اصطياف المغاربة.. وجهات على قدر مصروف الجيب

19 اغسطس 2014
البحر وجهة مفضلة لكثير من المغاربة في العطلة (Getty)
+ الخط -
يطلق المغاربة على الإجازة الصيفيّة تسمية "العطلة الكبيرة"، وتتنوّع النشاطات العائليّة في هذه العطلة وتختلف الوجهات. وفيما تحتل شواطئ المغرب على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط المرتبة الأولى، بخاصة في المدن الكبرى كطنجة وأصيلة والسعيدية والبيضاء وأكادير، يقصد عدد كبير من المصطافين المناطق الجبلية، بينما يهتم آخرون بمخيمات الأطفال الصيفيّة.

بحر وجبل وبادية

في المصايف البحريّة، تملك العائلات الميسورة فرصة استئجار شقق مفروشة مطلة على البحر، بينما يلجأ متوسطو الدخل إلى المخيمات الصيفيّة الجاهزة قرب الشواطئ أو يستأجرون قطعة أرض غير مشغولة لنصب خيامهم.
يقول مصطفى (43 عاماً) وهو أب ثلاثة أطفال إن "المخيّم قريب جداً من البحر، وهو غير مكلف مادياً على الرغم من بعض المعاناة التي نخبرها، وذلك في ظل عدم تمكننا من تحمّل تكاليف الفنادق والشقق المفروشة". ويشير إلى أنّ للتخييم سلبياته المتمثلة في وجود الحشرات والزواحف، وكذلك إيجابياته الماديّة والمعنويّة، إذ إنه "يعزّز الاعتماد على النفس، ويربّي الطفل على الاقتصاد، والتمتع بالحياة البسيطة".
في المقابل تفضل أسر أخرى الجبل على البحر لمناخه المنعش، وكذلك بهدف ممارسة بعض الهوايات كالتسلق، الذي ينشط بشكل خاص في ضواحي مراكش، وزيارة مغارات جبال الأطلس في ضواحي مدينتَي أكادير الجنوبيّة وتازة في الشمال الشرقي. كذلك، ثمّة فئة كبيرة من المغاربة تختار البادية لقضاء إجازة الصيف، وتفضّل البساطة والجو النقي والحيوانات الأليفة.
وعن ذلك تقول السعدية (33 عاماً): أحب البادية كثيراً وأنتظر العطلة الكبيرة من أجلها. فأنا أعشق حياة الطبيعة البسيطة.. أحب حلب الأبقار، وشرب الحليب الطازج، ومشاهدة الأغنام وهي تعود بانتظام إلى حظيرتها. وتشير إلى أنّها تسعى إلى تعليم أولادها فوائد البساطة تلك.
من جهة أخرى، تختار أسر عديدة نشاطاً نوعياً آخر بالتزامن مع اصطيافها، وهو زيارة الوالدَين. يقول سعيد (48 عاماً) وهو أب لأربعة أطفال: أحاول عدم حرمان أطفالي من أي شيء، ولذلك نختار وجهة معيّنة. وبعد تمضية الفترة المتفق عليها، لا بد من زيارة الوالدَين والجدّة. وأحرص بذلك على تعلق أبنائي بجذورهم.

تسهيلات

هناك عائلات أخرى، لا قدرة لديها على توفير تكاليف الاصطياف لكلّ أفرادها، فتفضّل إرسال الأطفال وحدهم إلى مخيمات صيفيّة ناشطة في البلاد، وعلى سبيل المثال المخيمات الكشفيّة. يقول عادل (37 عاماً) وهو أب طفلَين: أرسل أبنائي إلى مخيّم كشفي يشرف عليه طاقم تربوي، وأنا مرتاح جداً لذلك. هم بين أيد أمينة ومحترفة، تعمل على تنمية مهارات متعددة لدى الأطفال. وتشير فتيحة التي تعمل مشرفة على أحد المخيمات الكشفيّة التابعة لمدينة تمارة، المحاذية للعاصمة الرباط، إلى أن "الحياة في المخيّم الكشفي لها طعم خاص. ففيها يتعلم الكبار، وكذلك الصغار، معنى الحياة والاعتماد على النفس لتنوّع الأنشطة التي تتوزّع بين مسابقات، وتوعية بيئيّة وصحيّة، وتنمية المواهب، وتعزيز الثقة في النفس، وترسيخ حب الاستطلاع والمغامرة".
في المقابل، يلجأ العديد من الأسر المغربيّة ذات الدخل المحدود أو المتوسّط إلى الاقتراض لتغطية تكاليف الإجازة الصيفيّة. وتقدّم بعض الشركات عروضاً خاصة بالسفر مع تسهيلات في الأداء عبر أقساط مريحة شهرياً.
تقول سهام: استحصلت وزوجي، الذي يعمل معي في الشركة نفسها، في العام الماضي، قرضاً ماليّاً كي نتمكن من إنجاز رحلة سياحيّة على مدى عشرة أيام. ونحن ما زلنا ندفع الأقساط حتى اليوم. وعلى الرغم من ذلك، تشير إلى أنّها كانت فرصة "لولاها لما تمكّنت من إسعاد أطفالي".
كذلك تنظم عائلات غير قادرة على السفر نزهات دوريّة، وهو حال عائلة عائشة (29 عاماً) وهي أم طفلَين تقول: نحاول الترويح عن أنفسنا بالتنزّه مع الأصدقاء والأقارب والجيران، فنحضّر الطعام بأنفسنا ونذهب به إلى الغابة القريبة من الحيّ. وهناك يلعب الأطفال ويستمتعون تحت أنظارنا. وآخرون لا يتمكنون حتى من الاصطياف بأقلّ الشروط الممكنة، ومن هؤلاء محسن الشاب العشريني الناقم على الوضع المادي السيئ لأسرته. ويقول بسخط: لا أدري لماذا ينجبوننا، وهم لا يوفرون لنا أبسط الأمور!. ويضيف: إن كثيراً من أقراني لديهم سياراتهم الخاصة، ومصروف جيبهم الشهري من أهلهم، وهم يستطيعون السفر متى شاؤوا.
دلالات