السعودية تحقق بقتل الطفلة ريم الرشيدي... المتهمة مختلة عقلياً

04 أكتوبر 2016
القاتلة هي زوجة الأب وليست الأم (العربي الجديد)
+ الخط -

فتحت إدارة تعليم محافظة الأحساء تحقيقاً عاجلاً على خلفية قتل الطفلة ريم الرشيدي على يد زوجة أبيها، بعدما كشفت التحقيقات الأولية عن خروقات في أنظمة خروج الطالبات من المدرسة. فقد سمحت المعلمة بخروج ريم مع زوجة أبيها من دون علم ولي أمرها، الأمر الذي مكّن القاتلة من نحرها وهي ترتدي ملابس المدرسة. في حين أشار مقربون من العائلة إلى أن القاتلة تعاني من اضطرابات نفسية.

وأكد مقربون من العائلة، لـ"العربي الجديد"، أن القاتلة هي زوجة أبيها وليست والدتها، كما أعلنت الشرطة أمس.

من جانبها، قالت إدارة تعليم الأحساء، في بيان رسمي، إنّها تابعت باهتمام بالغ حادثة مقتل الطفلة ريم الرشيدي التي تدرس في الصف الأول الابتدائي. وعلى الفور، وجّه مدير التعليم في المنطقة بالتحقيق في الحادثة مع أشخاص في المدرسة، والوقوف على التفاصيل بالتنسيق مع الجهات الأمنية.

من جهتها، شدّدت وزارة التعليم على جميع المدارس بعدم السماح لأي طالبة بالخروج من مدرستها إلا بصحبة ولي أمرها المسجل في سجلات المدرسة. وجاء ذلك بعدما ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، أمس، بالحديث عن الجريمة، متسائلين عن دور المدرسة فيما حدث، خصوصاً أن أنظمة الوزارة تمنع إخراج أي طالب أو طالبة إلا بإذن من ولي الأمر، الأمر الذي دفع الوزارة إلى التأكيد على تطبيق النظام بحزم.

في الشأن ذاته، أوضح مقربون من الأسرة أن القاتلة تعاني من اضطرابات نفسية حادة، دفعتها إلى ارتكاب جريمتها في الساعة التاسعة صباحا، وأمام الجميع، على الرغم من أنها ارتكبت جريمتها بتخطيط مسبق. وقال أحد شهود العيان للمحققين إنه شاهد القاتلة وهي تقوم بجريمتها في وضح النهار ثم تهرب إلى منزلها، فقام بتبليغ الجهات الأمنية التي سارعت بالقبض عليها من دون مقاومة تذكر. كما ألمح بعض المقربين من الأسرة إلى أن غيرة القاتلة من الطفلة قد تكون سبب إقدامها على الجريمة المروعة.


وفي السياق، قالت الأخصائية الاجتماعية، منيرة العمر، إنّ ما حدث يكشف عن خلل نفسي واضح في عقلية القاتلة، التي على الأرجح كانت تعاني من ضغوط كبيرة دفعتها إلى ارتكاب جريمتها من دون التفكير في عواقب الأمور.

وأوضحت لـ"العربي الجديد" أنه "لا يمكن أن تكون القاتلة في كامل وعيها لحظة ارتكابها الجريمة. للأسف، لا شك أنها أظهرت بعض التوتر والارتباك لحظة أخذها الطفلة من المدرسة، ولكن القائمين على المدرسة تجاهلوا ذلك وسلموها الطفلة، مع أنها ليست ولية أمرها، وهذا خلل كبير في تطبيق الإجراءات. غير أن الأهم، هو أن القاتلة تعاني من خلل عقلي واضح".


وأضافت أنه "لا يمكن لشخص عاقل أن يرتكب مثل هذه الجريمة في وضح النهار، وفي الشارع وأمام الناس. لكن في الوقت ذاته كانت تخطط للجريمة بلا شك، فهي أخذت الطفلة من مدرستها، وكانت تحمل معها سكينا، وفي تصوري هي تعاني من خلل عقلي".

وفتحت هذه الواقعة ملف الجرائم التي تُرتكب ضد الأطفال في السعودية، والعنف الأسري الذي يتعرضون له، خصوصاً من أقربائهم. وأكد أستاذ علم الاجتماع، الدكتور ماجد البشير، أن ما حدث يدفع إلى التفكير في العنف الذي يمارسه أولياء الأمور على أطفالهم، خصوصاً أن ريم الرشيدي ليست الأولى التي تُقتل على يد أحد أقربائها، ويخشى للأسف ألا تكون الأخيرة.

وقال لـ"العربي الجديد"، "قبل أشهر قليلة قام أب بنحر ابنه في منطقة جازان (جنوبي السعودية) وهو يحمل كتبه، إذ أخرجه من المدرسة وقاده إلى منطقة مهجورة ليقوم بذبحه بصورة بشعة وتركه ينزف حتى مات. لدينا مشكلة حقيقية في متابعة الأطفال، وهذا تقصير من وزارة العمل والبيئة والتنمية الاجتماعية".

وسجلت جرائم العنف الأسري في السعودية، ارتفاعا عن مستوياتها التي سُجلت في الفترة ذاتها من العام الماضي، وأيضا مقارنة بالسنوات التي تسبقها. فبحسب إحصائيات لهيئة حقوق الإنسان السعودية، تم تسجيل أكثر من 940 حالة عنف في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، مقابل 712 حالة سُجلت في الفترة ذاتها من العام الماضي، بنسبة 32 في المائة.

وانتهى العام الماضي بتسجيل نحو 1380 قضية تعنيف أسري، أكثر من 74 في المائة منها ضد الأطفال. وبحسب مصادر في وزارة العدل تحدثت لـ"العربي الجديد"، هناك نحو 618 قضية عنف أسري تجاه المرأة والطفل منظورة في المحاكم العامة، غالبيتها يتم النظر فيها في محكمة مدينة مكة، بنحو 459 حالة.

ولفت البشير إلى أنه "لدينا قوانين ضعيفة، ولا بد من تشديدها، لا أن ننتظر حتى يتحول الأمر لجريمة قتل. فلا أعتقد أنها المرة الأولى التي تؤذي فيها قاتلة ريم ضحيتها، لا شك أنها عنّفتها لفترة طويلة، ولكن لا أحد حماها منها حتى تحول الأمر إلى جريمة نحر".

وبحسب قانون الحماية من الإيذاء الذي بدأ تطبيقه في السعودية أواخر عام 2013، يعاقب كل من يقوم بإيذاء أحد من عائلته بالسحن لمدة عام كامل وغرامة تصل إلى 50 ألف ريال. وهي تطبق في أكثر الحالات عندما يعتدي الزوج على زوجته. غير أن النظام يشمل كل حالات الاعتداء بما فيها على الأبناء، وفي حالة تسبب الأب في إصابة ابنه بإعاقة أو في وفاته، فإن العقوبة تتضاعف.

وهذا ما أكده المستشار القانوني أحمد الراشد، الذي شدّد على أن القتل قصاصا ينتظر القاتلة مهما كانت دوافعها. وقال لـ"العربي الجديد، "حتى لو كانت تعاني من اضطرابات عقلية، فإن القانون السعودي واضح في هذا الشأن، القتل قصاصا للقاتل، فالاضطرابات العقلية التي يُزعم أنها تعاني منها لم تمنعها من التخطيط لجريمتها، وبالتالي لا أعتقد أنها ستنقذها من العقوبة".