بحيرة ساوة جنوب العراق تصارع من أجل البقاء

22 مارس 2016
دعوات للاهتمام بالبحيرة (العربي الجديد)
+ الخط -
تعد بحيرة ساوة (جنوب العراق) واحدة من عجائب الطبيعة، تلقب بـ "أم الأسرار"، وهي مثار دهشة السكان وحتى العلماء، نُسجت حولها أساطير لاتزال متداولة بين سكان محافظة المثنى، إلى اليوم.

تقع هذه القطعة الساحرة، في الجنوب الغربي من مدينة السماوة، عاصمة محافظة المثنى، وهي امتداد لصحراء البادية الجنوبية، والبحيرة عبارة عن حوض مغلق ومحصور من جميع الجهات، ولا يوجد مخرج لمياهها.

وبحسب معلومات صرحت بها مديرية بيئة المثنى لـ"العربي الجديد"، يبلغ محيط البحيرة 11 ألفاً و300 كيلومتر، ويبلغ ارتفاعها 17 متراً عن مستوى سطح البحر، وتتراوح درجات الحرارة المئوية في هذه المنطقة، ما بين 47 إلى 48 خلال فصل الصيف، أما الرياح في المنطقة، فهي شمالية غربية وجنوبية شرقية، وسرعتها 50 كم/ساعة.

ولفتت المديرية إلى أنه "من السابق لأوانه التكهن بتاريخ التكوين الجيولوجي لبحيرة ساوة، مشيرة إلى إشكالية التحديد المكاني، هل المقصود ساوة الموجودة في المثنى أم في إيران أو اليمن".

وأضافت أن "جميع الوقائع العلمية والفرضيات حول تكوين هذه البحيرة، يضرب بجذوره في القدم، ويعود إلى زمن البلايوسين، حيث كانت المنطقة الجنوبية، خصوصاً القرنة، والرميلة، والبصرة، والزبير، والكفل، والسماوة، والشامية، مغطاة بمياه مالحة، شبة معزولة عن مياه البحر، بواسطة حاجز قد يكون موقعه في منطقة السيبة في البصرة".

وتابعت أن "اختلاف التكوين الحراري، بين الفصول وقلة الأمطار، جعل مياه تلك البحيرة الكبيرة تتبخر"مرسبة" أملاحاً عديدة، حيث تفقد من مائها نتيجة التبخر 30 سنتيمتراً في فصل الصيف، عن مستواه في فصل الشتاء، ويمكن حصر الرواسب فيها بالجبس وملح الطعام".

وأوضحت المديرية أن طبيعة هذه المنطقة، التي هي عبارة عن صخور كلسية، وعلى شكل طبقات ممتدة حتى منطقة السلمان، وعلى أعماق كبيرة، قد تصل إلى 100 متر وهي مقالع منذ عام 1958 ولحد الآن، كما أن مياه بحيرة ساوة، هي مياه ينابيع وعيون ذات تدفق طبيعي، وعلى أعماق مختلفة، وتبلغ أعمق نقطة فيها 5.20 أمتار.

تحتوي مياه البحيرة على نسبة عالية من الأملاح المذابة. وبلغت التوصيلة لهذه المياه 18 ألفاً و455، وعند مرور هذه المياه بين المسامات الموجودة بين أجزاء الأجسام المفككة، تترسب بعض الأملاح من محاليلها، وتستقر بين الأجزاء فتعمل على تماسكها كمادة لاصقة قوية.

في الجانب الشرقي المقابل للبنايات، وعلى عمق متر واحد، توجد طبقة لا يزيد سمكها عن 27 متراً، صفراء اللون وملساء، بعد إزالة دائرة بقطر 50 سنتيمتراً، تظهر طبقات من حجر الكلس الصلد، على أشكال سداسية، وغير مستوية وذات لون أبيض، عند النظر إليها للوهلة الأولى يعتقد بأنها عبارة عن بلورات ملحية، وعند وضعها في منخل خشن وفركها داخل الماء، لإزالة العوالق منها تبين أنها أحجار كلسية صغيرة، وتكررت الحالة في أكثر من عشرة مواقع مختلفة من سطح البحيرة، وعلى أعماق مختلفة فظهر نفس التكوين.

يعيش داخل البحيرة نوعان من الأسماك، وفي بعض الكهوف المحورة والمكيفة للمعيشة في البحيرة، ومواطنها الأصلية المحيط الهادئ، وبعض جزر الهند والبحر الأحمر، مما يؤكد أن مياه الخليج على اتصال بهذه المناطق، وظلت طيلة هذه الفترة، وعلى مدى حقب زمنية، بالإضافة إلى سمك الكمبوزياء وطحلب الكلادافورا.

من جهته، قال حيدر العوادي، مدير منظمة ساوة في محافظة المثنى لـ"العربي الجديد"، تشكل بحيرة ساوة، معلمة تاريخية وسياحية، لذلك يهتم بها سكان المحافظة ويتمنون استثمارها بالشكل الأمثل، حيث تقصدها العوائل والشباب للترفيه في بعض المناسبات، كالأعياد أو يوم النوروز، مشيراً إلى أن منظمة "ساوة" لحقوق الإنسان، نظمت ندوة حوارية مع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، للدعم باتجاه جعل البحيرة منطقة محمية، للحفاظ عليها قبل أن تصبح من ذكريات الماضي.

وأضاف المتحدث، أن بحيرة ساوة، تعتبر لغاية الأعوام القليلة الماضية محطة استراحة للخط الملاحي للطيور المهاجرة، والقادمة من دول الجوار والبلدان الأخرى منها "الغطاس الصغير، البجع الأبيض، أبو قردان، اللقلق الأبيض، أبو منجل الأسود، أبو ملعقة، النحام الكبير، صياد السمك، الهدهد، السنونو"، لما تتميز به من وفرة الأسماك، الغذاء الأساسي لهذه الطيور، ومختلف الحشرات القشرية.

وتشير الدراسات المفصلة لتاريخ تكوين البحيرات المغلقة، إلى أن مصير بحيرة ساوة أو كما يطلق عليها السكان المحليون أم الأسرار، البخيلة أو البطة، زائل لا محالة ما لم تحظ بالعناية والاهتمام الكافيين.

اقرأ أيضاً: محمية سيدي بوغابة في المغرب.. مأوى الطيور المهاجرة

المساهمون