الموت يهدّد الأطفال مرضى السرطان بالبصرة

29 اغسطس 2015
عدم توافر العلاجات ونقص الخدمات الصحية يهدّدان حياة الأطفال(Getty)
+ الخط -

يعاني مئات الأطفال في محافظة البصرة (550 كلم جنوب العراق)، من أمراض السرطان التي فتكت وما زالت بالعشرات منهم، على مرّ السنوات الماضية، ممّن لم يستطيعوا تحمّل النفقات الخاصة بالعلاج خارج البلاد.

وتسببت الأزمة المالية الحالية بالعراق في تفاقم المشكلة بشكل أكبر، حيث أعلن مدير دائرة الصحة في البصرة رياض عبد الأمير، أن "الدائرة تعاني من عجز مالي شديد بسبب تقليص وتذبذب مخصصاتها الشهرية، من جراء الأزمة المالية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، ما انعكس سلباً على نوعية الخدمات المقدمة للمرضى في المستشفيات العامة".

فيما حذرت الدكتورة هدى طارق، المتخصصة بالأمراض السرطانية بالبصرة، في حديث لـ"العربي الجديد"، من كارثة إنسانية ستحل بالأطفال المصابين بمرض السرطان، في حال عدم توفير المخصصات المالية المطلوبة.

وأضافت طارق أن البصرة من المحافظات الموبوءة بالإشعاع الناتج عن مخلّفات حرب الخليج، وقبلها الحرب الإيرانية ومن بعدها حرب غزو العراق، وما نتج عنها من مضاعفات، وهذا ما جعل نسبة عالية من سكان المحافظة ومنهم الأطفال، مصابون بمرض السرطان.

وقالت أم حسين، التي يعاني ابنها من السرطان، لـ"العربي الجديد"، إنني عاجزة عن علاج ابني حسين ابن العشرة أعوام، والذي يرقد منذ شهرين في مستشفى الطفل التخصصي لعلاجه من مرض سرطان الدم، وإذا لم تقم المستشفى بعلاجه مجاناً فسوف لن أستطيع توفير حقنة واحدة لولدي وسوف يموت أمام عيني.

وطالبت أم حسين المرجعية الدينية التدخل لحل الأزمة التي يعاني منها الأطفال المصابون بالسرطان، من خلال توجيهاتهم وفتوى تلزم أصحاب رؤوس الأموال تقديم المساعدة، كما طلبت من جميع الخيّرين في العراق والعالم أنّ يقدموا العون للأطفال في هذا المستشفى، قبل أنّ تنتهي حياتهم بسبب عدم توفر العلاج والماء والغذاء.

دعوات للدعم
ودعا مدير صحة البصرة، رياض عبد الأمير، المواطنين الميسورين والشركات النفطية العاملة في البصرة، إلى التبرع لمستشفى الطفل التخصصي، للإسهام في توفير العلاجات المنقذة للحياة والمستلزمات الطبية الضرورية للأطفال المصابين بالسرطان، ومنها مستلزمات فصل مكونات الدم.

وأضاف عبد الأمير أنّ الأطفال المصابين بالسرطان في المستشفى، يعانون أيضاً من نقص في بعض أنواع العلاجات الضرورية، وأن المستشفى بحاجة إلى 400 مليون دينار شهرياً لأداء عمله على نحو جيد.

اقرأ أيضاً: وفاة عشرات الأطفال العراقيين النازحين بسبب الحرّ

حملة تضامن
إلى ذلك، أطلق منذ ثلاثة أيام 20 شاباً من الناشطين البصريين، حملة جمع تبرعات مالية لدعم جهود توفير العلاج للأطفال المصابين بالسرطان، وذلك عبر وسم على مواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقوا عليها حملة "البنفسج"، في محاولة للتخفيف من معاناة الأطفال الراقدين في مستشفى الطفل التخصصي وذويهم، والذين يضطر بعضهم إلى شراء أقراص الدم من "المذاخر" الأهلية، نتيجة نفادها من المستشفى، والتي يبلغ سعر أقراص الدم فيها 460 ألف دينار (حوالي 400 دولار)، حسب إحصائية وزارة الصحة.

كما قام شباب الحملة بحلاقة رؤوسهم بالكامل، تعبيراً عن تضامنهم مع الأطفال المصابين بالسرطان.

مآسٍ كبيرة
ويستقبل المستشفى يومياً أكثر من 250 مريضاً من الأطفال المصابين بالسرطان من محافظات البصرة وميسان وذي قار، ويعتبر مستشفى الطفل التخصصي هو المستشفى الوحيد في جنوب العراق لمعالجة الأطفال المصابين بالسرطان، والذي تم بناؤه بعد عام 2003 بمساهمة دول مانحة.

وقد وجّه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، يوم الثلاثاء الماضي، بصرف المخصصات اللازمة للأطفال المصابين بالسرطان في البصرة.

يذكر أنّ مجلس محافظة البصرة أعلن، في الأول من حزيران/ يونيو 2013، عن موافقة مجلس الوزراء على تخصيص عشرة مليارات دينار للأطفال المصابين بالسرطان في المحافظة، ولفت إلى أن نسبة الإصابة بالمرض في البصرة تبلغ 70 حالة لكل 100 ألف نسمة من السكان.

وكان تقرير أعدته مجموعة السلام الهولندية (في مايو/ أيار 2013)، بيّن أن القوات الأميركية والمتحالفة معها استعملت نحو 400 طن من أسلحة اليورانيوم المنضب ضد الأهداف العسكرية والمدنية على نطاق واسع، لا سيما في مناطق جنوبي العراق ووسطه، في حربي 1991 و2003، وأن العراق يحتاج لنحو 30 مليون دولار لتنظيف أكثر من 300 موقع ملوث.

ويقدّر العلماء والمختصون أن العمر "النصفي" لليورانيوم حوالي أربعة مليارات ونصف المليار عام حتى يفقد قدرته على الإشعاع.

اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة:"داعش" يبيع الأطفال في العراق ويحرقهم

دلالات