أزمة مستشفيات تونس مستمرة

06 مارس 2015
هناك نقص في أطباء الاختصاص (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

خلالَ السنوات الأخيرة، تفاقمت أزمة المستشفيات في تونس نتيجة عوامل عدة، منها نقص المعدات الطبية والأسرّة والكادر الطبي المتخصّص، وتحديداً في المناطق الداخلية. وما زالت مشكلة أطباء الاختصاص تشهد جدلاً بين وزارة الصحة من جهة والأطباء من جهة أخرى، الذين يرفض غالبيتهم العمل في المناطق النائية والأرياف.
جدلٌ انعكس على صحة المواطنين في هذه المناطق، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى قطع مئات الكيلومترات، بهدف تلقي العلاج في المدن.

تجدر الإشارة إلى أنه في تونس 22 مستشفىً جامعياً، و34 مستشفىً جهوياً، ومركزان صحيّان، ومستشفى محلي، وثلاثة مستشفيات عسكرية، ومستشفى لقوات الأمن الداخلي. فيما يُقدّر عدد الأطباء في البلاد بنحو 12 ألف طبيب، يختار العدد الأكبر منهم العمل في المدن.
من جهة أخرى، فإن توزيع المستشفيات، خصوصاً تلك الجامعية، كان وما زال غير متوازن. تتركز نحو 75 في المائة منها في مناطق الشمال، لتتوزع البقية على مناطق الوسط والجنوب. وبطبيعة الحال، يتركز العدد الأكبر منها في المدن (17 مستشفى). كذلك، لا يتجاوز عدد الأسرّة الـ 183 سريراً لكل مائة ألف مواطن، علماً أن هذا العدد يتضاءل في مناطق الوسط والجنوب. وتعاني محافظتا القصرين وسيدي بوزيد من نقص في عدد الأسرّة.
في ما يتعلق بتوزّع الأطباء، تُعاني محافظات الوسط الغربي (على غرار القصرين وسيدي بوزيد)، ومحافظات الجنوب الغربي (قفصة وقبلي وتطاوين وغيرها)، من نقص في عدد الأطباء. في محافظة تطاوين، يوجد فقط 68 طبيباً متخصصاً لكل عشرة آلاف مواطن، تليها القصرين بـ 94 طبيباً.

من جهتها، كانت وزارة الصحة قد أكدت أنها تلقّت نحو 50 طلباً للعمل من قبل أطباء الاختصاص، علماً أنه يوجد 480 مقعداً شاغراً. كما أن الوزارة كانت قد أصدرت قراراً يجبر أطباء الاختصاص على العمل في المناطق النائية والأرياف لمدّة ثلاث سنوات. إلا أن القرار جوبه بالرفض من قبل الأطباء، ما دفع الوزارة إلى تقليص المدة من ثلاث سنوات إلى سنة، بالإضافة إلى منحهم حوافز مالية تصل قيمتها إلى ألف دينار (700 دولار)، والسماح لهم بإنشاء عيادات خارجية في الوقت نفسه. مع ذلك، لم تنته الأزمة، علماً أن غالبية الأطباء يفضلون الهجرة والعمل في الخارج، أو العمل في المستشفيات الخاصة في البلاد، فيما يختار آخرون فتح عيادات خاصة إلى جانب العمل في القطاع العام.

من جهته، يوضح المسؤول في وزارة الصحة فوزي مهدي، أن هناك نقصاً في عدد من التخصصات، منها طب الأطفال والنساء والتوليد والتخدير والإنعاش والتصوير بالأشعة. فيما يبيّن الطبيب يوسف الشملي لـ "العربي الجديد" أن "الأطباء لا يرفضون العمل في المناطق الداخلية، إنّما الأمر يتعلق فقط بغياب التجهيزات اللازمة في تلك المستشفيات"، مشيراً إلى أنه "على وزارة الصحة توفير التجهيزات اللازمة قبل إجبار الأطباء على العمل". في الوقت نفسه، يلفت إلى أنه "لا يمكن للطبيب العمل بعيداً عن عائلته، أو في مناطق يصعب التنقل فيها"، مضيفاً أن الطبيب في المناطق الداخلية سيتحمل مسؤولية إصابة المريض بأي مكروه.
من جهته، يشير طبيب القلب محمد بن كريم إلى أن اختصاصه يتطلب تجهيزات متطورة للغاية، لافتاً إلى أن غالبية المستشفيات في هذه المناطق هي عبارة عن مراكز صحية صغيرة، لا يستطيع أي طبيب العمل فيها. فيما يوضح الناظر العام للمستشفى الجهوي في قفصة عبد المجيد بن حليمة أن المستشفى يعاني من أزمة كبيرة جراء نقص أطباء الاختصاص، وخصوصاً أطباء التوليد، ما يجبر الحوامل على التوجه إلى المستشفيات القريبة، علماً أن الأمر قد يشكل خطراً على حياة المرأة الحامل والجنين.

في المقابل، يقول مدير المستشفى الجهوي في قبلي (جنوب البلاد) عادل الدريدي لـ "العربي الجديد": "على الرغم من توفر جميع التجهيزات الأساسية والضرورية التي تسمح للأطباء بالعمل، إلا أنه يوجد نقص فادح في عدد أطباء الاختصاص"، وينعكس ذلك على المستشفيات التي تعمل طوال الوقت، على غرار مستشفى محافظة قبلي. ويعزو عزوف الأطباء عن العمل في المناطق الداخلية إلى توجه غالبيتهم إلى القطاع الخاص، بحثاً عن مستوى معيشي أفضل.
تجدر الإشارة إلى أن قرار وزارة الصحة القاضي بإجبار الأطباء على العمل لمدة عام في المناطق الريفية والداخلية، وخصوصاً في مناطق الشمال الغربي وأقصى الجنوب، لم تتم المصادقة عليه بعد، بانتظار مجلس النواب الجديد.
دلالات
المساهمون