صيف الجزائريّين تحت رحمة الواقع الاقتصادي

17 اغسطس 2014
اكتفى عدد كبير من الجزائريّين بالشواطئ المحليّة(فرانس برس/Getty)
+ الخط -

كثيرة هي العائلات الجزائريّة التي قصدت وجهات متعدّدة من أجل الاصطياف هذا العام. ومع بقاء الوجهات الداخليّة، وخصوصاً في المدن الساحليّة، الأكثر استقطاباً، قصد آخرون بلداناً أخرى، تأتي تونس في مقدّمتها. وموسم الاصطياف هذا العام كان مختصراً، نتيجة وقوع شهر رمضان فيه وتأثيره اقتصادياً على خطط الجزائريّين الخاصة بالإجازة الصيفيّة.

يقول سليمان، وهو موظّف وأب لأربعة أطفال: "اعتدت وعائلتي قضاء الإجازة الصيفية خارج الجزائر العاصمة، في المناطق الساحليّة، مثل وهران ومستغانم. لكنني هذا العام وفّرت المال المخصّص لذلك، لاستخدامه في مصاريف شهر رمضان. واليوم سأكتفي بمرافقة أبنائي للسباحة عند شاطئ الكيتاني في العاصمة".

وهكذا، تبقى شواطئ الجزائر العاصمة الملاذ الأبرز لسكانها، خصوصاً الذين لم يتمكنوا من توفير ميزانيّة خاصة للسفر إلى وجهات أخرى داخليّة أو خارجيّة. وقد شهدت الشواطئ، البالغ عددها 72 شاطئاً والتي يسمح بالسباحة فيها من بين 85 شاطئاً، إقبالاً كثيفاً بلغ نحو 133 ألف مصطاف منذ الأول من يونيو/ حزيران الماضي، بحسب إحصاءات الحماية المدنيّة.

ساسي وعائلتها من رواد شواطئ العاصمة. هي أم لسبعة أطفال وتعمل ممرّضة في مستشفى مصطفى باشا. تقول إنّها لم تتمكّن من تدبير المال للسفر واستئجار منزل أو شاليه، بسبب أقساط القرض السكني الخاص بشقّة العائلة، وخصوصاً أن زوجها شبه عاطل عن العمل.


السياحة في الخارج

يشير تقرير أعدّته مديريّة شرطة الحدود، التابعة للمديريّة العامة للأمن الوطني الجزائري، إلى أن نحو 40 ألف مواطن سافروا في عام 2013 إلى تونس، و18 ألفاً إلى تركيا خلال الفترة نفسها على خلفيّة الشعبيّة التي حازتها المسلسلات التركيّة. كذلك، ازداد عدد الجزائريّين الذين قصدوا مصر، ولا سيّما منتجعاتها السياحيّة الشهيرة، مثل شرم الشيخ والغردقة. ويوضح التقرير أن أكثر من عشرة آلاف جزائري قصدوا مصر للسياحة خلال ستة أشهر العام الماضي. كذلك تفيد الإحصائيات بأن 17 ألف جزائري سافروا إلى المملكة المغربية خلال ستة أشهر في الفترة نفسها. وتتصدّر الإمارات العربيّة المتحدة دول الخليج العربي التي يتوافد إليها الجزائريون، خصوصاً إمارة دبي. وقد سجّلت أرقام عام 2013 وصول 7955 جزائرياً خلال ستة أشهر معظمهم من أجل السياحة وتمضية الإجازات.

وتنوّعت وجهات المصطافين الجزائريّين بين الداخل والخارج، هذا العام. فمَن كان أوفر حظاً من سواه، استقبلته وجهات خارجيّة متعدّدة، كتركيا وإسبانيا، في حال تمكّن من الحصول على تأشيرة دخول. وتبقى تونس، الجارة التي لا تفرض شروطاً على دخولها، الأكثر مقصداً وتفضيلاً بالنسبة إلى العائلات، نظراً لانخفاض أسعار الخدمات وجودتها مقارنة بما تقدّمه المرافق السياحيّة الجزائريّة.


مصايف الداخل

إلى ذلك، انتقل مصطافون كثر إلى وهران والقالة وجيجل وبجاية. وبسبب التدفّق الكبير للعائلات وخوفاً من ارتفاع الأسعار، شهدت هذه المدن إقبالاً كبيراً على استئجار منازل المدينة وشققها عوضاً عن الفنادق والاستراحات، ما أدّى إلى تكاليف أقل على المصطافين وفوائد ماليّة أكبر على أصحاب تلك المنازل من أهالي مدن الاصطياف. وتجدر الإشارة إلى أن أهل العاصمة وسكان الولايات الداخلية، كالمدية والبليدة والأغواط، ومن بعدهم المغتربون الجزائريون في مختلف بلدان المهجر، لهم حصّة الأسد من تلك الحجوزات.

على المستويَين الرسمي والأمني، وعلى هامش انطلاق موسم الاصطياف من منطقة عين الترك السياحيّة في وهران، قال نائب مدير الإحصاءات والإعلام، المقدّم عاشور فاروق، إن الحماية المدنيّة أطلقت جهازاً لحراسة الشواطئ المفتوحة للسباحين في الجزائر ككل، في السابع من شهر أغسطس/ آب الحالي. ويضم الجهاز 12 ألف عنصر من عناصر الحماية المدنيّة، مهمتهم اليوميّة العمل على ضمان أمن المصطافين عند 369 شاطئاً يسمح بالسباحة فيها، من أصل 589 شاطئاً على السواحل الجزائرية كافة. وأشار فاروق إلى أن هذه الشواطئ مزوّدة بالتجهيزات الكاملة التي تسمح بمواكبة تنظيم عمليات الإنقاذ بفاعلية.

تعيش الجزائر اليوم ذروة موسم اصطيافها. وبين مَن اختار العاصمة والمدن والولايات الأخرى، ومَن تسنّى له السفر الخارجي، تبقى شريحة عريضة من المواطنين لم تجد في قاموسها معنى للإجازة الصيفيّة.. شريحة عريضة حُرمت تماماً من برامج السياحة وأنشطتها الترفيهية وأبُعدت عن الصيف ومزاده.