تزايد تبني الأطفال الناجين من العنف في العراق

08 أكتوبر 2015
التكفل بالأيتام لإنقاذهم من الضياع (GETTY)
+ الخط -


تلوح بين دخان القصف، وركام المنازل المدمرة، معضلةٌ كبيرة يتعرض لها أهالي الأنبار وصلاح الدين والموصل، شمال وغرب العراق، حيث عشرات الأطفال، الذين كتب لهم النجاة من القصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ، أو ممن فقدوا ذويهم بجرائم نفذها "تنظيم الدولة"، ومليشيات "الحشد الشعبي" بدوافع انتقامية، حيث لم يبق لهم معيل أو مأوى يحتضنهم.
 
في المقابل، فإن عائلات أخرى، لم يكتب لها القدر أن ترزق بزينة الحياة، بدأت تتبنى هؤلاء الصغار ممن تتراوح أعمارهم بين عدة أيام أو أشهر أو بضعة أعوام، بعد أن فقدوا عائلاتهم بالكامل، نتيجة القصف الجوي والبري على مدنهم.

وبرزت ظاهرة التبني، التي لم تكن موجودة سابقاً في المجتمع العراقي، إلاّ في حالات نادرة، في الأنبار وصلاح الدين والموصل.

في هذا السياق، تقول الباحثة الاجتماعية، منى فاضل، إنَ "قضية التبني كانت لها ضروراتها المرحلية، إذ بادرت العديد من العائلات، التي لم ترزق بالأطفال، إلى تبني هؤلاء الصغار، الذين فقدوا أهلهم وعائلاتهم بالكامل، بسبب القصف الذي استهدف منازلهم، وهي فرصة كبيرة لإنقاذ الصغار من الضياع، وفتح باب التبني لمن فقدوا القدرة على الإنجاب".

وتوضح، في حديثٍ مع"العربي الجديد"، أنّ "ظاهرة التبني كانت نادرة جداً، لكنها تصاعدت بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 بشكل لافت، إذ ارتفع عدد الأيتام في البلاد إلى ما يزيد عن خمسة ملايين يتيم، وتزايدت طلبات التبني من قبل عشرات العائلات العراقية لهؤلاء الأطفال، وتشكل هذه الظاهرة حاجة ملحة في الوقت الراهن أكثر منها قبل سنوات".

اقرأ أيضاً:أمهات بديلات يمنحن الأطفال المهمَلين حناناً

ويرى حقوقيون أنَّ ظاهرة التبني جزء أساسي من عملية التكافل الاجتماعي في البلاد، خاصة في ظل الوضع الاستثنائي الراهن.

وفي الشأن القانوني، تقول المحامية، بتول العبيدي: "هناك خمسة ملايين يتيم في البلاد، ولكن معظمهم ربما ما زالت أمهاتهم على قيد الحياة، ولكن المشكلة الأساسية في الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم بالكامل خاصةً في محافظة الأنبار، وهنا يبرز دور التكافل الاجتماعي بهذا الاتجاه".


كما تشير، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الإجراء القانوني للتبني يبدأ بتقديم العائلة الراغبة في تبني أحد الأطفال طلباً إلى محكمة الأحداث لضم الطفل، لتصدر المحكمة قرارها بعد التحقق من الطلب على أن يكون الزوجان عراقيين، ويتمتعان بسمعة طيبة، ولكن في المناطق الساخنة حيث لا توجد محاكم حالياً يجري الأمر ضمن الأعراف الاجتماعية وعدد من الشهود".

إلى ذلك، يتولى ناشطون مهمة نشر صور الأطفال، الذين فقدوا عائلاتهم بكاملها، على "فيسبوك"، لتتوالى بعدها طلبات التبني من داخل المدن وخارجها.

خميس الدليمي، وهو أحد الناشطين، لفت إلى أنّ هناك عشرات الأطفال في مدن الأنبار، كالفلوجة والرمادي، وهيت، والقائم وغيرها، فقدوا عائلاتهم بالكامل بسبب القصف بالبراميل المتفجرة، والصواريخ على الأحياء السكنية. بعض الأطفال تصل طلبات تبنيهم خلال فترة علاجهم في المستشفيات، نتيجة تعرضهم لإصابات خلال القصف، ومنهم من يتبناهم أقاربهم إن وجدوا، وآخرون تتبناهم عائلات لم ترزق بطفل منذ سنوات طويلة، أو أشخاص ميسورون".
ويعتقد مراقبون أنَّ ظاهرة التبني ستشهد انتشارا واسعاً في البلاد، نتيجة تزايد الأيتام، وتزايد الرغبة في التكافل الاجتماعي، متهمين الحكومة بالتسبب بما وصفوه بالكارثة الإنسانية.