وداع رمضان.. مسلمون أفارقة يحتفون بروح التضامن

25 يوليو 2014
رمضان في أفريقيا له مذاق خاص (GETTY)
+ الخط -

 من بنين إلى أفريقيا الوسطى، مرورا ببوروندي، ووصولا إلى السنغال، بدا من الواضح أنّ شهر رمضان لهذه السنة كان استثنائياً إلى أبعد الحدود في أرجاء القارة الأفريقية. فمشاهد التضامن الطاغية على أنشطة الأفراد والجماعات، سواء على مستوى الحكومات والمنظمات الدولية، أو حتى على الصعيد الشخصي، شكّلت خير دليل على ذلك.

مسحة من التآزر طغت على المعاملات بين مختلف الشعوب الأفريقية، وهي تستعدّ لتوديع شهر رمضان، فكان أن أثارت في الأنفس ما كمن فيها من قيم انسانية، داعية إلى التعاون ومساعدة المحتاجين.

في مبادرة وصلت هذا العام دورتها السابعة، شرعت حكومة بنين، يوم الجمعة الماضي خلال حفل رسمي، في توزيع الأغذية على السكان المسلمين في البلاد. حركة رمزية لـ "إظهار التضامن الوطني بين أفراد المجتمع المسلم"، وفقا لتصريحات وزير العلاقات مع المؤسسات في البنين، بيو تورو أورو غيوا.

ويتم توزيع الأغذية، والمقدّر قيمتها بحوالى 85 مليون فرنك أفريقي (أي ما يعادل 174.515 دولار)، في جميع أنحاء بنين. وتتكوّن أكياس الغذاء المقدّمة، بحسب الوزير، من ألف كيس من الأرز بحجم 50 كج، و771 قارورة زيت بسعة 25 لتراً، إضافة إلى 500 كرتونة من السكر والحليب، و300 ألف كرتونة من حليب، مكوّنة من 48 علبة.

وتجدر الإشارة إلى أنّه تم اختيار هذه المنتجات الغذائية بالتشاور مع قادة المجتمع المسلم في بنين، وفقا لمنظمي الحفل.

وقال الأمين العام للاتحاد الإسلامي في البنين، الحاج فايسو أديجبول: "إن المجتمع المسلم حسّاس جدا لهذه المبادرة".

وفي بانجي، عاصمة أفريقيا الوسطى، بدأ وفد من منظمة المؤتمر الإسلامي، في منتصف يوليو/ تموز، توزيع الأغذية لشهر رمضان. المنظمة الإسلامية لم تـُقـْصِ الطائفة المسيحية من هذه المساعدات الغذائية، في بلد مزّقته أزمة طائفية منذ ديسمبر/ كانون الأوّل 2013.

وأقيمت حملة التوزيع في مسجد "التيك"، في منطقة الكيلومتر 5 في عاصمة أفريقيا الوسطى، بإشراف الوزير السنغالي السابق للشؤون الخارجية، يان غادجو، ومسؤول الشؤون الانسانية في منظمة المؤتمر الإسلامي،عبد الله كيبي.

وقال كيبي:"قمنا بشراء الأغذية وتقديمها إلى المسجد المركزي، وتتألّف من 15 طناً من الغذاء بقيمة جملية تناهز 7 ملايين فرنك أفريقي (حوالى 14.370 دولار)، وذلك بغرض توزيعها، وقد تمّ ذلك بالفعل في 17 يوليو/ تموز، لقد اشترينا أغذية إضافية ليصبح المجموع 18 مليوناً (37 ألف دولار)، ثمّ قمنا بتقسيمها ضمن ألفي علبة، تحتوي كلّ واحدة منها على 5 كج من الأرز، و5 كج من الطحين، و3 من السكر، والحليب والصابون والسردين والزيت. وسنقوم بتوزيعها على المسلمين وغير المسلمين في منطقة الكيلومتر 5، وسيتمّ التبرّع بجزء منها لأبرشية بانجي".

وفي عاصمة بوروندي، بوجمبورا، حصل 1170 يتيماً و560 أرملة على مساعدات غذائية، في شكل 400 حقيبة يدوية للسيدات، وحقائب ظهر للشباب، وملابس للأطفال، إضافة إلى بطانيات وغيرها من المستلزمات، خلال بادرة قامت بها "منظمة التعليم الروحي ودعم الأيتام" المستقلّة في العاصمة البوروندية.

ووفقا للممثّل القانوني للمنظمة، الشيخ عمر نشيميريمانا، فقد تمّ توزيع 4 أطنان من الأرز، و 200 قارورة زيت، و3 أطنان من الفول، إلى جانب 200 كيس من دقيق القمح، وطُنَّيْنِ من السكر، على 200 من أفقر العائلات في العاصمة.

واستفادت من الحملة الخيرية عائلات مسلمة وغير مسلمة، عبّرت عن سعادتها العارمة، خصوصا مع تزامن المساعدات مع "هذه الأوقات الصعبة، المتميّزة بارتفاع أسعار الحاجيات الأساسية في البلاد"، على حدّ قول بعض الفقراء، الذين شملتهم المساعدات.

الشيخ نشيميريمانا قال معقّبا على الموضوع: "نعيش اليوم في عالم رقمي، ورغم ذلك، فإنّ أغلب طلبتنا ينهون دراستهم الجامعية دون لمس لوحة مفاتيح الحاسوب، في وقت يمتلك فيه طفل، في أماكن أخرى، حاسوبه الخاص منذ نعومة أظافره".

وفي العاصمة السنغالية، دكار، يعلق سائقو السيارات في الزحام، فيفوّتون على أنفسهم فرصة الإفطار في الميعاد، غير أنّ ضياع فرصة حصولهم على وجبة خفيفة لسدّ رمقهم بعد يوم صيام طويل، لا تزال قائمة. ففي جميع تقاطعات الشوارع الكبرى وجادات دكار، ينتشر عدد من الشباب لتقديم القهوة الساخنة مرفوقة بالتمر.

بامبا هو أحد أولئك الشباب، الذين لا يملّون القيام بهذا العمل التطوّعي كلّ سنة في شهر رمضان. كان يحمل بين يديه القاتمتين طبقا، اصطفت عليه فناجين القهوة، وإلى جانبها، تناثرت حبات التمر في غير انتظام. بامبا قال: "هذا أقلّ ما يجب القيام به لدعم إخوتنا من المسلمين، فمع الازدحام، لا يمكنهم بلوغ وجهاتهم في الوقت المحدّد، وتقديم القهوة لهم، والتمر يمنحهم القوة الكافية للوصول إلى منازلهم".

مبادرة الشباب في دكار لقيت ترحابا من قبل سائقي السيارات والمارة عموما. مامادو سامب، سائق شاب، قال، من جانبه "أنا أفطر كلّ يوم بفضل مساعدة هؤلاء الشباب"، مضيفا أنّه "ينبغي تشجيعهم، فهذا ما نتوقّعه من شاب مسلم، حيث يتعيّن على الشباب التضامن فيما بينهم".