"الأفريقية لحقوق الإنسان" تطالب بالتحقيق في تعذيب معتقل مصري

23 ديسمبر 2016
الطالب المصري المعتقل عمر محمد (تويتر)
+ الخط -


طالبت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، حكومة مصر، بالتحقيق الفوري والمستقل، في الانتهاكات الصارخة التي تعرض لها المعتقل عمر محمد علي، والذي تعرض لإخفاء قسري وتعذيب شديد لانتزاع اعترافات باطلة مع حرمانه من حقه في المثول أمام محكمة مستقلة ومحايدة.

ووجهت اللجنة، ممثلة في رئيستها، فييث بانزي، خطابا إلى الحكومة المصرية، طالبتها فيه بالتحقيق الفوري، بعد أن أصدرت قراراً بقبول نظر الشكوى المقدمة لها من قبل الحقوقية المصرية، داليا لطفي، نيابة عن عمر محمد على ابراهيم، المحكوم بالسجن المؤبد في القضية العسكرية رقم 174 لعام 2015 جنايات غرب عسكرية، المعروفة إعلاميا بـ"العمليات النوعية المتقدمة".

واعتمدت اللجنة توصية خلال الدورة العادية التاسعة والخمسين، التى انعقدت في غامبيا، في الفترة من 21 أكتوبر/تشرين الأول إلى 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وصدرت التوصية بعد أن استخلصت اللجنة أنه "يبدو من ادعاءات الشاكي أنه من المحتمل أن تكون مصر قد خالفت التزاماتها المنصوص عليها في المواثيق الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي صدقت عليه عام 1984، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة، والتي صدقت عليها مصر عام 1986".

وتضمنت الشكوى تعرض عمر محمد (23 سنة)، طالب الهندسة الهندسة الذي يعمل فني رسم فى مصنع 9 الحربي (أصبح اسمه الآن شركة حلوان للمسبوكات)، للاعتقال من أمام أحد المطاعم بمنطقة الزمالك بالقاهرة يوم 1 يونيو/حزيران 2015، بصحبة اثنين من أصدقائه هما إسراء الطويل وصهيب سعد.

ووفقا لشهادة الصديقين، فإنه "تم اعتقالهم من قبل أفراد الأمن الوطني الذين لم يبرزوا مذكرة اعتقال، بل قام أحد الضباط بالاتصال بضابط آخر ليخبره أن الشخص المطلوب ويدعى صهيب قد تم القبض عليه، ووجد معه شخصان آخران، فأمره الضابط بالقاء القبض على الثلاثة، وقامت القوات بوضع عصابة على عينيي عمر ومن معه وتوثيق أيديهم والزج بهم في سيارة ونقلهم إلى مكان مجهول، علم بعدها أنه مقر الأمن الوطني في القاهرة، حيث قضوا يومين في احتجاز سري حرموا خلالهما من الطعام ولم يتم التحقيق معهم أو إخبارهم بسبب اعتقالهم أو بطبيعة التهم الموجهة إليهم، كما حرموا من حق الاتصال بأسرهم أو محاميهم لإحاطتهم باعتقالهم".

وتم نقل عمر إلى مكان سري آخر عرف لاحقاً أنه مبنى المخابرات الحربية، حيث تم احتجازه والتحقيق معه سراً لمدة 13 يوماً تعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب البدني والنفسي، وشمل هذا التعذيب اعتداء بالضرب بعصي غليظة في أماكن مختلفة من الجسم وهو موثق اليدين ومعصوب العينين، وإجباره على الوقوف في وضع مجهد لساعات طويلة من الليل، بحسب الشكوى.

وأفردت الشكوى تعرضه فور وصوله لسجن استقبال طرة للضرب الشديد والإهانة، ثم تم وضعه بعدها في زنزانة ضيقة سيئة التهوئة والإضاءة ومكتظة بأحد عشر شخصا، بالإضافة إلى حرمانه من الاحتياجات الأساسية.


ووفقاً لشهادة عمر، فإنه نتيجة لظروف الاحتجاز غير الإنسانية، أصيب بآلام شديدة بالعمود الفقري لا يستطيع بسببها النوم على الأرض، وبعد تقديم طلبات عديدة لإدارة السجن تم تحويله للكشف عليه من قبل طبيب السجن، الذي أوصى بتزويده بمرتبة صحية للنوم، إلا أن إدارة السجن تجاهلت توصيات الطبيب ولا زالت تتعنت في السماح لأهله بتوفيرها.

ورغم عدم ثبوت ارتكابه أي جريمة أو وجود أي دليل يفيد صحة إفشائه معلومات عسكرية، كما ادعى الاتهام الموجه إليه، إلا أنه يوم 29 مايو/أيار الماضي، صدر حكم محكمة غرب الإسكندرية العسكرية ضد عمر محمد بالسجن المؤبد بتهمة إفشاء أسرار حربية، وصدق وزير الدفاع على الحكم فى يوم 21 سبتمبر/أيلول.

وخلصت الشكوى إلى أن اعتقال عمر بدون إذن قضائي وبدون أي سند قانوني، واستجوابه بدون محام وتعريضه للتعذيب أثناء الاحتجاز السري، ثم تحويله كمدني إلى محاكمة عسكرية؛ يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي.

وتقول المحامية داليا لطفي، التي قدمت الشكوى، إن "حالة عمر ليست منفردة، بل هي نموذج لكثير من حالات المدنيين الذين يحاكمون أمام محاكم عسكرية في قضايا من الممكن نظرها أمام المحاكم المدنية العادية، إلا أن الحكومة المصرية توسعت بشكل مفرط ولدوافع سياسية واضحة منذ 2013 في إحالة الآلاف من المدنيين إلى القضاء العسكري بالمخالفة للمبادىء الدولية المتعلقة بالاختصاص العسكري والمبادىء التوجيهية المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا، والتي لا تحظر فقط محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية بل تقر حق المدنيين في ألا يحاكموا أمام هذه المحاكم".