إيرانيات يلجأن إلى الصناعات اليدويّة

12 مارس 2015
هي صنعت بيديها تلك الأواني الفخاريّة (العربي الجديد)
+ الخط -

ترتّب بابا زاده أغراضها بعناية شديدة، وتضعها على طاولة صغيرة أمامها قطعة تلو أخرى. هي صنعت بيديها تلك الأواني الفخاريّة ولوّنتها بالأزرق والأصفر، وضمّنتها رسوماً تقليدية لتمنحها الطابع الإيرانيّ مستخدمة نقوشاً معروفة في كثير من الأساطير والحكايات التاريخية الإيرانية.

بابا زاده في أوّل الثلاثينيات، وهي لطالما أحبت الفنون والأعمال اليدوية من دون أن تعرف كيفيّة الاستفادة من موهبتها بما يدرّ عليها المال ويساعدها في تأمين قوت حياتها. فاستئجار محلّ في إيران يفوق قدراتها. لكنها حجزت لنفسها في معرض "النساء والاقتصاد المحلي"، مساحة تعرض فيها مع صديقتها منتجاتها للبيع، وتستطيع بالتالي أن تعرّف كثيرين بعملها.
تخبر بابا زاده أن هذه "تجربتي الأولى. فقد سمعت عن هذا المعرض الذي يقام للمرة السادسة على التوالي، وسمعت كذلك عن نجاح نساء كثيرات بعد مشاركتهن فيه، فسجلت اسمي للمشاركة". بالنسبة إليها، "معارض من هذا النوع وإن كانت مؤقتة، إلا أنها تفتح باباً عريضاً للنساء اللواتي يعملن من منازلهن ويبحثن عن فرصة عمل".

في زاوية أخرى من المعرض الذي يُقام في حديقة كفتكو غرب العاصمة طهران، تعرض مريم إكسسوارات وأساور مصنوعة يدوياً. تقول إن "كثيرات هنّ الشابات الإيرانيات اللواتي يقبلن على شراء قطع من هذا النوع للزينة، لا سيّما أن الطراز الذي أتّبعه في تصميم إكسسوارتي يجمع ما بين الحداثة والتراث الإيراني".
ومريم كانت قد درست الفنون الجميلة في السابق، وهي اليوم تحاول إعالة نفسها وطفلها بعدما توفي زوجها قبل سنوات. في البداية كانت تعرض مصنوعاتها في محل أحد الأقارب الذي يتولى بيعها، لكن بعد تنمية موهبتها ومتابعتها دروساً خاصة وتعرّفها على إحدى النقابات التي تدعم الصناعات النسائية، فتح الباب أمامها أكثر. تقول: "أصبحت أشارك في معارض كثيرة. وهو ما شكل لي فرصة كبيرة"، ليس فقط لتطوير عملها وتوسيعه بل لتتشجّع على الاستمرار "في عمل أحبه بالفعل".

تختلف قصص المشاركات في هذا المعرض الذي يتألف من 300 جناح هذا العام. لكن المعرض يُنظّم بهدف أساسي وهو دعم وتشجيع النساء اللواتي لا معيل لديهنّ. كذلك يطمح إلى زيادة ثقتهن في أنفسهن وتعزيز الأمل لديهن. فكل فكرة مهما كانت بسيطة قد تفتح الباب أمام عديدات. وهنا، يستطيع المرء أن يجد ألبسة مصنوعة يدوياً وبعض أنواع الغذاء كالمربيات والألبان والحلويات وما إلى ذلك.
وتوضح مديرة مؤسسة تأهيل النساء المعيلات أو المسؤولات عن عائلات فهيمة فيروزفر أن "هذه المؤسسة سعت في الفترة الماضية إلى جذب أكبر عدد من النساء المنتميات إلى هذه الشريحة في المجتمع الإيراني. فمعرض من هذا النوع يستطيع أن يعرّف بالنساء وبصناعاتهن، ويشجّع كذلك الصناعات الإيرانية المحلية. وهو ما قد يفتح الباب مستقبلاً لتعريف المنطقة والعالم بهذه الصناعات".
تضيف فيروزفر أن "الإعلان عن نشاطات كهذه قد يساعد نساء أخريات ويشجع المجتمع على مساعدتهن. وقد طرحت أخيراً أفكاراً جديدة لتوسيع هذا المشروع وتطويره من قبيل تحديث تطبيقات للأجهزة المحمولة، خصوصاً في معارض من هذا النوع".

إلى ذلك، يدرك المسؤولون أن فكرة من هذا النوع تدعمها نقابات ومؤسسات نسويّة كثيرة، قد تحل العديد من المشكلات. ومن هذا المنطلق، قررت بلدية طهران رعاية هذا المعرض بشكل سنوي.
وفي افتتاح معرض هذا العام، قال محافظ مدينة طهران محمد باقر قاليباف إنه "يجب فتح الباب أمام النساء الإيرانيات أكثر، ووضع مشاريع من هذا النوع في متناول إيديهن. فالتجربة تثبت أنهن قادرات على إنجاح هذا المشروع بشكل جدي، وهو الأمر الذي سينعكس إيجاباً على كل المجتمع".

فالمجتمع الإيراني يعاني من مشكلات اقتصادية واجتماعية عديدة. والبلد الذي يخضع لعقوبات اقتصادية منذ سنين طويلة، يعاني عدداً كبيراً من أبنائه من الفقر والبطالة وحتى الإدمان.
من جهة أخرى، أتى الإقبال كبيراً على هذا المعرض، لا سيّما مع اقتراب موسم الأعياد وعطلة عيد رأس السنة الشمسية في إيران الموافق لـ 21 مارس/آذار. فالإيرانيون في مثل هذه الأيام، يقبلون على الأسواق لشراء حاجيات العيد والهدايا.
نجمة من اللواتي قصدن المعرض. تقول إنها تحب الصناعات اليدوية كثيراً، "وأحب ارتداء الملابس التقليدية المتوفّرة في هذا المكان واللواتي صنعتها النساء يدوياً. وأشجّع أيضاً فكرة المعرض التي تساعد كثيرات، لا سيّما النساء اللواتي يبحثن عن مصدر رزق".
دلالات
المساهمون