هشام الذهبي (25 عاماً)، يحمل شهادة الماجستير في علم النفس، وعمل في إحدى منظمات حماية الطفولة، تكفل برعاية 33 يتيماً في منزله، موفراً لهم أماكن للنوم والطعام والتعلم، ويشرف على كل ذلك بنفسه مؤسساً في منزله جمعية "الود للرعاية النفسية الأسرية"، ما شجع أقارب الأيتام للقدوم بهم إلى منزل هشام وجمعيته.
ويوضح الذهبي أن "تردي الأوضاع الأمنية في البلاد والحروب المستمرة أسفرت عن إصابة أغلب الأطفال بأمراض نفسية مختلفة كالاكتئاب والتوحد، وقد وضعت برنامجاً علاجياً نفسياً خاصاً لاكتشاف قدراتهم ومواهبهم وتنميتها، وتشجيعهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم".
اقرأ أيضاً: العراق: ستة ملايين أرملة ويتيم ومعاق
ويضيف الذهبي لـ"العربي الجديد" نقوم بفحص الطفل للتأكد من خلوه من الأمراض المعدية، ثم نخضعه لجلسات نكشف من خلالها حالته السلوكية، ونعد تقريراً عن كل طفل، ثم تبدأ مرحلة النشاطات المختلفة كتعليمهم الحاسوب والفنون التشكيلية والموسيقى وغيرها في ورش عمل صغيرة".
من جهتها، ترى الباحثة الاجتماعية منى صادق أن "خمسة ملايين يتيم يشكلون معضلة خطيرة تهدد المجتمع العراقي في ظل غياب الاهتمام الحكومي، خصوصاً مع عدم توفر ما يكفي من دور الرعاية الخاصة، ما يجعلهم عرضة للتشرد والضياع والجهل"، مبيناً أن "العديد من العائلات العراقية بدأت بتبني الأيتام خاصةً ممن لم يرزقوا بالأطفال منذ سنوات، فيما بدأنا نلاحظ ظاهرة جميلة وهي توجه الشباب الميسورين والناشطين إلى كفالة الأيتام، وتخصيص منازلهم لرعاية الأيتام وتعليمهم وتربيتهم، بشكل يدل على تكافل النسيج المجتمعي العراقي".
اقرأ أيضاً: دور الأيتام ليست خياراً بالعراق.. بل "عيب"
ويكشف ناشطون أنَّ عدة أسباب تقف عائقاً أمام بناء دور الأيتام في مختلف المحافظات العراقية، أبرزها قلة الدعم الحكومية والتقاليد العشائرية للمجتمع التي ترفض فكرة إيواء الأيتام في دار حكومية أو أهلية خوفاً من "العيب".
هذا ما يقوله الناشط المدني مرتضى الكيلاني مشيراً إلى أن "ضعف الدعم الحكومي إن لم نقل انعدامه، والطابع العشائري المحافظ الذي يرى أنَّ إيواء اليتيم في دار خاصة يعتبر عيباً، يحول دون بناء دور بإمكانها استيعاب جيش الأيتام في البلاد"، لافتاً إلى أن "آلافاً منهم تركوا المدرسة وتوجهوا للعمل بسبب الفقر".
سمية السعدي (31 عاماً) استأجرت منزلاً، هي الأخرى، وحولته إلى منظمة مدنية لرعاية الأطفال الأيتام، وتقول: "كفالة الأيتام ورعايتهم تشعرني بإنسانيتي فأنا ألعب معهم وأعلمهم كل شيء حتى طريقة الأكل والجلوس والكلام، ويساعدني في هذا عدد من صديقاتي وزميلاتي". وتضيف لـ"العربي الجديد" أنها وضعت خطة لتعليمهم الموسيقى والتشكيل والنحت والحلاقة والطبخ ضمن جدول مدروس ومنضبط، وأستضيف بين آونة وأخرى باحثاً نفسياً للاطلاع على التغيرات السلوكية لدى هؤلاء الصغار".
اقرأ أيضاً: أطفال أيتام يتلقّون علاجاً بالدراما في العراق