روسيا في رمضان

18 يونيو 2016
يجتمعون في موسكو حول مائدة إفطار (العربي الجديد)
+ الخط -
تختلف مظاهر شهر رمضان في روسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق. ففي حين تسود أجواء رمضانية حقيقية في الشيشان وتقلَّص ساعات العمل في جمهورية إنغوشيا، تستمرّ الحياة بشكل طبيعي من دون أي مظاهر على الإطلاق في كثير من المناطق. يُذكر أنّ في هذا العام، تزيد ساعات الصيام في العاصمة الروسية عن 19 ساعة، الأمر الذي من شأنه أن ينهك الصائمين أكثر.
يقدّر عدد المسلمين في تلك المنطقة بنحو 20 مليوناً، ويتركّز أكثرهم في الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة في شمال القوقاز، بالإضافة إلى جمهوريتَي بشكيريا وتتارستان، بينما يقيم نحو مليونَين في العاصمة موسكو بين مواطني البلاد والمهاجرين من آسيا الوسطى.

كريم، طالب شيشاني يقيم في موسكو منذ صغره. لا يشكو من طيلة ساعات الصيام، بقدر ما يفتقد الأجواء الرمضانية السائدة في الشيشان والإفطار الجماعي مع أقربائه وأداء صلاة الجماعة معهم. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "رمضان يتميّز في الشيشان بأنّ الجميع يصومه. هو شهر مهمّ جداً للجمهورية بأسرها. خلاله يجتمع الأقرباء لتناول الإفطار الجماعي، ثمّ يخرجون إلى الشوارع للتنزّه حتى صلاة الفجر. أمّا الأشخاص الأكثر التزاماً، فيقصدون المساجد لأداء صلاة التراويح".

أمّا الوضع في جمهورية بشكيريا، فيختلف كثيراً عما هو عليه في الشيشان، إذ نحو نصف سكانها من المسلمين "الإثنيين" ولا يمارسون بأكثرهم الشعائر. إليوزا طالبة من بشكيريا، تتابع دراستها في موسكو. تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الأجواء في رمضان في بشكيريا لا تختلف عن الأشهر الأخرى، إذ تستمر المطاعم في تقديم المشروبات الكحولية لمرتاديها، كذلك تواصل الملاهي الليلية عملها بشكل طبيعي".



من جهة أخرى، تشير إليوزا إلى أنّ قرارها وضع الحجاب، أثار نوعاً من الصدمة لدى ذويها وصديقاتها. لكنّ بعض المسلمات اللواتي اعتنقن الإسلام بعد بلوغهنّ، وجدن تفهماً أكبر من قبل عائلاتهنّ. أليسا مثال على هؤلاء. هي شابة روسية اعتنقت الإسلام في السادسة والعشرين من عمرها، وقد أبدت عائلتها المسيحية تفهماً كاملاً محترمة خيارها. تقول لـ"العربي الجديد": "قبل اعتناق الإسلام، قرأت كثيراً عن المسيحية والبوذية، إلى أن وجدت في الإسلام إجابات عن أسئلتي. وقد شعرت بالارتياح عندما ارتديت الحجاب". وتشير إلى أنّ المرأة المحجّبة لا تتعرّض لمضايقات في موسكو، باستثناء خضوعها أكثر من غيرها لإجراءات التفتيش عند دخول المراكز التجارية في بعض الأحيان.

لا تقتصر متاعب الصائمين في موسكو على ساعات الصيام الطويلة، بل ثمّة صعوبة أيضاً في أداء الشعائر، نظراً لعدم وجود أماكن مخصصة لذلك في مراكز العمل. لكن وجيز، شاب مسلم ولد في موسكو فيما ترجع أصوله إلى تتار نيجني نوفغورود، لا يعاني من ذلك. عمله كباحث في أحد المعاهد التكنولوجية في موسكو، يتيح له أداء الصلاة من دون أيّ مضايقات. يقول لـ"العربي الجديد": "أؤدي الصلاة من دون إظهار ذلك أمام الزملاء. لكن في حال سألوني، لن يسبّب الأمر بأيّ مشكلة". ويشارك وجيز في كل الفعاليات الإسلامية التي تنظّم في موسكو، وقد تطوّع على سبيل المثال لتوزيع وجبات الإفطار على الصائمين في الخيمة الرمضانية بجوار المسجد التذكاري في منطقة تلّ بوكلونايا غورا.

تُعَدّ مثل هذه الفعاليات الفرصة الوحيدة للشعور بأجواء رمضان، لا سيما المشاركة في الإفطار الجماعي الذي يجمع مهاجرين من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، توجّهوا إلى روسيا بحثاً عن الرزق. حسين على سبيل المثال، مهاجر أوزبكي وصل إلى موسكو قبل نحو شهر للعمل في أحد مواقع البناء. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا أوّل رمضان لي في الغربة. أفتقد أسرتي وأبنائي كثيراً، لكنّ الأهم هو توفّر فرصة عمل. وبعد دوامي، أتوجّه إلى الخيمة الرمضانية لتناول الإفطار".