سيارات الأجرة تعيل الموريتانيّين

13 مارس 2015
تجذب سيارات الأجرة الباحثين عن زيادة مداخيلهم (فرانس برس)
+ الخط -

تجذب مهنة قيادة سيارات الأجرة عدداً كبيراً من الموريتانيّين الراغبين في العمل، أو الباحثين عن فرصة لزيادة مداخيلهم. لكن سائقي سيارات الأجرة الذين يمارسون هذه المهنة منذ سنوات، لا يتوقّفون عن الشكوى من الازدحام المروري والمخالفات الظالمة، والخناقات في أوقات الذروة وتهوّر بعض منهم.
محمد لغظف ولد الداه (42 عاماً)، سائق سيارة أجرة منذ 17 عاماً. بالنسبة إليه، "الجميع يعتبر أن هذه المهنة هي الفضلى والأسهل، إذ ربحها سريع ومجهودها قليل ولا تتطلب خبرة. لكن هذا الحكم غير صائب، إذ يتوجّب على سائق سيارة الأجرة تجديد سيارته وإصلاحها من حين إلى آخر، بالإضافة إلى تسديد الضرائب والمخالفات التي قد تحرّر بحقه".

يضيف أن "هذه المهنة تحرم ممارسيها من الاستمتاع بالجو العائلي. ففي سبيل تأمين لقمة عيشه، يلتزم السائق بالعمل 14 ساعة في اليوم. وهي مهنة صعبة ومتعبة، إذ إن الجلوس وراء مقود السيارة لساعات، يتسبب بآلام في الظهر والرقبة والمفاصل والقدمَين".
لكن ثمّة مزايا لهذه المهنة بحسب ولد الداه، الذي يقول إن "مقابلة أشخاص من طبقات اجتماعية مختلفة ومناقشة مواضيع متعددة معهم، أفضل ما في هذه المهنة. فهذا التواصل لا يجعل السائق يملّ في خلال ساعات عمله". من جهة أخرى، يشير إلى مخاطر مختلفة. ولعل "اتهام السائق بالسرقة، أخطرها وأكثرها انتشاراً. فحين يفقد أحد الركاب حقيبته أو هاتفه في مكان ما، يسارع إلى اتهام سائق التاكسي. كذلك، يلجأ بعض الشباب إلى حيل للتهرب من تسديد الأجرة، فيضطر السائق إلى مواجهتهم".

إلى ذلك، ينتشر "التاكسي الخفي" في البلاد، إذ يستغل الموظفون والعمال، وحتى العاطلون عن العمل سياراتهم للعمل عليها من دون ترخيص أو دفع ضريبة. وقد تحوّل الأمر سلوكاً جماعياً، إذ إن معظم الموريتانيين الذين يملكون سيارات يفعلون ذلك في أوقات فراغهم، أو حين يصادفون شخصاً يحتاج إلى من يقله في طريقه.
وعلى الرغم من اكتظاظ شوارع نواكشوط وزحمة السير الدائمة، لم يتوقّف أصحاب السيارات عن ممارستهم "التاكسي الخفي". ولكلّ واحد أسبابه ومبرراته. بالنسبة إلى محمد ولد المامي (32 عاماً) الذي يعمل سائق أجرة في المساء، الحافز المادي هو السبب الرئيسي. ويقول: "أنا موظف بدوام جزئي، والراتب غير كاف لتلبية الالتزامات الأسريّة. حاولت مراراً البحث عن عمل في المساء، لكن من دون جدوى، إلى أن نصحني زميلي بشراء سيارة والعمل عليها. وكانت فكرة مفيدة وعمليّة. فأنا تمكنت من زيادة دخلي".

ويشير ولد المامي إلى أنه لم يكن يتوقع أن تكون هذه المهنة صعبة، لكنه اكتشف كم هي شاقة بعد الممارسة. ويعيد ذلك إلى "تجاوزات السائقين على الطرقات والخناقات في أوقات الذروة، والمخالفات الظالمة وتهوّر بعضهم في القيادة والتسابق. ومعاناة سائق التاكسي الخفي تأتي مضاعفة، إذ يتوجّب عليه التخفي والبحث عن الزبائن والابتعاد عن دوريات الأمن".
ويتحدّث عن صعوبات أخرى، إذ "بعض الزبائن يشترطون تخفيض السعر قبل الصعود إلى السيارة، لا سيّما في خارج أوقات الذروة حين تكون سيارات الأجرة متوفرة. كذلك، يبتزّ بعضهم السائق المتخفي في حال أوقفته دوريّة أمنيّة. فيطلبون من السائق التخلي عن الأجرة في مقابل عدم التبليغ عن نشاطه السري".
العربي ولد المشتابى (39 عاماً) أيضاً سائق أجرة متخفّ. يقول: "أعطاني أخي هذه السيارة للعمل عليها بعدما فشل في إيجاد وظيفة رسميّة لي. ومنذ ثلاث سنوات وأنا على هذه الحال في داخل مدينة نواكشوط. أحياناً أعمل في خارجها وأنقل المسافرين إلى مدن أخرى، لا سيّما في فترة الأعياد".
ويوضح أن "سائق التاكسي الخفي وكي يتمكّن من تأمين ربح ما، مطالب باصطياد أكبر عدد من الزبائن، والمحافظة على السيارة وتفادي الحوادث والمخالفات المروريّة وعدم الكشف عن نشاطه علناً. وهذا ما يجعل عمله صعباً للغاية".

ويلفت ولد المتشابى إلى أن "هذه المهنة تضم خليطاً من الناس. فثمّة سائقون مهرة يجيدون التعامل مع الناس، ويحفظون خريطة المدينة وحواريها. وثمّة متطفلون لم يجدوا مهنة أخرى غير تلك، وهمهم الوحيد هو الربح حتى لو أتى على حساب سمعة هذه المهنة. فهم يصطحبون الزبون في مشوار طويل لكسب مزيد من المال، بحجّة أن السير في هذا الاتجاه ممنوع، أو أن الطريق غير صالح للسير، لكثرة الحفر فيه أو لوجود دوريّة أمنيّة. إلى ذلك، هم يشترطون مبلغاً معيناً قبل نقل الزبون ويرفضون التعرفة الموحّدة".
دلالات