ميرنا غناجه: لا تهملوا صدمات أطفال الحروب

22 مارس 2016
حاربتُ وما زلتُ من أجل تدخّل اختصاصيين (حسين بيضون)
+ الخط -

تتمادى الحروب والصراعات في منطقتنا العربيّة، من دون أي إشارة إلى احتمال انقضائها في القريب. وتتمادى كذلك معاناة ضحاياها، لا سيّما الصغار الذين خبروا صدماتها. متابعة هؤلاء ضرورة، وإلا...

عندما نالت الدكتورة ميرنا غناجه و"جمعيّة العناية بأطفال الحرب" التي تترأسها، جائزة الجمهوريّة الفرنسيّة لحقوق الإنسان لعام 2008، عدّت ذلك "شرفاً كبيراً لفريقنا، يمدّنا بالأمل حتى نكمل نضالنا". نضالها هذا، يصبّ في خدمة أطفال الحروب، حرصاً على صحتهم العقليّة ورفاهيتهم النفسيّة وحرصاً على المستقبل.

منذ عشرين عاماً، ترفع غناجه المتخصصة في علم النفس العيادي لواء أطفال الحروب وأهميّة متابعتهم النفسيّة، إلى جانب مهامها الأخرى اليوم، كرئيسة قسم علم النفس في جامعة القديس يوسف في بيروت وكأستاذة محاضرة في علم النفس العيادي وكخبيرة مستشارة معتمدة لدى وزارة العدل اللبنانية.

لا تجزم غناجه بهدوئها المتميّز، بأيّ أمر إلا بضرورة اللجوء إلى متخصصين لمتابعة حالات الصدمات لدى الأطفال. لذا، عند سؤالها عن مدى تأثير الهجرة المحفوفة بالمخاطر التي يلجأ إليها اليوم السوريون والعراقيون وغيرهم من الهاربين من حروب أوطانهم، على الأطفال، تقول إنّ "ثمّة أطفالاً يملكون استعداداً أكثر من سواهم للتأثّر نفسياً وبالتالي للمعاناة النفسيّة. يمكن القول إنهم أطفال ضعفاء هشّون على الصعيد النفسي. بالتالي، قد نجد لديهم أعراض الاكتئاب أو أعراض أكثر دقة على الصعيد النفسي مرتبطة بحالة الأطفال الذين يعانون من قلق حاد من الانفصال، خصوصاً عندما يواجهون الموت، بالإضافة إلى أعراض أخرى من قبيل خسارة تقدير الذات إلى جانب أعراض الاكتئاب". تضيف: "عندما يكون قلق الانفصال كبيراً جداً، من شأن ذلك أن يمنع الأطفال عن التركيز. وهو ما يزيد على سبيل المثال، من احتمالات المشاكل الدراسيّة في المدارس. ولا بدّ من أن ندرك شيئاً مهماً هو أننا قد نجد كل الأعراض الممكنة عند الطفل الذي تعرّض للصدمة، لكنها ليس لها مدلول أحادي المعنى. لذا عندما لا نكون اختصاصيين، من الصعب أن نعرف إذا كان الطفل قد تعرّض لصدمة أم لا. هذا يعني أنه منذ البداية، لا بدّ من أن يهتمّ اختصاصيون بهؤلاء الأطفال. بالنسبة إليّ هذا أمر في غاية الأهميّة، لكن للأسف، هذا ليس رأي المنظمات الدوليّة".

هرم يستبعد الاختصاصيين

وكانت غناجه قد شاركت في الندوة الدوليّة حول النشأة في النزاعات وأثرها على الصحة العقلية للأطفال ورفاهيتهم النفسيّة، التي عُقدت في لاهاي في مايو/أيار 2015، والتي عُرضت خلالها "دلائل اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات بشأن الصحة العقليّة والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ" التي ترتكز عليها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف). بحسب هذه الدلائل، ثمّة هرم من أربع طبقات أو مستويات، يظهر فيها أنّ الاختصاصي النفسي لا يتدخّل إلا في المرحلة الأخيرة. بالتالي، أمور كثيرة لا بدّ من أن يؤمنها المجتمع بحد ذاته. وهذا ما لا تؤيده غناجه.

تفصّل غناجه الهرم، شارحة أنّ "في المستوى الأوّل، يقدّرون أن الأطفال بأكثريتهم سوف يتصرّفون بطريقة طبيعية من دون حاجة إلى تدخل اختصاصيين. في المستوى الثاني، يستهدف التدخّل الأطفال الذين لا يملكون أي دعم عائلي، والذين هم في حاجة إلى المساعدة فقط من خلال تدخّل المجتمع وليس من قبل اختصاصيين نفسيين. وتدخّل المجتمع ودعمه يعني تدخّل ناطور البناية وصاحب الدكان وغيرهما من مكوّنات المجتمع. على الجميع تعلّم كيفية التصرف مع الأطفال. هي توصية على الصعيد الدولي. علينا أن ندرّب المجتمع على التدخّل. بالنسبة إليّ، لا بدّ من وجود متخصصين لتدريبهم على كيفية التصرف مع هؤلاء الأطفال. أما في المستوى الثالث، فيأتي الأطفال والعائلات الذين هم في حاجة إلى تدخّل على مستوى فردي، وهذا التدخّل يكون هذه المرّة من خلال أشخاص على هامش التخصص سبق وتلقوا تدريباً للتدخّل على الخط الأول. وفي المستوى الرابع والأخير، نسبة صغيرة لكن مهمة من الناس الذين على الرغم من الدعم، قد يعانون من مشاكل كبيرة. هذه المجموعة تشمل خصوصاً الأطفال الذين كانوا يعانون من مشاكل سابقة، أي قبل الصدمة، وقد تفاقمت تلك المشاكل من خلال الحرب والتهجير. فقط هذه المجموعة تستفيد من متابعة متخصصة".

بالنسبة إلى غناجه، "أنا حاربت وما زلت من أجل تدخّل الاختصاصيين، لكن هؤلاء في حاجة إلى ميزانية ليست بسيطة. وفي حال كانت ثمّة كارثة مثلما هو حاصل اليوم في سورية، من المكلف جداً للمجتمع الدولي أن يؤمّن اختصاصيين لكل الأطفال". تضيف أنّ "تأهيل المجتمع وتدريبه ليس عملاً بديهياً وسهلاً. ومنظمة الصحة العالمية أعدت في هذا الإطار تدريباً للمنظمات غير الحكومية. يُطلب من الناطور أن يستمع إلى المتضرر وأن يستوعب حالته، فيما هو ربما في حاجة إلى من يستمع إليه. لكن للأسف، هذا ما هو حاصل اليوم على الصعيد العالمي. لذا، عندما تعمل جمعيات مثل جمعيتنا، بفرق من المتخصصين، تظهر كأنها وافدة من غير كوكب".

في ندوة لاهاي، عرضت غناجه للجمعية ولعملها مع أطفال الحرب ولحالات سريرية. تقول: "بالنسبة إلى المجتمعين، كان الأمر نوعاً من ترف لا يطبّق على الجميع، لذا لا بدّ من التفكير بطريقة مغايرة. وتأتي تلك الدلائل التي تتبعها الوكالات العالمية في البلدان المأزومة، عموماً. وهي تُطبّق في سورية".

اقرأ أيضاً هَنا عازار: نقف حائرين أمام التوحّد الذي يعزل أطفالنا

الطفل والأهل والحرب

قبل أكثر من 12 عاماً، نشرت غناجه بالفرنسيّة كتابها "الطفل والأهل والحرب. دراسة سريريّة في لبنان". هو اليوم من الكتب النافدة، "لكنني لا أملك الوقت لتنقيحه من أجل طبعة جديدة. هو يتناول تأثير الأهل. إذا كان هؤلاء مضغوطين نفسياً، بالتأكيد يصبح أولادهم كذلك. أما إذا شعر الأهل بأنهم قادرون على مواجهة الضغوط ويملكون الوسائل لذلك، فهذا من شأنه أن ينعكس إيجابياً على الأولاد. الطفل يشعر بأنّ أهله أكثر أماناً. عموماً، الأطفال المضطربون، يكون أهلهم مضطربين. والأطفال المتماسكون، يكون أهلهم متماسكين. وهؤلاء هم أهل تحكّموا بقلقهم وهم بالتالي قادرون على الكلام وعلى التعبير عما حصل وعما عاشوه". لكنها تشدد على أنّ "الأمر ليس أوتوماتيكياً. الأشخاص الذين عانوا، سوف يدافعون عن أنفسهم في مرحلة أولى، من خلال الإنكار. وهذا أمر طبيعي. هم في حاجة إلى الوقت ليتمكنوا من التكلم عما شهدوه".

هجرة محفوفة بالمخاطر

يتصدّر موضوع لجوء وهجرة السوريين والعراقيين وغيرهم من شعوب المنطقة، اهتمامات المعنيّين والعامة على حدّ سواء. لم تعمل غناجه مع اللاجئين في لبنان، إلا أنّ متخصصات في الجمعية عملن معهم، وقد لمسن أنّ "لهؤلاء مشاكل كبيرة لا سيّما في المدارس. والأمر لا يتعلق فقط بمشاكل استيعاب ومشاكل دراسيّة، هي في الأساس اجتماعية. المناهج جديدة تُضاف إلى مشاكل نفسيّة، وهذا ليس سهلاً على الطفل ولا بديهياً. وقد طُلب منّا العمل مع المدرّسات والمدرّسين الذين يعرفون أيضاً من جهتهم أوضاعاً ليست بسهلة".

وعن تأثّر الأطفال بالهجرة المحفوفة بالمخاطر في البحر وعلى الطرقات العابرة للحدود وسط ظروف صعبة، تقول غناجه إنّ المهاجرين "يرمون بأنفسهم في البحر. هم في شدّة كبيرة وضيق لا يُحتمَل وارتباك عظيم، لدرجة أنّ كلّ شيء بالنسبة إليهم أفضل من البقاء حيث هم.. في أرضهم. لا أظنّ أنهم يقيسون حجم المخاطرة التي يخوضونها". تضيف: "وما يعانيه الأطفال خلال هذه الرحلات، يفاقم من سوء حالاتهم، لا سيّما مع ظروف تنقّلهم القاسية والمرعبة. في تلك المراكب، ما الذي يشعر به الأطفال في دواخلهم، لا يمكن معرفته إلا من خلال متابعتهم بعد رحلاتهم تلك. لكن لا بدّ من أنهم يشعرون بخطورة ما يعيشونه. وهذا من شأنه أن يجعلهم قلقين بالتأكيد، إذ ثمّة فقدان للشعور بالأمان". وهل وضع الذين اختبروا ذلك، أسوأ من آخرين شهدوا الحروب من دون هجرة خطرة؟ تردّ غناجه أنه "من غير الممكن الإجابة عن ذلك. يجب متابعة كلّ حالة وكلّ طفل على حدة. لا يمكن الجزم بأنّ كلّ الأطفال الذين خبروا هذا النوع من الهجرة وهذه المخاطر، أكثر اضطراباً من هؤلاء الذين لم يفعلوا".

البداية من قانا

وغناجه كانت قد بدأت بالعمل مع الأطفال الذين يعانون من صدمات الحرب غداة "مجزرة قانا" في عام 1996، وقريباً تحتفل "جمعيّة العناية بأطفال الحرب" التي تترأسها بعامها العشرين في هذا المجال. في 18 إبريل/ نيسان من ذلك العام، قصف الاحتلال الإسرائيلي مقراً لقوات حفظ السلام "يونيفل" العاملة في بلدة قانا (جنوب لبنان) والذي لجأ إليه مدنيون هربوا من عمليّة "عناقيد الغضب" التي كانت تشنّها إسرائيل على لبنان. على الأثر، أرسلت فرنسا فريقاً من الاختصاصيين إلى الجنوب. "في تلك الفترة، كنتُ لا أزال طالبة ورافقتهم. عملنا على تقييم الاضطرابات النفسية، ووجدنا أنّ الناس في حاجة إلى متابعة. وبهدف تأمين استمرارية للرعاية النفسية، أنشأنا مراكز في صور والنبطية (الجنوب) وبيروت. ومع الوقت، تزايدت نشاطاتنا وتحوّلنا سريعاً إلى مستوصفات للصحة العقليّة. لم نعد نهتم فقط بأطفال الحرب. في لبنان، ما من مستوصفات للصحة العقلية، أما المعاينة النفسيّة فمكلفة جداً. لذا نحن اليوم نستقبل الجميع".

كذلك، كان للجمعيّة دور بُعيَد عدوان يوليو/تموز 2006، فيما تواجه مشكلة كبرى في التمويل. تقول غناجه: "ثمّة مواضيع كثيرة على الموضة. عندما تعمل عليها الجمعيات، يمكنها الحصول على تمويل أسهل وأسرع، من قبيل الاستغلال والاعتداءات الجنسية. في عام 2005، رأينا نفسنا نقدّم مشروعاً أمام الاتحاد الأوروبي حول هذا الموضوع، حتى نحصل على تمويل يمكّننا أيضاً من تأمين ما يساعدنا على متابعة أطفال الحرب. هكذا، دخلنا أيضاً في مجال ليس من السهل معالجته في لبنان. تقدّمنا فيه، لكنه زاد حملاً ثقيلاً على أحمالنا الأخرى. واليوم لم نعد قادرين على التراجع، لأن ثمّة عقداً مع وزارة العدل في إطار الجمعية، وأطفال كثر يحوّلون إلينا من قبل قضاة الأحداث من أجل استشارات. ونؤمّن كذلك متابعة لهؤلاء الأطفال". وتشير إلى أنه "من أطفال الحرب (وهذا تخصصنا) انتقلنا إلى كلّ أنواع الصدمات. ومن بين اللاجئين أيضاً، فتيات عديدات وقعن ضحية الاغتصاب والاعتداءات الجنسية".

اقرأ أيضاً: أبونا مارون.. نذر نفسه لله والإنسان

مفهوم مبهم وضبابي

مع انتشار مشاهد الحروب العنيفة عبر وسائل الإعلام، ومع سهولة اطلاع الأطفال عليها، تقول غناجه إنّ "هؤلاء يتأثرون أحياناً بها كما الذين عاشوها بالفعل. وهذا ما بيّنته دراسات مختلفة. لذا يجب على الأهل الانتباه جيداً، وعدم تعريض أولادهم إلى صور قاسية. يجب مراقبة كلّ شيء". تضيف: "إذا كان الأطفال قد عرفوا صدمة حرب وشاهدوا صوراً ذات صلة، فإن هذه الأخيرة من شأنها أن تحيي كلّ ما سبق وعاشوه. مثال على ذلك الأطفال ضحايا قانا (1996). خلال عدوان يوليو/ تموز 2006، تعرّضت بلدة قانا للقصف بالإضافة إلى مناطق مجاورة. وقد أعاد ذلك إحياء كلّ ما خبروه. عادوا وانتكسوا. يجب الانتباه. لا يمكن للمرء أن يتنبّه لأي شيء، لكن لا بدّ من أن يكون واعياً. ثمّة خطر دائم من التعرّض لانتكاسة".

وتشدّد غناجه على "وجوب توفّر اختصاصيين بقدر المستطاع. لكن هذا أمر صعب إذ يتطلب قدرات كبيرة. هنا تكمن المشكلة. يمكننا تدريب المدرّسين لاكتشاف الحالات في المدارس في فترة أولى ومرافقتها، وفي وقت لاحق الاهتمام بمن هم في حاجة إلى متابعة. وهذا ينسحب على وضع اللاجئين. بعض المدارس تتنبه لهذه الأمور، لكنها قليلة". وتوضح أنّ "الأمر يتطلب ميزانية كبيرة. صحيح أنّ المنظمات العالمية تؤمّن تمويلاً، من قبيل اليونيسف. لكن التمويل هو أكثر للنشاطات النفس-اجتماعية. وهذا مفهوم مبهم وضبابي من وجهة نظري. هو يعني نشاطات ترفيهية بأهداف علاجية. وهذا يؤدي إلى ارتباك: ما هو فعلاً ذلك الذي يأتي تحت عنوان نفس-اجتماعي، ومن هم المتدخلون هنا؟ لا يوجد دائماً متخصصون، وقد يكون ذلك من خلال أشخاص مدرّبين من قبل متخصصين. هل هذا كافٍ؟ بالنسبة إليّ، لا شكّ في أنّ المتخصص أفضل بأشواط. المساعدات الاجتماعيات يعددن أحياناً برامج بأهداف علاجية، لكن لا بدّ من أشخاص على دراية بالصحة العقلية". وتشير إلى أنّ "المنظمات العالمية غير الحكومية شغّلت عدداً لا بأس به من المتخصصين في علم النفس. لا يمكن القول أنه لم يكن من جهد، لكن السؤال يُطرح: هل هذا يكفي؟".

وتلجأ إلى عمليّة حسابيّة: "لنقول أنّ ثمّة مليون و500 ألف لاجئ سوري في لبنان، وثلاثة في المائة منهم فقط في حاجة إلى متابعة متخصصة. هذا يعني 45 ألفاً. كم متخصص يحتاج هؤلاء؟ وكم متخصص قادر على متابعتهم؟"

علاج بالفنون

على لوائح انتظار الجمعيّة، أسماء كثيرة. صحيح أنها مرّت بظروف دقيقة، إلا أنها تمكّنت من المحافظة على مراكزها في المناطق. "كانت فترات أصعب من غيرها، لكننا ما زلنا مستمرّين، من دون أن ندّعي أننا قادرون على تغطية كلّ الحاجات. ليس من السهل تأمين التمويل". وتؤكد أنّ "التمويل يأتي سريعاً في الحروب وحالات الطوارئ، لكنه سريعاً أيضاً يتوقّف. على سبيل المثال، بعد عدوان 2006، كان عملا فرديا مع كلّ طفل ومع مجموعات معالجة بالفنون في المدارس. تابعنا ذلك خلال ثلاثة أعوام. هذا يساعد، خصوصاً الأطفال الذين لا يعبّرون عن أنفسهم بسهولة وبحاجة إلى وساطة مثل الرسم والمعجون وغيرهما".

ثمّة فورة أخيراً في مجال "العلاج بالفنون"، وبالنسبة إلى غناجه "لا نعلم أين تدرّبوا. هذه تقنيّة، ومن الأفضل الاستناد إلى أساس ما. كيف أعمل إذا كنت لا أستطيع تحديد وضع طفل ولا أعرف ما هي أعراض الصدمة؟". تضيف: "الأمور غير منظمة. إذا لم تأتِ المتابعة مناسبة، فإن لذلك تبعاته على الطفل الذي يبقى هشاً حساساً. وفي حال صادف حالة صادمة، فإنه سوف يتراجع ويعاني من نكوص".

هم المستقبل

غناجه التي اهتمّت بشؤون الأطفال مذ انطلقت في حياتها العملية، تعيد تفضيلها التركيز على الأطفال إلى "أنني عملت مع هؤلاء خلال فترات التدريب. وقرّرت البقاء في هذا المجال، على الرغم من أنّ العمل معهم أصعب بكثير من العمل مع الكبار، إذ من الضروري أن يشتمل الأهل والمدرسة أيضاً. أحببت العمل مع الصغار، إذ شعرت بأنني قادرة على إنجاز شيء ما. فالطفل طيّع أكثر من البالغ. يُذكر أن الأمر يتطلب طاقة استثنائية للعمل مع الأهل، بهدف تقدّم الطفل". تضيف أنّ "الطفل هو المستقبل أيضاً. وعندما ننقذ طفلاً ما، ننقذ أيضاً بالغاً، مشروع أب أو أم في المستقبل". وتلفت هنا إلى أن بعض الأهل يتعاونون، فيما لا يتقبّل آخرون أن يكون للطفل علاقة متميّزة مع المتخصص النفسي. هذا يتوقف على المرونة النفسيّة لدى الأهل. وثمّة من هم أكثر صرامة من آخرين ويريدون معرفة ما يحدث في الجلسة. لكننا نحن، بموافقة الطفل فقط، ننقل للأهل ما جرى في الجلسة. يجب كسب ثقة الأهل والطفل.. هذا عمل بالتوازي".

وعند السؤال عن تشخيص حالات الأطفال، تجيب بحسم أنه "لا يمكننا وضع رقعة تعريفية على الطفل. التشخيص لا يترجم أبداً تعقيد الحالة، إذ إنّ الطفل ينمو بسرعة وهو ما زال طيّعاً".

اقرأ أيضاً مروان الزغبي: طبيب العائلة ضابط إيقاع هدفه الإنسان
دلالات