العراق: المخدرات تجتاح المناطق المحررة

02 أكتوبر 2016
غياب سلطة الأمن يسهل انتشارها (أزهر شلال-فرانس برس)
+ الخط -


بدأت آفة المخدرات باجتياح المناطق المحررة التي استعادتها القوات العراقية من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ما أثار حفيظة ناشطين وشيوخ عشائر ووجهاء، مع السيطرة الكاملة للمليشيات على تلك المناطق، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية على فرض القانون فيها.

وتجد عصابات المتاجرة بالمخدرات فرصتها السانحة لتنشيط عملها عبر المليشيات المسلحة، التي تجلب المخدرات وتسهل عملية توزيعها وبيعها.

وكشف الناشط علاء الدليمي أن "مشكلة المخدرات تتفاقم بعيداً عن أعين الجميع، خاصة وسائل الإعلام، خشية تلقي السلطات الحكومية وقوات ما يعرف "بالحشد الشعبي" التي تضم عدداً كبيراً من المليشيات المسلحة فضيحة مدوية، والتي تعتبر المسؤول الرئيسي عن انتشار المخدرات في المناطق المحررة".


ويضيف "بسبب الضغط النفسي الشديد في المناطق المحررة يلجأ شبان، خاصة المنخرطون منهم بما يعرف "بالحشد العشائري" أو عناصر الأمن، للبحث عن الأدوية المهدئة والمخدرة عبر عناصر المليشيات المسلحة، الذين يبيعونها لهم، فهم السلطة الأعلى هناك".

من جهته، أوضح الباحث الاجتماعي هاشم العبيدي إن "المليشيات المسلحة التي تسيطر الآن على المناطق المحررة، بدأت تُدخل تلك المناطق في مصائب مجتمعية جديدة أخطرها المخدرات، في وقت لا تستطيع أجهزة الشرطة منعها، فالمليشيات هي السلطة الأعلى من جميع الأجهزة الأمنية بما في ذلك الجيش".

وبيّن العبيدي لـ"العربي الجديد" أن كثيراً من الشباب في تلك المناطق يجدون أنفسهم تحت ضغوط نفسية هائلة ناجمة عن النزوح، والفقر الشديد، والخسائر الفادحة التي لحقت بهم، خاصة من قاتل منهم مع "داعش" من أبناء العشائر، فيلجأون لتناول الأدوية المهدئة والمخدرة من عناصر المليشيات، مع غياب الخدمات الصحية وإمكانية الحصول على الأدوية الموصوفة طبياً، وهذا ينذر بتفكك المنظومة المجتمعية في تلك المناطق".




ولا يقتصر الأمر على المخدرات فحسب، بل شمل المشروبات الكحولية التي بدأت تنتشر بشكل لافت، والتي يدخلها عناصر الأمن والمليشيات المسلحة ويبيعونها لمن يرغب من عناصر "الحشد العشائري"، و"الصحوات" وعناصر الأمن والشباب المدمن.

وشكا النازحون العائدون إلى مدن الرمادي وتكريت من انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية بشكل كبير بين عناصر الأمن والمليشيات المسلحة وكثير من الشبان، كونها تباع بسهولة ودون رقابة قانونية.

ويقول ضابط في وزارة الداخلية العراقية رفض الكشف عن اسمه إن المخدرات بدأت تجتاح المدن والمناطق المحررة بشكل خطير نتيجة سيطرة المليشيات المسلحة عليها، أمام ضعف سلطة الأجهزة الأمنية.

وأشار إلى أن "المليشيات المسلحة تجلب المخدرات من إيران، وتبيعها في المناطق المحررة دون وجود أي قدرة أمنية على ردعها، لأنها تمثل السلطة القانونية الأعلى حالياً في العراق".

وكشف ضباط من شرطة الرمادي وتكريت إن لا أحد يستطيع إيقاف انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية، بسبب سطوة المليشيات المسلحة التي يتاجر قادتها وعناصرها بالمخدرات ويجلبونها من إيران.

ويقول مصدر في الحشد العشائري في الرمادي إن "عناصر الحشد خلال المعارك مع تنظيم "داعش" يقعون تحت ضغوط نفسية كبيرة، فيلجؤون لتناول المشروبات الكحولية، والأدوية المهدئة والمخدرة في فترات الاستراحة، لتعطيهم القدرة على المواصلة".

ويحاول المسؤولون في تلك المناطق النأي بأنفسهم عن التصريح في هذا الأمر، خشية وقوعهم تحت ضغوط عشائرية وسياسية قد تطيح بمناصبهم ومصالحهم الحزبية المشتركة، أو افتضاح حقيقة ما يجري في المناطق المحررة بحسب مصادر أمنية وسياسية.