قوارير الغاز قنابل "قيد الانفجار" في بيوت اللبنانيين

21 مايو 2015
يتخوف اللبنانيون من انفجار القوارير وتسببها بحرائق (فرانس برس)
+ الخط -
في الأسواق اللبنانية ملايين من قوارير غاز الطهي المستخدمة يومياً في المنازل والمطاعم، وغيرها من المهن المتنوعة. لكنّ نسبة كبيرة من هذه القوارير يزيد تاريخ صنعها على أربعين عاماً، وهي تهدد السلامة العامة في احتمال انفجارها من دون سابق إنذار.

وبالفعل، فقد شهد لبنان العديد من حوادث انفجار مثل هذه القوارير أخيراً. وهو ما دفع الدولة إلى اتخاذ قرار لحسم هذا الملف الخطير. وذلك عن طريق الإعلان عن مقترح قانون يضبط استخدام قوارير الغاز في المنازل، ويوجّه طرق استخدامها بالشكل الصحيح، ويحدّد القوارير المطابقة للمواصفات.

المشكلة أنّ الأمر يحتاج إلى متابعة مكثفة لم يتسن بعد البدء بها. فأكثر قوارير الغاز في المنازل اللبنانية قديمة وتالفة ومتآكلة، وبالتالي فهي غير آمنة. وهو ما يتسبب عادة بتسرّب الغاز منها. ليؤدي بدوره إلى حرائق، وربما انفجارات.

وبينما يجهل المواطنون اللبنانيون تلك المخاطر أو يتجاهلونها، فالدولة من جهتها تعجز عن تطبيق معايير السلامة العالمية، التي تؤمن الحماية لمواطنيها. فيستمر الاستهتار في هذا الميدان، ويؤدي في كلّ مرة إلى حادثة جديدة في إحدى المناطق اللبنانية، كثيراً ما تتسبب بأضرار بشرية ومادية.

المعلومات الأخيرة تشير إلى أنّ الأسواق اللبنانية تحوي أكثر من أربعة ملايين قارورة غاز يزيد تاريخ صنعها على أربعين عاماً. ويشير الخبراء إلى أنّ الحدّ الأقصى لصلاحية قارورة الغاز لا يتجاوز 25 عاماً. حتى أنّ هذا الحدّ يتطلب "صيانة مستمرة حقيقية، لا مجرد طلاء خارجي يهتم بالمظهر فقط"، بحسب ما يقول لـ "العربي الجديد" موزع الغاز جورج منذر.

يضيف منذر أنّ "قارورة الغاز لا تنفجر تلقائياً، بل نتيجة تسرّب الغاز منها. وهذا التسرّب يمكن أن يَنتج من توصيلاتها المهترئة أو المثقوبة، خصوصاً ماسورتها وخرطومها".

ويوجه منذر عدة نصائح في كيفية التعامل مع قارورة الغاز داخل المنزل منعاً لأيّ خطر. ومن ذلك "الامتناع عن تركيب قوارير الغاز داخل المطبخ قرب مصادر الحرارة أو التمديدات الكهربائية، وحمايتها من أشعة الشمس. كما يجب إجراء الصيانة الدائمة لتوصيلات القارورة، على أن يتمّ تغيير خرطوم التوصيل مرتين في السنة، خصوصاً في المناطق الحارّة التي يرتفع فيها معدل الرطوبة كثيراً. كذلك من المهم استخدام الخراطيم الخاصة بقوارير الغاز وليس خراطيم المياه".

يتابع: "مطلوب أيضاً عدم دحرجة القارورة أو قلبها على رأسها عند فراغها من الغاز، في محاولة للحصول على كمية إضافية، والأهم منع الأطفال من اللعب بمفاتيح البوتوغاز، فهذا قد يؤدي إلى حدوث التسرّب، والتسبب بعد ذلك بحالات اختناق".

لكن، ومع تكرار الحوادث التي تسببت بها القوارير القديمة من حالات اختناق، واشتعال حرائق، وانفجارات، تحركت الدولة أخيراً. وجاء تحركها خصوصاً بعد ظهور قوارير جديدة في الأسواق غير مطابقة للمواصفات لدى النازحين السوريين.

ومع ذلك، فالتحرك الأخير لإقرار قانون يحافظ على السلامة العامة، ليس الأول من نوعه لضبط هذا الملف الحيوي. فعام 2003، طُلب من "معهد البحوث الصناعية" المرتبط بوزارة الصناعة اللبنانية، والمخوّل من قبل الدولة منح شهادات مطابقة المواصفات، الإشراف على عمليات تلف قوارير الغاز منتهية الصلاحية. ليتبين في ما بعد أنّ القوارير ما زالت تستخدم في الأسواق.

كما نصّ القرار يومها على وضع مليوني قارورة غاز جديدة في الأسواق بدل القديمة، ليتبين لاحقاً أنّ القوارير الجديدة أيضاً غير مطابقة للمواصفات. لكنّ اللجنة الفرعية المنبثقة من لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه البرلمانية وضعت أخيراً مقترح قانون جديد للغاز يسعى لتأمين السلامة العامة. ومن أبرز ما جاء فيه: إجراء مناقصة لإنشاء شركة جديدة لصيانة الغاز. وزيادة 1000 ليرة (0.67 دولار أميركي) على سعر قارورة الغاز يخصص لتبديل وصيانة القارورة. ومن خلال هذه الزيادة يتم تبديل كلّ القوارير خلال عشر سنوات.

ومع ذلك، فإنّ اقتراح القانون يبقى اليوم حبراً على ورق في حال لم يتمّ إقراره. وبذلك تبقى الخطورة نفسها على المواطن اللبناني من قوارير غاز تزداد قدماً، ولا يجري استبدالها.

من جهته، يقول وزير الطاقة والمياه أرطور نظريان لـ "العربي الجديد" إنّ هذه القوارير هي بالفعل لا تستوفي شروط السلامة العامة، وغير مطابقة للمواصفات، بسبب الصدأ الذي يتآكلها، ويمنعها من تحمّل الضغط الناتج من الغاز داخلها. ويشير نظريان إلى أنّ تحرك الدولة من خلال مجلس النواب (البرلمان) يسعى إلى حسم هذا الملف. يضيف: "للأسف، هناك تجاوزات عديدة في قوارير الغاز، وعلى المواطنين معرفة مدى خطورتها، خصوصا تلك التجاوزات التي تحصل في بعض المناطق النائية. ولهذا من الضروري الحد من هذا الخطر".

يؤكد نظريان أنّ مقترح القانون في حال إقراره، من شأنه أن يضع حداً لأكثر من 4 ملايين قارورة غاز غير صالحة". ويتابع: "سيجري التنسيق بخصوص القانون وتطبيقه، حال إقراره، ما بين وزارات الصناعة، والأشغال العامة والنقل، والداخلية، وكذلك مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية (ليبنور)، وعدد من المعنيين في هذا القطاع الحيوي". ويشير نظريان إلى أنّ "كلّ هذا يهدف إلى وضع حد للتجاوزات بدءاً من تعبئة القوارير وصولاً إلى التوزيع، من أجل الالتزام الفعلي بالمعايير العلمية للسلامة العامة".

في المقابل، لا يوافق وزير الصناعة حسين الحاج حسن على خطورة قوارير الغاز. ويقول لـ "العربي الجديد": "هناك مبالغة في توصيف قارورة الغاز بأنّها أشبه بقنبلة موقوتة. لأنّ الخطورة لا تكمن في القارورة كقارورة، بل في طريقة تعبئتها غير السليمة، وتسرب الغاز منها، وسوء الصيانة". وبالنسبة لمقترح القانون الذي يسعى إلى حلّ المشكلة، يؤكد الحاج حسن أنّه "أشرف على مراحله النهائية".

إقرأ أيضاً: انبعاثات دواخين معمل الذوق تهدّد السكان