محكمة فرنسية ترجئ إخلاء مخيم كاليه للاجئين

24 فبراير 2016
يتعرّض المهاجرون لعنف شديد من قوات الأمن الفرنسية (Getty)
+ الخط -
أرجأت المحكمة الإدارية في مدينة ليل، اليوم الأربعاء، قرار إخلاء مخيم لمهاجرين في مدينة كاليه الساحلية، شمال فرنسا، على مقربة من القنال الإنجليزي، بناءً على طلب 10 منظمات إنسانية مهتمة بشؤون اللاجئين.

وكانت الحكومة الفرنسية حددت أمس، الثلاثاء، موعدا نهائيا لعمليات الإخلاء الجماعي من المخيم الذي يتجمع فيه لاجئون منذ العام الماضي، على أمل تمكّنهم من الوصول إلى بريطانيا، رغم أن القانون الفرنسي يمنع إخلاء المنازل من سكانها، حتى المسكونة منها بطريقة غير شرعية.

وتقول السلطات إن القرار سيؤثر على 700 مهاجر، لكن المنظمات الإنسانية ذكرت أنهم أكثر من ثلاثة آلاف، يريد معظمهم الوصول إلى بريطانيا عن طريق البحر أو السكك الحديدية.

وتشكك المنظمات التي تقدمت بطلب التأجيل، بالأرقام التي تعلنها السلطات الفرنسية عن وجود 3700 مهاجر، منهم فقط 700 في كاليه، وتؤكد وجود زهاء 3450 في المنطقة التي تريد السلطات إفراغها لوحدها، من بينهم 300 قاصر.

كما تتساءل هذه المنظمات عن الرقم الحقيقي للذين حصلوا على حق اللجوء، لأن مصير من تُرفَض طلباتُهم غامض بسبب استحالة إعادتهم إلى بلدانهم، وتطالب ببقاء المهاجرين في كاليه حتى إيجاد حل.

ويتعرّض المهاجرون لعنف شديد من قوات الأمن الفرنسية. ونشرت جمعية حقوقية تُعنى بشؤون المهاجرين في كاليه، شريط فيديو يظهر تعذيب عناصر الشرطة لعدد من المهاجرين.

وفي سياق ذي صلة، قررت بلجيكا أخيرا إرساء مراقبة مؤقَّتَة على حدودها مع فرنسا، لطمأنة الرأي العام البلجيكي القلق، ووقف أي "تدفق" محتمل للمهاجرين الذين سيغادرون منطقة كاليه الفرنسية.

ويضم مخيم كاليه مهاجرين هاربين من الفقر والحرب من سورية والعراق وأفغانستان وإيران، بينهم 400 امراة يكابدن معاناة صحية إضافية ولا سيما الحمل والولادة، رغم تكرار ادعاءات أن المخيم لا يسكنه إلا الرجال.

وكانت رئيسة حزب الجبهة الوطنية المتطرفة، مارين لوبين، وهو حزب فرنسي يميني، قالت أخيرا إنها "تستغرب عدم وجود نساء بين المهاجرين".

ويصف الدكتور زهير لَهْنا، لـ"العربي الجديد"، "حالة بالغة القسوة في المخيم"، الذي زاره مرات عدة "معاناة النساء في هذه الظروف تفوق الوصف".

وتتقصى جمعية "فرنسا أرض اللجوء"، منذ شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن شبهة استغلال شبكات المافيا للنساء والأطفال في مخيمات كاليه، وتظهر نتائجه في شهر مايو/ أيار القادم.

غير أن الإشارات الأولى، كما تقول لـ"العربي الجديد" إحدى مسؤولات الجمعية، تُظهر وجود شبكات دعارة بين المهاجرات، إضافة إلى ظهور شبكات استغلال أطفال قاصرين، يتم دفعُهُم للتسوّل، على الرغم من صعوبة تحديد الضالعين في هذه الجرائم.

وإذا كانت حركة الرجال في مغادرة المخيم أكثر مرونة، فلأن شبكات المافيا التي تعمل على تهريب اللاجئين والمهاجرين لا تريد حمل الأطفال في الشاحنات، خوفا من افتضاح أمرها.

وإذا كان الجميع، حكومة ومعارضة وجمعيات ومواطنين، يتفقون على أن هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين يعيشون ظروفا قاسية لا تليق بالبشر، كما قالت منظمة العفو الدولية، في تقريرها المنشور، اليوم، فإن كثيرين يتساءلون أيضا عن السبب الذي يجعل الحكومة الفرنسية تنجز المهمة الذي يتوجب على بريطانيا أن تقوم بها.

وتستطيع السلطات الفرنسية، التي لا تتوقف عن انتقاد "الضيافة" الألمانية للاجئين والمهاجرين (آخر انتقاد صدر من رئيس الحكومة مانويل فالس، قبل أيام)، أن تحس بالارتياح لأنهم لا يفكرون بالتسلل إلى كاليه.

وبدأ الأمل الذي فتحته ألمانيا باستقبال اللاجئين والمهاجرين يفقد بريقه؛ إذ يتكدس المئات منهم في قاعات رياضية، تنتفي فيها شروط الحياة والحميمية، كما تبدّى لهم زيف وعود شبكات المافيا التي كانت تمنّيهم بأوراق إقامة سريعة وسكن و2000 يورو شهريا.

ويجد السوريون صعوبة أشد، مقارنة بنظرائهم من اللاجئين، فإضافة إلى أنهم لا يعودون إلى الداخل السوري، فإن احتمال عودتهم إلى مخيّمات اللجوء في لبنان وتركيا والأردن صعبة بسبب إضاعة الكثيرين منهم لجوازات سفرهم. ولا يمنح النظام السوري جوازات سفر لمن يغادر سورية.


أقرأ أيضا: لماذا لا تريد فرنسا المهاجرين؟

دلالات
المساهمون