أكملت محافظة دير الزور في شرق سورية، الأسبوع الماضي، عامها الأول من دون وصول التيار الكهربائي إلى شوارعها وأحيائها ومنازلها. يتعذر ذلك بسبب استمرار الأعمال العسكرية لكلّ من النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وهو ما يزيد من معاناة أهالي المدينة في المناطق الخاضعة للطرفين.
يقول الناشط في دير الزور عامر هويدي لـ "العربي الجديد": "قبل نحو عام، أقدم عناصر تنظيم داعش على قطع التيار الكهربائي عن مطار دير الزور العسكري وحي هرابش، الخاضعين للنظام، لمدة خمسة أيام. ويأخذ المطار والحيّ تغذيتهما من حقل التيم للكهرباء ومحطة العمران اللذين يسيطر عليهما التنظيم". يتابع: "رد النظام على ذلك، بأوامر من قائد القوات النظامية في المنطقة الشرقية اللواء محمد خضور، بقصف محطة كهرباء الدوير في ريف البوكمال عبر الطيران الحربي، ما تسبب بقطع الكهرباء عن البوكمال والميادين. لاحقاً في اليوم نفسه، قطع التنظيم الكهرباء من حقل التيم عن محطتي الإذاعة والقصور فانقطعت الكهرباء عن مناطق سيطرة النظام. ليبادر الأخير بعدها إلى قطع الكهرباء التي تصل إلى محافظة دير الزور عن طريق خط التوتر 400 من محطة جندر في حمص والمحطات التي تغذي الخط. وبذلك، لم يعد التيار الكهربائي يصل إلى أيّ مكان في محافظة دير الزور بمدينتها وريفها".
يلفت هويدي إلى أنّ "النظام عمد بعد ثلاثة أشهر من تلك الحوادث، أي في يونيو/حزيران 2015، إلى إعادة تشغيل المولدات الموجودة في محطة الإذاعة في قرية البغيلية التي يسيطر عليها تنظيم داعش الآن. وهي ثلاثة مولدات بقدرة 9 ميغاواط. عملت لمدة عشرة أيام فقط، وبمعدل ساعة واحدة لكلّ خط في اليوم، ثم توقفت بعدها بحجة عدم توفر مادة المازوت، علماً أنّها تستهلك في اليوم الواحد نحو سبعة آلاف لتر من المازوت".
يشير إلى أنّ "النظام يستخدم اليوم المولدات الكهربائية في قطعه العسكرية وفروعه الأمنية ومقر المحافظة ومقرات المليشيات الموالية له. أما الأهالي في أحياء الجورة والقصور والموظفين وهرابش الواقعة تحت سيطرة النظام، فيعتمدون على بطاريات الإنارة الصغيرة والمتوسطة، وليست لديهم القدرة على استخدام الأجهزة المنزلية الكهربائية".
يضيف: "بات في المدينة محلات مخصصة لشحن أجهزة الهاتف المحمول وغيرها. يكلف شحن الجهاز 100 ليرة سورية (0.20 دولار أميركي)، ومثله شحن بطارية الإنارة الصغيرة، أما المتوسطة والكبيرة فكلّ ساعة بـ200 ليرة (0.40 دولار). ويستغرق الشحن 4 ساعات أحياناً". يوضح أنّ "الأهالي اليوم عاجزون عن تشغيل المولدات الكهربائية الخاصة، بسبب غلاء أسعار الوقود إن وجد. فسعر لتر المازوت 1700 ليرة (3.40 دولارات) والبنزين 3700 ليرة (7.40 دولارات)".
يؤكد هويدي أنّ انقطاع التيار الكهربائي تسبب بتوقف شبه كلي لمحطات المياه. ويقتصر عمل تلك المحطات حالياً على مرة واحدة كل أربعة أيام في حال توفر المازوت. وإذا عملت فإنّ ضغطها خفيف لا يوصل المياه إلى العديد من المناطق. كذلك، توقفت الأفران، وهو ما أدى إلى نقص خطير في الخبز. ويحذر أنّ الصيف بات على الأبواب وستكون درجات الحرارة المرتفعة فيه وبالاً على سكان المحافظة.
بدورهم، يؤكد ناشطون معارضون أنّ "النظام أجبر جميع مؤسسات الدولة على التخلي عن مهامها، فباتت القوات النظامية والمليشيات الموالية تتاجر بحاجات المواطنين الأساسية، من المواد الغذائية والطبية إلى الوقود، وحتى إمكانية الخروج من أحياء المدينة المحاصرة يتقاضون مقابلها مئات آلاف الليرات. يضاف إلى ذلك إجبار شباب المحافظة على القتال في صفوف النظام".
يضيف هؤلاء أنّ "أهالي دير الزور يعانون من ظلم سيذكره التاريخ. فالتنكيل بهم وتجويعهم واستغلالهم وقتلهم مستمر بأبشع الصور، في وقت يغض المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية النظر عن هذه الكارثة الإنسانية".