ليبيا أهم منصة نحو أوروبا للمهاجرين الهاربين من الحروب

26 ابريل 2015
مهاجرون عبر المتوسط يتعرضون للفحص الطبي (فرانس برس)
+ الخط -
أصبح جزء من العمل الروتيني للمصورين الصحافيين في ليبيا تصوير جثث المهاجرين الفاقدين لوثائق السفر، المنتشرة على شواطئ القربولي (تبعد 60 كيلومترا عن طرابلس) ومصراتة وزليتن.

هؤلاء المهاجرون غرقوا وهم يحاولون عبور مياه البحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا، وجلهم من الصومال وإريتريا وسورية ومالي وتشاد، كما أصبح جزء من عمل خفر السواحل الليبية التصريح لوسائل الإعلام وإعطاء بيان بأرقام عدد الجثث التي تم انتشالها، وهي الأرقام التي تتزايد كل يوم.

وتزايد هذه الأرقام يوميا يطرح عددا من التساؤلات، أهمها أسباب ارتفاع عدد الذين يبتلعهم البحر في طريق هجرتهم هربا من الحروب والفقر؟ وسبب انطلاقهم من ليبيا؟

يُقدر عدد الذين ماتوا غرقا في البحر الأبيض المتوسط على أبواب أوروبا بـ 22 ألفا منذ سنة 2000، بحسب المنظمة العالمية للهجرة (دولية شبه حكومية).

وهذا الرقم لم يستوعب بعد سنة 2015 التي من المنتظر أن تكون الأسوأ على الإطلاق من ناحية عدد الموتى غرقا على الحدود الجنوبية لأوروبا.

وبحسب المنظمة ذاتها؛ والتي تقدر مبدئيا عدد الذين ماتوا غرقا في المتوسط بألفي مهاجر منذ بداية سنة 2015، أي 30 ضعف العدد الغارق سنة 2014.

وأفادت الأمم المتحدة، في تقرير صدر مؤخرا، بأنه "ما بين شهري مارس/آذار، وأغسطس/آب من العام الماضي، دخل أكثر من 30 ألف مهاجر غير شرعي إلى ليبيا بطرق متعددة".

اقرأ أيضاً: أوروبا تعالج أرق هجرات "المتوسط" بتعزيز الحدود

وانطلقت الهجرة غير الشرعية من عدد من الدول الأفريقية وشمال أفريقيا؛ تحديدا في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قررت الدول الأوروبية إغلاق حدودها أمام المهاجرين واشتراط الحصول على "تأشيرة" لدخول أراضيها، وهو القرار الذي لم يوقف الهجرة أو يقللها. 

الصحافي السويسري بيير جيني قال في مقال بصحيفة la tribune de Genève إن "لا شيء يمكن أن يمنع أي شخص ليس له من خيار سوى مغادرة بلده، ما دام هناك حروب وفقر وكوارث ستكون هناك هجرة"، فيما يقول إيمانويل بيولان، رئيس مؤسسة فرنسا للحريات (غير حكومية) في مقال رأي نشره في موقع Huffington post الفرنسي، إنه "ليس هناك هجرة شرعية وأخرى غير شرعية، لأن التنقل هربا من الحرب ومن الفقر هو أمر شرعي".

وتشكلت مسالك مختلفة للهجرة بدون وثائق سفر، وكانت الأكثر أمنا والأقل مسافة في البحر هي تلك التي تنطلق من شواطئ تونس إلى جزيرة لمبادوزا الإيطالية، ومن شمال المغرب إلى شواطئ جنوب إسبانيا، فيما كانت السياسات الأوروبية تتعامل مع هذه الهجرة بشكل أمني بحت من خلال سياسة إغلاق هذه المسالك، ما جعل المهاجرين يبحثون عن مسالك أخرى.

السياسات الأوروبية التي عرقلت انطلاق المهاجرين من شمال تونس والمغرب، من خلال اتفاقيات أمنية مع هاتين الدولتين جعل المهاجرين يتوجهون إلى أماكن انطلاق تكون بعيدة عن رقابة الأمن وحرس السواحل.

على سبيل المثال، تحوّل المهاجرون إلى الانطلاق من سواحل جنوب المغرب، ومن موريتانيا إلى جزر الكناري الإسبانية ومن ثم إلى إسبانيا؛ وهو ما يزيد من طول المسافة التي يقطعها المهاجرون في البحر، وبالتالي يزيد من احتمالية غرقهم، خاصة أنهم يسافرون غالبا على مراكب صغيرة وضعيفة غير مهيأة لخوض غمار البحر.

تقدّر السلطات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس أن هناك ما يقارب 500 مهاجر بدون وثائق سفر، ينطلقون يوميا من الشواطئ الليبية للالتحاق بأوروبا.

وبعد سقوط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في العام 2011 وتدهور الأوضاع السياسية والأمنية، أصبحت ليبيا من المسالك الأسهل نظرا لضعف المراقبة على الحدود، وهو ما يسهل وصول المهاجرين من دول جنوب الصحراء، وكذلك من المغرب العربي ومنها الانطلاق بحرا إلى أوروبا.

وقال الناشط الحقوقي التونسي، أمية الصديق، لوكالة الأناضول، إنها "ليست المرة الأولى التي تتوحد فيها المسالك من ليبيا، حيث وقع نفس الشيء في العام 2008 عندما كان نظام القذافي يريد أن يضغط على الأوروبيين من خلال ورقة الهجرة".

هناك معطى آخر وهو قيمة التكلفة، فتكلفة الهجرة من ليبيا يمكن القول إنها من أقل التكاليف حيث يدفع الشخص لشبكات التهريب ما يقارب 600 إلى 700 دولار، في حين تكلفت نفس الرحلة قبل سنوات من شواطئ تونس أو المغرب ما يقارب 5 أضعاف ذلك.

اقرأ أيضاً: عنصرية "ذا صن": المهاجرون صراصير...