على طرقات اليمن

20 ابريل 2016
يعمل على إصلاح الطريق (العربي الجديد)
+ الخط -

يعمل مئات اليمنيين في الأودية الواقعة بين المناطق الجبلية والساحلية، في ترميم الطرقات الترابية والأسفلتية بهدف تأمين مرور سيارات المسافرين بسهولة، بعدما توقف التمويل لإصلاحها منذ بداية الحرب في البلاد. أحياناً، يستمر عمل هؤلاء الأشخاص لفترات طويلة بسبب الأضرار الكثيرة، ولاسيما بعد هطول الأمطار وتدفق السيول من المنحدرات الجبلية، والتي تحمل كميات كبيرة من الصخور والأتربة، فتسد الطرقات وتعيق مرور السيارات. صباح كل يوم، يحملون مجارفهم ويتوجهون لإصلاح الطرقات لمساعدة الأهالي، والحصول على ما تيسر من أموال من سائقي السيارات، علّهم يستطيعون تأمين احتياجات أسرهم الأساسية.

كان أحمد السارعي (26 عاماً) يعمل في إصلاح الطرقات بين الحين والآخر، كونه أحد سكان مديرية خميس بني سعد في محافظة المحويت (غرب). لكنه اليوم، وجد نفسه ملزماً بهذا العمل بشكل يومي بعدما توقفت غالبية الأعمال في المدن والأرياف. يقول: "كنت أعمل في مجال البناء وأتقاضى أجراً يومياً، وعادة ما تكون مثل هذه الأعمال في محافظة الحديدة أو المحويت. إلا أن الحرب أدت إلى إيقاف جميع الأعمال. لذلك، صرت أعتمد على ما أحصل عليه من قبل فاعلي الخير أو سائقي السيارات، في مقابل تهيئة الطرقات وملء الفجوات المعيقة للسير بالتراب والصخور".

تجدر الإشارة إلى أن السائقين ليسوا ملزمين بتقديم المال لمن يهيّئ لهم الطريق. إلا أن السائقين اعتادوا الأمر حتى لو لم تكن الطرقات في حاجة إلى إصلاح. ويوضح السارعي لـ "العربي الجديد": "أعيش وأسرتي في ظروف صعبة للغاية، حتى أنني لا أستطيع السفر إلى المدينة للبحث عن عمل كالعادة لعدم توفر ثمن المواصلات. لذلك، أعمل في إصلاح الطرقات في مقابل الحصول على مبالغ زهيدة". ويشير إلى أن متوسط ما يحصل عليه كل يوم لا يتجاوز الـ 300 ريال يمني (أكثر من دولار واحد). في الوقت نفسه، قد يحصل على مبالغ أكبر من فاعلي الخير من حين إلى آخر.

ويشرح السارعي: "يتوقف سائق السيارة ليشكرني ويعطيني بعض المال. فيما يكتفي من لا يستطيع إعطائي شيئاً بعبارات الشكر، أو التلويح بيده من بعيد. وهذا يشعرني بالسعادة أيضاً". ويلفت إلى أن الحرب أثرت سلباً على سائقي السيارات، كما أن انعدام المشتقات النفطية قلل من تنقل السيارات بشكل عام، الأمر الذي أدى إلى تراجع دخلهم اليومي.



من جهته، يقول الطفل خالد عبد الكريم (15 عاماً) إنه يتولى المهام نفسها للحصول على المال، مؤكداً أنه في معظم الفترات، لا تحتاج الطرقات للإصلاح، ولا يكون العمل مرهقاً إلا في مواسم الأمطار. يعمل في أحد وديان منطقة سارع في محافظة المحويت في رعي الأغنام. خلال هذا الوقت، يحمل المجرفة لتسوية الطرقات عله يحصل على بعض المال. يقول لـ "العربي الجديد": "أثناء جلوسي عند جانب الطريق لحماية أغنامي، أعمل على تسوية الطرقات".

بدوره، يقول السائق الذي يعمل على طريق المحويت - الحديدة علي أبو كمال إن كثرا من سكان الأودية يعملون كمتطوعين لإصلاح الطرقات أو مساعدة السيارات العالقة في المستنقعات المائية التي تخلفها الأمطار. ويشير إلى أن هؤلاء العمال المتطوعين يساعدون أصحاب السيارات، موضحاً أنه "حين يغيب هؤلاء، نضطر للنزول بأنفسنا لرفع الصخور وجرف مخلفات السيول التي تعيق حركة السيارات".

أيضاً، يتولى بعض الأهالي في القرى النائية في المناطق الجبلية أعمال صيانة الطرقات المتضررة جراء سيول الأمطار. وبسبب وعورة الطرقات وصعوبة وصول الشاحنات والجرافات، يعتمد الأهالي على الأدوات التقليدية لإصلاح الطرقات مثل المجارف والمعاول وتفتيت الأحجار يدوياً ورصّها من دون استخدام الإسمنت.

مبادرة 1998

تفيد تقارير صادرة عن الصندوق الاجتماعي بأن 34 مديرية في اليمن نفذت 1998 مبادرة ذاتية أطلقها الأهالي من خلال استخدام الموارد المتوفرة محلياً. وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين عامل من أصل خمسة ملايين هم القوى العاملة الإجمالية في البلاد، كانوا قد سرحوا من أعمالهم بسبب تداعيات الحرب بحسب نائب رئيس الاتحاد العام لعمال اليمن جمال السنباني.