توارث السوريون وصف عاصمتهم دمشق بـ"أم الفقير"، حيث الحياة ميسرة، والخدمات متوفرة مقارنة بمعظم المحافظات السورية، إلا أن الصراع الدموي سرق من دمشق صفتها التاريخية، فضاقت بأبنائها وحاجاتهم.
ويعاني سكان دمشق أخيرا من نقص مياه الشرب وانقطاع الكهرباء والغاز المنزلي وكثرة الحواجز الأمنية التابعة للنظام والإساءات التي يوزعها الأمنيون فيها على الدمشقيين.
تقول الخمسينية الدمشقية غادة، لـ"العربي الجديد": "9 أيام دون ماء، هل تتصور ما يعني ذلك في دمشق، لا ماء للشرب ولا للغسيل والحمام، أمضي يومي أجمع الماء من بئر هنا أو هناك، أنتظر لوقت طويل لأحصل في النهاية على 20 أو 25 لتر ماء".
وتلفت إلى أن ثمن برميل الماء الواحد يبلغ 1500 ليرة سورية، "مع الترشيد نحتاج على الأقل إلى 3 براميل، أي 4500 ليرة، وهذا يستحيل أن يتحمله معظم الأهالي. لا أعلم إلى متى نستطيع تحمل هذا الوضع، أصبحت حياتنا رحلة مرهقة للحصول على الماء والخبز والغاز. حتى السير بالشارع أو ركوب الحافلة بات خطرا".
ويقول الستيني الدمشقي جابر، لـ"العربي الجديد": "هذا الأسبوع حاولت ثلاث مرات الحصول على أسطوانة غاز ولم أنجح، في كل مرة وبعد انتظار طويل تأتي سيارة الغاز لتوزع على المدنيين عددا قليلا من الأسطوانات، في حين يتخاطف العسكريون وعناصر المليشيا العدد الأكبر، وبعض ما يحصلون عليه يعرض للبيع لاحقا بضعف السعر".
يقول الطالب الجامعي زهير، لـ"العربي الجديد": "في دمشق كل شيء غير منطقي. تنقطع الكهرباء في الحي الذي أسكنه لنحو 20 ساعة، وفي حي زميل لي في الجامعة لا تنقطع. فقط لأنه يعيش في حي يسكنه مسؤولون أمنيون".
ويضيف: "الحياة في دمشق مستويات. أشخاص يمرون على الحاجز العسكري فلا ينتظرون، ولا يصطفون على الخبز أو الغاز أو الماء، حتى وإن كانوا يعيشون في الأحياء المتوسطة يمكنهم تأمين مولدات كهرباء ووقود لها، بينما باقي الشعب لا يملك أيا من تلك الامتيازات".
وتعاني دمشق من أزمة مياه جراء خروج نبع الفيجة من الخدمة، وهو الذي يؤمن نحو 60 في المائة من احتياجات العاصمة السورية من الماء، بعد تعرضه إلى القصف من قبل قوات النظام في ظل محاولتها فرض سيطرتها على وادي بردى الخاضع لسيطرة المعارضة.
ويرجع متابعون أزمتي الغاز والكهرباء، إلى خسارة النظام لعدد من حقول الغاز في بادية تدمر، وسط البلاد، لصالح تنظيم الدولة الإسلامية أخيرا.