"سلخانة الدور الرابع"...شاهد جديد على قمع المعارضة بالإسكندرية

12 فبراير 2015
النيابة ترفض التحقيق في بلاغات التعذيب (مواقع التواصل)
+ الخط -
صعق بالكهرباء.. اعتداء بالضرب والعصي واللكمات.. سيل من الشتائم والسباب بأقذع الألفاظ.. صراخ مختلط بصوت سياط التعذيب.
هذا هو حال عشرات المعتقلين الذين يتم اقتيادهم يومياً بطريقة مهينة وهم معصوبو العينين ومكبلو اليدين، والتنكيل بهم داخل مديرية أمن الإسكندرية، وتحديداً في الدور الرابع المعروف بـ "السلخانة".

ووفقاً لشهادات متطابقة من أهالي وأعضاء في هيئة الدفاع عن المعتقلين بالإسكندرية، أكدوا فيها أن الداخل والخارج من هذا المبنى مفقود نتيجة تعرض الكثير من ذويهم "لأشد وأحقر الأساليب القمعية والانتهاكات الممنهجة"، بعد أن تحول إلى قلعة حصينة ممنوع الاقتراب منها في ظل حكم العسكر.

هذه الانتهاكات دفعت كثيراً من النشطاء إلى تدشين حملة وهاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "سلخانة الدور الرابع"، تضمنت قصصاً مرعبة لانتهاكات لا حصر لها، يتعرض لها المعارضون الذين يزورون هذا المكان، لا سيما في فترة الاحتجاز الأولية لإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها تحت وطأة التعذيب.

وأعلن المشاركون في الحملة أن هدفها كشف عمليات التعذيب الممنهج التي ارتفعت وتيرتها داخل مقرات الاحتجاز وطالت جميع فئات المجتمع، بل وأدى في بعضها إلى الوفاة.. وللأسف نادراً ما تحقق فيها السلطات، رغم الشكاوى والبلاغات المقدمة بهذا الشأن.



وكشف محامي أحد الطلاب أن موكله يدعى "م. س"، تم إلقاء القبض عليه من أحد شوارع المدينة واقتياده إلى الدور الرابع في مبنى مديرية الأمن، وهناك قاموا بصعق أعضائه التناسلية بالكهرباء وبضربه بعصي غليظة تركت آثاراً واضحة على أنحاء متفرقة من جسمه وقدمه، وتعليقه لساعات طويلة من معصميه لإجباره على الاعتراف بالاشتراك في المظاهرات المناهضة للانقلاب.

وأضاف المحامي لـ "العربي الجديد": رغم إحالة الطالب إلى المحاكمة وبه آثار واضحة للتعذيب إلا أن النيابة رفضت الاستجابة لأي طلبات بالتحقيق في هذه الانتهاكات داخل مبنى المديرية الذي يقع على بعد أمتار قليلة من ميدان فيكتور عمانويل في وسط الإسكندرية.


وأشار إلى أن هذه الحالة ليست الوحيدة، بعد أن تم توثيق عشرات الحالات المماثلة سواء في مديرية الأمن أو أقسام الشرطة، لكن للأسف لم يتم اتخاذ إجراء في شأنها رغم توجيه عدد من البلاغات إلى الجهات المعنية.

وذكر بيان للمركز العربي الأفريقي للحريات وحقوق الإنسان، أن فريق العمل حصل على تسريب لمقاطع فيديو توثق حالات تعذيب تتم في الدور الرابع بمديرية أمن الإسكندرية، تظهر قيام عدد من أمناء الشرطة والضباط بسحل أحد المعتقلين وتعذيبه، فضلاً عن توجيه سباب وألفاظ نابية لعدد من المعتقلين معصوبي العين، ويطلب منهم الانبطاح أرضاً.

وأكد المركز أن تزايد وتيرة التعذيب في مديرية أمن الإسكندرية وعدد كبير من مقار الاحتجاز الشرطية بمختلف المحافظات في مصر، يكشف عن كارثة محققة تعيشها مصر في جانب حقوق الإنسان، ويثبت بالدليل القاطع أن التعذيب داخل مقار الاحتجاز هو سياسة ممنهجة للحكومة والسلطات الحالية، منذ انقلاب 3 يوليو حتى الآن، وهو ما يعرض كافة المسؤولين والقائمين على الحكم في مصر إلى المساءلة أمام المحاكم الجنائية المحلية والدولية.

كما أرسلت أسرة الطالب مجاهد مجدي، الطالب في كلية العلوم الذي تم اعتقاله في أحد الكمائن الأمنية، بتقديم بلاغات إلى الجهات المعنية حول تعرض نجلها لتعذيب بشع وانتهاكات شديدة تسببت في تدهور صحته وفقدانه الوعي عدة مرات أثناء احتجازه داخل مقر جهاز الأمن الوطني والمعروف بـ "سلخانة الدور الرابع"، لإجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها.

ونددت الحملة الشعبية لدعم مطالب التغيير (لازم) بقيام قوات الأمن باعتقال أحد أعضائها بدعوى انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وقالت الحملة في بيان: استمرارا لمسلسل الفوضى والبلطجة وفي خطه ممنهجة من قبل قوات الأمن تحت مزاعم مكافحه الإرهاب وعمليات القبض العشوائي على المواطنين، قامت قوات الأمن بإلقاء القبض على عضو حملة لازم (أحمد عبده) من أحد المقاهي في منطقه محطة الرمل وسط المدينة، بدعوى انتمائه إلى جماعة محظورة وترحيله إلى قسم العطارين واحتجازه والاعتداء عليه بشكل مهين من قبل الأمن الوطني من دون تهمة محددة.

فيما يرى محمود عادل المحامي وعضو هيئة الدفاع عن المعتقلين في الإسكندرية، أن التعذيب والإجراءات التعسفية التي تتم داخل مراكز الاحتجاز، أصبحت إحدى الوسائل الرئيسية التي يستخدمها النظام القائم في قمع الشعب بكافة طوائفه، وكأداة تأديبية وعقابية ضد المعارضين للنظام لإهدار آدميتهم وإنسانيتهم.


وأوضح أن حالات التعذيب لم تقف عند المعارضين أو من لهم انتماءات سياسية فقط بعد أن وصلت إلى المواطنين العاديين، وهو ما يتضح من خلال عدة بيانات أصدرتها مديرية أمن الإسكندرية عن وفاة خمسة أشخاص داخل مراكز الاحتجاز في عدد من أقسام الشرطة، ذكرت أنها لأسباب صحية من دون وجود شبهة جنائية.

إلا أن عدة منظمات حقوقية أكدت أنها نتيجة أسباب مختلفة ما بين التعذيب أو الإهمال الطبي أو الاختناق بسبب التكدس وزيادة أعداد المحتجزين داخل غرفة الحجز، كان أبرزهم الطالب مؤمن محمد عبد اللطيف الذي توفي داخل محبسه بسجن برج العرب، إلى جانب شخصين آخرين لفظا أنفاسهما الأخيرة داخل قسمي شرطة مينا البصل والرمل في ظروف غامضة.

وحذر الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل من استمرار هذه السياسات والانتهاكات، وإصرار النظام على التستر على هذه الجرائم وعدم مساءلة مرتكبيها سيخلق مواطنين لديهم كراهية لكل مؤسسات الدولة، فضلاً عن أنها تضعف بشكل كبير الشعور بالانتماء، وسيكون لها عواقب وخيمة على المجتمع بأسره.

وأشار إلى أن قوات الأمن دأبت على عمليات القمع والتعذيب بشكل ممنهح داخل مقار احتجاز شرطية، بالمخالفة للقانون والأعراف الدولية لبث الرعب في قلوب المواطنين، مؤكداً تلقيه شكاوى من أسر بعض المواطنين الذين اعتقلوا بطريقة "متعسفة" خلال الفترة السابقة، والتي تصاعدت مع تزايد الاحتجاجات الأخيرة على الانقلاب العسكري.