فرنسا من أجل الدكتوراه التي كان يستعد لتقديمها ومناقشتها خلال هذا الشهر.

وأشارت إلى أنّ شقيقها أراد تأمين مصاريف العيد، إذ إنه لا يقبل أن تمر هذه المناسبة من دون أن يقدم لوالدته هدية مصاريف هذه المناسبة، مؤكدة أنه انتقل إلى محافظة صفاقس على متن دراجته النارية، وجلب كميات من السجائر لبيعها.

وبيّنت أن شقيقها قد يكون أساء الاختيار، ولكنه لا يستحق ما حصل له، معتبرة أن ما دفعه إلى الانتحار هو شعوره بالذل والإهانة، بعد حجز بضاعته وتعنيفه من قبل أعوان الأمن.

وأفادت أن عماد اتصل بصديقه بعد أن تم حجز بضاعته وسلمه بعض المال، مبينة أن هذا الأخير أوضح لهم أنه لاحظ آثار كدمات وتعنيف على ملامحه، وأنه كان مقهورا من سوء المعاملة التي لقيها.

وأكدت أنه في لحظة يأس قام بسكب البنزين وإشعال النار في جسده وسط مركز الحرس الوطني بالحنشة (صفاقس)، ورغم نقله إلى المستشفى إلا أن حالته كانت حرجة وفارق الحياة.

وأشارت الغانمي إلى أن شقيقها، كان ينتقد بشدة إقدام "البوعزيزي" على حرق نفسه، ويعتبر أن الانتحار سلوك غير مقبول، وأنه لم يتوقع يوما أن يحصل له نفس السيناريو ويموت بنفس الطريقة، مضيفة أن والدتها ومنذ وفاة شقيقها مصدومة.

وحمّلت وزير التعليم العالي ووزارة الداخلية المسؤولية، مطالبة بكشف ملابسات وفاة شقيقها داخل مقر مركز أمني، مشيرة إلى أنه لم يتم إسعافه بسرعه، وترك يحترق حتى تغيب الحقيقة، وأن الأعوان تخاذلوا في نجدة شقيقها.

من جهتها، حمّلت التنسيقية الوطنية للمساعدين المتعاقدين بالتعليم العالي، مسؤولية هذا الحادث إلى كل الأطراف السياسية التي لم تتعامل بجدية مع ملف المعطلين عن العمل، خاصة المساعدين المتعاقدين.

إلى ذلك، نفى مصدر مسؤول من إقليم الحرس الوطني بصفاقس، لوكالة الأنباء التونسية، أن يكون عماد قد تعرض للإهانة أو التعنيف من قبل أعوان الحرس.

وأكد أنه حضر لاسترداد بضاعته التي حجزتها إحدى الدوريات الأمنية والمتمثلة في ألفي علبة سجائر مهربة، وهدد بسكب البنزين وإضرام النار قبل أن يبدأ بالتنفيذ مهرولا داخل المركز، محاولا الارتماء على الأعوان، مما أدى إلى إصابة بعضهم.
دلالات