فيروس زيكا.. الخوف المنطلق من أميركا

30 يناير 2016
سُجّلت ولادات يعاني فيها الأطفال صغر حجم الجمجمة (Getty)
+ الخط -

تدرس منظمة الصحة العالمية حالياً احتمال أن تستدعي الزيادة الملحوظة في عدد الإصابات بفيروس "زيكا" أخيراً وتوسّع رقعة انتشاره، إعلان حالة طوارئ عالمياً. وأشارت إلى أنها سوف تعقد غداً الإثنين في الأوّل من فبراير/ شباط 2016، اجتماعاً في جنيف مع خبراء ومتخصصين من مجالات وبلدان مختلفة لمناقشة الخطوات الواجب اتخاذها في هذا المجال. يأتي ذلك في حين تقدّر المنظمة وصول عدد الإصابات في الأميركيتَين، إلى نحو أربعة ملايين إصابة.

وتعمل منظمة الصحة العالمية حالياً من أجل دعم وتعزيز نظام الترصد في الدول التي بلّغت عن وجود إصابات لديها بفيروس زيكا وحالات صغر الرأس، وغيرها من الأعراض العصبية التي يُحتمل وجود علاقة بينها وبين الفيروس. كذلك، تنفّذ عمليات رصد في البلدان المعرّضة لانتشار الفيروس أكثر من غيرها. يُذكر أن إصابات سجّلت في بلدان الأميركيتَين كلها، ما عدا كندا وتشيلي.

في الإطار نفسه، تكثّف المنظمة حالياً جهودها بغية التوصل إلى معلومات أكثر حول آثار الفيروس المحتملة على الأجنّة والأطفال والبالغين. وقد أوضحت أنها أعطت الأولوية لتطوير لقاحات وأدوات جديدة لمكافحة البعوض (ناقل الفيروس) والعمل على تحسين اختبارات التشخيص والتشخيص المبكر.

ورداً على استفسار "العربي الجديد"، يقول المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك، ستيفان دو جاريك، إن "طواقم محلية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة أو طواقم تابعة لمؤسسات محلية تتعاون معها المنظمة، تراقب كل بلد من الأميركيتين من أجل توثيق ورصد تطور مسألة انتشار الفيروس منذ مايو/ أيار 2015، بعدما سجلت أول حالة في البرازيل".

إلى ذلك، بدأ عدد كبير من الأميركيين في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق أخيراً، خصوصاً بعد اكتشاف حالات إصابة بالفيروس في البلاد، لدى أشخاص كانوا في المناطق المصابة وعادوا إلى الولايات المتحدة أو دخلوها للمرة الأولى. تجدر الإشارة إلى أنه لغاية اليوم، لم تحدث إصابة بالفيروس على اليابسة الأميركية نفسها، بل في الدول الأخرى التي انتشر فيها. وأخيراً، أعلنت السلطات الأميركية في ولايات مختلفة عن اكتشاف حالات عديدة تحمل الفيروس أو أصيبت به عن طريق البعوض في إحدى دول أميركا الجنوبية أو الوسطى أو جزر الكاريبي حيث ينتشر الفيروس.

ثمّة سؤال يطرح نفسه هنا. هل يمكن للفيروس أن ينتشر داخل الولايات المتحدة وينتقل فيها؟ يوضح الطبيب أنطوني فوتشي، من المعهد الأميركي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية، أن "في داخل الولايات المتحدة، حالات مصابة بالفيروس جاءت من خارج البلاد. لكن المشكلة تبدأ عندما ينتشر المرض ويطال أشخاصاً سليمين داخل الولايات المتحدة، عن طريق شخص أصيب به في الخارج عبر بعوضة تحمل الفيروس". ويؤكد فوتشي أن "هذا سيناريو محتمل، وقد حدث بالفعل في الماضي مع أمراض أخرى. لكن يمكن السيطرة عليه من دون أن ينتشر ويطاول الملايين".

تفيد منظمة الصحة العالمية وكذلك المركز الأميركي لمراقبة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، بأن الفيروس ينتشر بشكل أساسي عن طريق البعوض، وما زال انتقاله من شخص إلى آخر أمراً غير مؤكد. والدراسات والتحاليل ما زالت مستمرة في هذا المجال للتأكد من الأمور. يُذكر أن ثمّة شكاً في انتقال الفيروس في إحدى الحالات عن طريق العلاقة الجنسية، إلا أن الأمر ما زال غير مؤكد.

أما أعراض المرض، فهي مختلفة وكثيرة، من قبيل ارتفاع درجة حرارة الجسم والحكّة وألم في الحلق وجفاف في العينين واحمرارهما. ويوضح المركز الأميركي لمراقبة الأمراض والوقاية منها أن الأعراض قد تستمر لأيام عدة أو أسبوع، لكن الإصابة في الغالب لا تتطلب البقاء في المستشفى.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت بياناً تحذيرياً في هذا الإطار توجّهت فيه إلى الأميركيتين، بعد الإعلان عن أول إصابة في البرازيل في مايو/ أيار 2015. تجدر الإشارة إلى أن على أثر تلك الإصابة، سُجّلت ولادات في البرازيل ومناطق أخرى يعاني الأطفال فيها من صغر حجم الجمجمة والمخ الناجم عن اضطراب عصبي. وأكدت المنظمة أخيراً أن معدلات الإصابة تضاعفت 30 مرة في مناطق كالبرازيل منذ توثيق الإصابة الأولى. وهي تعزو انتشار الفيروس في أكثر من 20 دولة في أميركا الوسطى والجنوبية، إلى نقص في التحصين وقلة الوقاية وانتشار بعوض "الحمى الصفراء" الذي ينقل المرض. يُذكر أن انتشار الفيروس في السابق كان محصوراً في أفريقيا وجنوب شرق آسيا، إلى أن بدأ ينتشر في الأميركيتين ابتداءً من مايو/ أيار 2015، ودائماً بحسب منظمة الصحة العالمية.

من جهته، يتوقع المركز الأميركي لمراقبة الأمراض والوقاية منها ازدياد عدد الإصابات في الولايات المتحدة، مع احتمال انتشارها في مناطق محددة. لكنه يوضح أن واحداً من كل خمسة مصابين بالفيروس، سوف يعانون من المرض. كذلك، فالإصابة به نادراً ما تؤدي إلى الوفاة أو حتى إلى دخول المستشفى. أما التأكد من حمل الفيروس، فيأتي عن طريق فحوصات الدم، في حين لا يتوفّر حتى الساعة أي لقاح قادر على وقاية الأشخاص من الإصابة بالفيروس. لكن المركز يؤكد أن العمل على ذلك يجري على قدم وساق. وفي انتظار ذلك، ينصح المصابين بالفيروس بأخذ قسط كبير من الراحة وشرب كثيراً من السوائل، بالإضافة إلى تناول أدوية من شأنها التخفيف من ارتفاع درجات الحرارة، مع تجنّب الأسبرين. والأهم بالنسبة إلى القيّمين على المركز، هو مراجعة الطبيب.

وفي حين يشير المركز الأميركي لمراقبة الأمراض والوقاية منها، إلى إمكانية نقل الفيروس من شخص مصاب إلى بعوضة، فتنقله هي بدورها إلى أكثر من شخص معافى، ينصح النساء الحوامل بعدم التوجه إلى الدول التي ينتشر فيها المرض في الوقت الحالي. كذلك وبهدف الوقاية، يشدد على ضرورة تنجب قرص البعوض، عن طريق ارتداء ملابس بأكمام طويلة، واستخدام مستحضرات واقية. وينصح بالبقاء في داخل البيوت حيث يكثر البعوض. إلى ذلك، يلفت المركز إلى أن البعوض الذي ينشر فيروس الزيكا غالبا ما يقرص خلال ساعات النهار.

أنتِ امرأة حامل؟ تجنّبي البعوض

عندما تقرصك بعوضة حاملة فيروس "زيكا"، تصاب به. لكن شخصاً مصاباً واحداً من بين خمسة، يعاني من المرض. وأعراضه هي الحمّى، والطفح الجلدي، والتهاب ملتحمة العين، وآلام المفاصل، والصداع. أما خطر الفيروس فيكمن في أنه لو أصاب امرأة حاملاً، قد يتسبب في ضمور مخّ الجنين، من دون تحديد أي علاقة سببيّة بين العدوى بالفيروس وبين العيوب الولادية والمتلازمات العصبية.

اقرأ أيضاً: رؤوس صغيرة.. فيروس زيكا يهاجم أطفال البرازيل
المساهمون