تسليع "خيري" للنساء

13 فبراير 2015
يتورط بعض الإعلاميين في تسليع النساء (Getty)
+ الخط -
معظمنا يشاهد البرامج الاجتماعية على التلفزيونات اللبنانية مرغماً. يُحكى الكثير عن الهوليودية في أداء المقدمين/ات لهذه البرامج. أداء مسرحي، لغة مسجّعة، انفعالات مبالغ فيها. هكذا تبيع هذه البرامج، هكذا تنافس، وهكذا تجذب المشاهدين/ات. يمكن لمن لا يحتمل أن يقوم بتغيير القناة. لكنْ هناك جانب من هذه البرامج يستحق الوقوف عنده، وتسليط الضوء عليه. نفس هذه البرامج التي أوجدت لبحث القضايا الاجتماعية للفئات المهمّشة والأقل حظاً، هي نفسها التي تنتهك حقوق هذه الفئات وتستفيد منها.

"شو حسّيتي لما اغتصبوكِ؟" هكذا يتوجّه أحد مقدمي هذه البرامج بأسلوبه المعتمد بالسؤال لإحدى الفتيات التي تعرّضت للاغتصاب. يرمي جانباً كل المعايير المهنية والأخلاقية. يركز على تحفيز انفعالات النساء بأسلوب مبتذل. اذا بكت النساء على الهواء تكون هذه "خبطة مربحة".
يذهب آخر للتلصص العلني على ممارسات إحداهن النفسية الخاصة ويبدأ أسئلته بأسلوب التحري. يتقصى و"يزركها" كي تنفجر هي الأخرى. يبني ثالث "مجده" على ملفات لحالات معظمها من النساء، تُفتح دون أن نعرف كمشاهدين أو كرأي عام كيف يُصار إلى متابعتها.

في عرض مشاكل النساء الأكثر تعقيداً على الهواء، ترتفع نسبة المشاهدة والأرباح. لا يهم اذا كانت هذه المشاكل نفسية أو نفس-اجتماعية أو قانونية او اقتصادية. لا تلقى بالاً مشاعر النساء وانفعالاتهن وكراماتهن وحقوقهن. برأي هذه الصناعة، المشاعر لا تهم، فالبرنامج يبيع ويجذب نسبة مشاهدين.
ثمة ممارسة مشابهة لدى بعض الصحافيين/ات الذين يريدون "تسليط الضوء على العنف الذي يمارس ضد النساء". يطلبون من الجمعيات تزويدهم/هن بـحالات لنساء ضحايا عنف، سواءً زواج مبكر أو عنف أسري أو غيره. تفاجأ هذه السيدات بأن أسماءهن وتفاصيل حالاتهن عرضت دون احترام لأبسط قواعد السرية والخصوصية.

لا يختلف بعض الإعلاميين/ات هنا في شيء عن صناعة الإعلانات التي تسعى إلى "تشييء" النساء أو تسليعهن. الفارق أن التسليع الأول مقنّع تحت غطاء خيري، والثاني "على عينك يا تاجر". النتيجة هي في تقاطع كلتا الصناعتين عند اعتبار النساء سلعة أو شيئاً مجرّداً من دون اعتبار لشخصهن او لكراماتهن.
لهذه البرامج آثار سيئة على المشاهدين وعلى الرأي العام. ولعل أبرز هذه المشاكل أن ربط قضايا النساء "الدرامية" بالبرامج الاجتماعية "الدراماتيكية" الطابع من شأنه أن يحصر معالجة القضايا النسائية والجندرية بـ"صفحة المجتمع" في الصحف أو "البرامج الاجتماعية" في التلفزيون، ما يزيل عن هذه القضايا كونها وطنية أو قضايا رأي عام.
دلالات
المساهمون