ثلث العراقيين يعيشون تحت خط الفقر

21 ديسمبر 2016
أوضاع الفقراء مأساوية في العراق (فيسبوك)
+ الخط -

لم تعد مشاهد بحث العراقيين عن الطعام في مكّبات النفايات بالأمر الغريب أو النادر حدوثه، فإحدى أغنى دول الشرق الأوسط، بات نحو ثلث سكانها يعيشون في فقر مدقع، في الوقت الذي تحولت فيه المنطقة الخضراء وسط بغداد إلى ما يشبه الكوكب المعزول عن ما يجري في حارات وأزقّة العاصمة ومحافظات البلاد الأخرى.

وجاءت الحرب على الإرهاب بعد اجتياح تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مساحات واسعة من العراق لتزيد من أوجاع العراقيين، إذ استنزفت الحرب ما تبقى من أموال البلاد بعد ضياع أغلبها في عمليات فساد مالي.

وبحسب البرلمان العراقي، فإن نحو 600 مليار دولار من أموال النفط، والتي كانت كافية لبناء عراق جديد، ضاعت خلال حكومتي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ولم يعرف مصيرها. فيما تقدم رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، بطلب رسمي إلى الأمم المتحدة للمساعدة في معرفة مصير الأموال العراقية والمتورطين في سرقتها.

وفشلت الحكومات العراقية في تأمين الكهرباء والماء الصالح للشرب، وسط تحذيرات مراقبين من انهيار القطاع الصحي والتعليمي والزراعي في البلاد بشكل كامل، نتيجة الفساد وسوء التخطيط، على الرغم من إنفاق 390 مليار دولار على تلك القطاعات، خلال السنوات التسع الماضية، من بينها 41 مليار دولار لقطاع الكهرباء، ورغم ذلك ما زالت الحكومة تشغل الكهرباء ست ساعات يوميا فقط من مجموع 24 ساعة.



وتكلف الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الدولة يومياً نحو 3 ملايين دولار تذهب غالبيتها إلى عمليات شراء الذخيرة والأسلحة ومرتّبات الجنود والمتطوعين وإطعامهم.

وقال مسؤول عراقي بارز في حكومة حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "حالة الفقر تستشري في البلاد وسط عجز واضح عن معالجتها أو وقف ارتفاع معدلات الفقر".

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "ثلث العراقيين لا يحصلون في اليوم الواحد على أكثر من أربعة دولارات، ما يعني أنهم تحت خط الفقر، وهناك جزء كبير من هذه النسبة غير قادرة على تأمين ثلاث وجبات طعام مناسبة، والفقر ينتشر في بغداد أكثر من باقي المحافظات".

وأِشار إلى أنّ المسح الأخير بيّن أن أكثر من مليون عراقي يعيشون في عشوائيات من الصفيح والمعادن والبيوت الطينية والمقرات العسكرية السابقة. وأكد أن "المسح أظهر وجود نحو 10 ملايين عراقي لا يمتلكون سكناً خاصاً بهم، وليست لهم القدرة على شراء سكن".

وتعد نسبة الفقر في البلاد، هي الأعلى من نوعها منذ عام 1920 الذي شهدت فيه البلاد مجاعة بفعل الاحتلال البريطاني للبلاد.

بدوره، قال رئيس منظمة السلام لحقوق الإنسان، محمد علي، إنّ "مشاهد بحث العراقيين عن الطعام في النفايات ازدادت بشكل محزن ومخجل للعراقيين، ويمثل في نفس الوقت وصمة عار على القادة والسياسيين".

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "حالة البحث في النفايات لم يعرفها العراقيون حتى أيام الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الأمن على البلاد عام 1991، رغم أنه استمر نحو 12 عاما". وبيّن أن معدل الجرائم، كالسرقة والسطو المسلح، ارتفع بشكل مقلق، فضلا عن عمالة الأطفال.

كما لفت إلى أن "بعض الأحزاب بعد تورطها في سرقات المال العام باتت تفتتح أكشاك إطعام مجانية في أحياء بغداد الفقيرة، وهذا ما يمكن ملاحظته هذه الأيام"، محذرا من خطورة "انفلات الأوضاع في أي لحظة من خلال انتفاضة ضد الفساد تبدأ بمظاهرة".

ومؤخرا، نشر ناشطون مجموعة صور لسيدات عراقيات يبحثن في أكوام القمامة وحاويات النفايات، قالوا إنهن يبحثن عن طعام.

وكشف وزير التخطيط العراقي، سلمان الجميلي، أمس الثلاثاء، عن زيادة نسبة معدلات الفقر في العراق إلى حوالي 30 في المائة، مع ارتفاع نسبة البطالة إلى حوالي 20 في المائة.

وقال الجميلي، في تصريحات صحافية، إنّ الاقتصاد العراقي يمتلك مقومات العودة والنهوض لما يمتلكه من مؤهلات في قطاعات التنمية المختلفة، كالسياحة والزراعة والصناعة، فضلاً عن قوة القطاع الخاص الذي نعول عليه كثيرا.

وأضاف أن "كثيرا من الدول والشركات العالمية تدرك تماماً القوة التي يتمتع بها اقتصادنا، لذلك نجد تلك الشركات تتسابق للحصول على عقود عمل في العراق "، بحسب قوله.