الأردن: انتقادات حقوقية لعدم محاسبة الجناة في قضايا التعذيب

16 يناير 2016
القتيل عمر النصر وآثار التعذيب عليه (فيسبوك)
+ الخط -
في 22 سبتمبر/ أيلول الماضي، أوقف المواطن الأردني عمر النصر (49 عاماً) في مديرية البحث الجنائي للتحقيق معه حول جريمة وقعت في الحي الذي يقطنه في العاصمة عمّان، بعد ثمانية أيام من توقيفه اتصل البحث الجنائي بعائلته ليخبرهم أن ابنهم توفي، ليتبين لاحقاً أنه قتل نتيجة التعذيب.

وتتهم منظمات المجتمع المدني الأردنية، والمنظمات الأممية السلطات الأردنية بممارسة التعذيب بصورة منهجية، وليست "ممارسات فردية"، على الرغم من مصادقة الأردن منذ 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1991 على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ما تنفيه السلطات الأردنية بشكل متكرر، وكررت النفي نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على هامش عرض الوفد الحكومي الأردني تقريره الدوري الثالث أمام لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

هدى شقيقة عمر النصر، أطلت على وسائل الإعلام، اليوم السبت، خلال مؤتمر عقده مركز "عدالة" لدراسات حقوق الإنسان، لتروي تفاصيل وفاة شقيقها، والتي يجري مدعي عام الشرطة تحقيقاً فيها، بعد أن فشلت محاولات إخفاء جريمة مقتله.

اقرأ أيضاً: سجن طبيبة كويتية عذّبت خادمتها وفقأت عينها

قالت هدى: "من المؤلم أن يموت شقيقي على يد من يدعون أنهم يقدمون لنا الحماية والأمان"، وأكدت أن تهمة شقيقها الوحيدة كانت إقامته في الحي الذي وقعت فيه الجريمة، وبحسبها "منعت عنّا زيارة عمر"، ولم يفرج عنه إلا بعد أن أصبح جثة هامدة. وتضيف " اتصلوا بنا في 30 سبتمبر/ أيلول، وسألوا، هل يعاني عمر من أمراض مزمنة (..) وقتها أدركنا أنه قد مات".

هدى التي تعمل محامية، منذ نحو 17 عاماً، أرجعت سؤال رجال البحث الجنائي حول السيرة المرضية لشقيقها إلى محاولتهم الادعاء أن الوفاة نتجت عن أسباب أخرى غير التعذيب، ويومها رفضت العائلة استلام الجثمان، واستمر الرفض عشرة أيام، قبل أن توافق في النهاية على دفنه شرط إجراء تحقيق بأسباب الوفاة.

شقيقة عمر النصر تتحدث عن تفاصيل وفاة شقيقها (فيسبوك) 


تشير هدى إلى ضغوط " كبيرة" مارسها جهاز الأمن العام لإسكات العائلة عن المطالبة بالقصاص من قتلة ابنهم، لكن العائلة نجحت بأثارة القضية إعلامياً، ومن خلال المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لضمان تحقيق مستقل في الحادثة. التحقيق الذي لا يزال لدى مدعي عام الشرطة، وسط تعهد من مديرية الأمن العام التي زار مندوب عنها عائلة النصر، بمعاقبة المتورطين في الحادثة بناءً على نتائج التحقيق في القضية.

وتوثق سجلات منظمات المجتمع المدني ثلاث حالات وفاة تحت التعذيب وقعت العام الماضي، إضافة لوفاة عمر النصر، هي وفاة الشاب العشريني عبدالله الزعبي، مطلع مايو/ أيار الماضي داخل مركز أمني في محافظة أربد (شمال عمّان)، والتي ما تزال قيد التحقيق، ووفاة الشاب أحمد الجابر في 15 ديسمبر/ كانون أول الماضي، داخل مركز أمن القويسمة في العاصمة عمّان، والتي ترفض عائلته، حتى الآن، استلام جثمانه.

وقال عبدالكريم الجابر، والد أحمد " أتعرض لضغوط من الأمن لاستلام جثمان ابني ودفنه (..) يريدون أن يخفوا جريمتهم"، مؤكداً أنه لن يدفن ولده قبل أن يتم التحقيق في حادثة وفاته ومعاقبة الشرطة المتورطين في تعذيبه.

من جهته انتقد مدير مركز "عدالة" لدراسات حقوق الإنسان عاصم ربابعة، ما اعتبره "زيادة في ممارسات التعذيب"، الأمر الذي رأى فيه مؤشراً على تراجع مستوى حقوق الإنسان في الأردن.

كما انتقد ربابعة إفلات المتورطين في قضايا التعذيب من العقاب، وقال: "لم يصدر أي قرار عن المحاكم الأردنية يدين شخص في قضايا تعذيب، ولا يوجد تحقيق مستقل، كما لا يوجد قرار صادر بتعويض ضحايا التعذيب في الأردن".

اقرأ أيضاً: "حصاد القهر" لعام من التعذيب والقتل والاختفاء بمصر