أعلنت شرطة منطقة مكة المكرمة (غرب السعودية) أنها أدرجت أكثر من 20 شاباً اتهموا بالتحرش بفتاتين على كورنيش جدة، أول من أمس السبت، على قائمة المطلوبين بعد أن وجّه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، شرطة المنطقة بسرعة إلقاء القبض عليهم، إثر نشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهرهم وهم يتحرشون بشكل جماعي بالفتاتين.
وبعد أقل من أربع ساعات من التوجيه، ألقي القبض على أحد المتحرشين، الذي اعترف بجريمته، في حين أنّ البحث جارٍ عن البقية.
وأثارت الحادثة غضب الشارع السعودي، وكان حافزاً لتجديد مطالباتهم بسرعة إصدار قانون التحرش الجنسي في السعودية.
وبحسب ما يظهره الفيديو على يوتيوب والذي لا تتجاوز مدته 2:14 دقيقة، وشاهده أكثر من 690 ألف متابع خلال 48 ساعة فقط، تعرّضت الفتاتان لِكَم هائل من المضايقات أثناء سيرهما، وتجمّع حولهما حشد كبير من الشباب، الذين قاموا بحركات لا أخلاقية تجاههما.
بدوره، أكد الناطق الإعلامي بشرطة منطقة مكة المكرمة، العقيد الدكتور عاطي القرشي، أن الجهات الأمنية بشرطة المنطقة "رصدت مقطع الفيديو الذي تم تداوله، أخيراً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتظهر فيه مجموعة من الشباب يقومون بتصرفات غير لائقة تجاه فتاتين في أحد المواقع، يعتقد أنه في محافظة جدة"، مؤكداً أنّه لم يرد بلاغ رسمي حيال الواقعة للجهات الأمنية "إلا أنه من منطلق مسؤولية الشرطة تجاه تلك التصرفات شرعت الجهات المختصة بشرطة محافظة جدة في تحليل مقطع الفيديو، وتقصي المعلومات اللازمة عن الواقعة والأشخاص، والعمل على الكشف عن هويتهم واستدعائهم لتقديمهم لهيئة التحقيق والادعاء العام بحكم الاختصاص".
وجاءت الحادثة بعد نحو شهرين من حادثة مماثلة وقعت في مجمع تجاري في مدينة الخبر (شرق السعودية) تحرش فيها شابان بفتاة وأمها، وما زالا رهن المحاكمة.
مطالبات بقانون مكافحة التحرش
إلى ذلك، شن ناشطون سيلاً من المطالبات بسرعة إصدار قانون واضح ومحدد لمعاقبة المتحرشين في السعودية، خوفاً من أن يتحول الأمر لظاهرة.
وأمام ذلك، يؤكد المستشار القانوني، أحمد الراشد، أن إصدار قانون التحرش بات ضرورة ملحة على اعتبار أن "تجريم التحرش لا يلزم إباحة ماهو حرام بالرضى"، معتبراً أنّه "عندما يكون هناك قانون واضح، فهذا سيلزم الشرطة بمواجهة التحرش، وسيضع إجراءات محددة للتعامل مع الجريمة، بدلاً من الوضع الحالي، حيث لا تتحرك الشرطة إلا عندما يأمر حاكم المنطقة بتحركها".
أما الإعلامي والمؤلف المشارك في مسلسل (سيلفي) خلف الحربي، فيبدي استغرابه من تجاهل مجلس الشورى مثل هذا الأمر المهم.
وكان حربي كتب مقالة ساخنة عقب حادثة الخُبر، وأعاد نشرها بعد حادثة جدة التي تتقاطع معها في التفاصيل، وقال "في المجتمعات المتحضرة، يندر أن يحدث هذا المشهد المؤذي علناً، لوجود قوانين صارمة تردع المتحرشين، أما عندنا فقد سعت بعض الأطراف بطريقة متعمدة إلى (تقشير) المرأة كي تصبح ضحية تسير على قدمين، حيث تمت مقاومة القانون الذي يحميها بحجة أنه مستمد من قوانين غربية، وتمّ نزع خلايا المروءة العربية التقليدية من أدمغة الكثيرين، بحيث انقلبت الآية وأصبحت المرأة هي المسؤولة عن محاولات التحرش بها، لأنها هي التي خرجت إلى السوق، وهي التي لم تغط وجهها، وهي التي حاولت الدفاع عن نفسها بنفسها".
وعلى الرغم من ارتفاع الأصوات المطالبة، لا يبدو القانون في الأفق، فأكد المتحدث باسم وزارة العدل، فهد البكران، أن وزارة العدل ليست جهة تشريعية مخولة بسن أو بالمطالبة بقوانين لمكافحة التحرش الجنسي، وأن تلك المهمة تعنى بها جهات أخرى مثل مجلس الشورى وهيئة الخبراء.
غير أن مجلس الشورى السعودي الذي كان قد أصدر مناقشة هذا القانون قبل أشهر عدة، عاد وسحبه من المناقشة بعد ضغوط من التيار الديني، الذي يعتقد أن إصدار قانون للتحرش "سيشرع الاختلاط، بين الجنسين في المجتمع"، وهو ما يبقي الأمور في محلها دون حراك.
اقرأ أيضاً: التحرّش الجنسي لا يغادر شوارع مصر