تسعيرة سعودية لضرب الزوجة

21 ابريل 2014
+ الخط -

ضرب الزوج زوجته بكفّ بسيط 250 ريالاً، كف بألم بسيط 500 ريال، متوسط الألم 725، شديد الألم 999..
الضرب بالقدم مع التسبب في سقوطها 1250ريالاً، ركلها بالقدم 1500ريال..
الضرب الشامل في الجسم كافة من دون علامات أو كدمات 20 ألف ريال، مع كدمات خفيفة 30 ألف ريال، ضرب شديد الألم 40 ألف ريال..
ضرب مصاحب للشتم في أماكن متفرقة..
ملاحظة؛ هذه الأسعار المخفضة لا تشمل الضرب في الإجازات ​والمناسبات الرسمية.
كانت تلك قائمة (أسعار ضرب الزوجة)، حسبما تداوله سعوديون تعليقاً على غرامة حددتها اللائحة التنفيذية لنظام "الحماية من الإيذاء" السعودي، ونصت على تغريم الزوج في حال اعتدائه بالضرب على زوجته بـين (خمسة آلاف إلى 50 ألف ريال سعودي)، فحولها سعوديون إلى "دعابة" تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعية، بعد إضافة بهارات الضحك عليها، فيما يبدو أنها أصبحت عادة عربية في معالجة كل القضايا عن طريق الفكاهة والسخرية.

وكان مجلس الوزراء السعودي، وافق على اللائحة التي صدرت الشهر الماضي محددة غرامات عدد من العقوبات، ومنها عقوبة ضرب المرأة المعنفة، ما تناوله سعوديون بتعليقات ساخرة تحت شعار (ساهر في الشارع وقاهر في البيت) تعرضوا فيها الى مسألة العقوبة المالية التي قالوا إنها ستذهب الى الزوجة، مما حدا بوزارة الشؤون الاجتماعية التوضيح، على لسان مدير عام الحماية في الوزارة، أن المادة 13 من اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء تنص على، أن الغرامة المفروضة ستذهب الى خزينة الدولة، وليس الى الزوجة المعنفة جسديّاً.

ورحّب السعوديون بصدور النظام، الذي مثل إقراراً واضحاً بوجود حالات إيذاء تتطلب المعالجة، ونصّ النظام على حماية المبلِّغ وعدم الإفصاح عن هُويته لضمان سريتها.
كما نصت اللائحة على ضرورة إنشاء مركز لتلقي البلاغات، بهاتف مباشر من جميع مناطق المملكة رقم (١٩١٩)، يستقبل البلاغات عن حالات الإيذاء، يقوم بعد التأكد من هُوية المبلِّغ بتوثيق البلاغ، وحصر بيان مرفقاته، إن وجدت، ولا تُقبل البلاغات من مجهولي الهُوية.
بيد أن العديد من السعوديين انتقدوا تأخر صدور اللائحة، وبعض بنودها غير الواضحة، مؤملين أن تراجع الوزارة تلك البنود، وتعيد النظر فيها، بحيث تأخذ في الاعتبار آراء مؤسسات المجتمع المدني، وما يطرحه المواطنون والمواطنات، خصوصاً ممن مروا بتجربة عنفٍ أسريٍّ، ولم يجدوا الحلول لوضع حد لمعاناتهم التي قد تتفاقم لتصبح كارثة إنسانية نهايتها الموت، كما حدث مع عدد غير قليل من الأطفال السعوديين المعنفين، والذين راحوا ضحية التعنيف والإيذاء الجسدي.


وبين المستشار القانوني، وعضو برنامج الأمان الأسري، أحمد المحيميد، أن لائحة الحماية شملت الإيذاء الجسدي، والنفسي، والجنسي، وأن النظام لا يفرق بين الذكر والأنثى، وتطبق العقوبات الواردة في النظام والمتعلقة بالحق العام للدولة، وهي السجن من شهر إلى سنة، والغرامة من خمسة آلاف إلى 50 ألف ريال، أو بهما معاً، مع عدم الإخلال بالعقوبات الشرعية على كل معتدٍ، سواء كان الزوج أو الزوجة أو أحد الأبناء أو الوالدين أو صاحب الولاية الشرعية، متى ما كان هنالك اعتداء أو إيذاء، متجاوزاً بذلك حدود ولايته الشرعية أو النظامية، وللمعتدى عليه المطالبة بالتعويض المادي المناسب في الحق الخاص.
واستغرب المستشار القانوني، أحمد جمعان المالكي، تداول العقوبة بمفهوم خاطئ، وقصرها على حالة ضرب الزوج زوجته، ممّا جعلها محلّ التندر والسخرية طيلة الأيام الماضية، على خلاف ما جاء به النظام الذي يهدف إلى التوعية القانونية بحالات الإيذاء، وإيجاد طرق للحد منها.

واعتبرت الدكتورة، أميرة كشغري، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة الملك عبد العزيز، أن تحديد مبلغ غرامة في حالة العنف الجسدي (ضرب الزوجة) يحيل المرأة إلى سلعة حتى عندما أراد القضاء إنصافها، وقالت: إن جريمة الضرب غير مقتصرة على الزوجات، وقد تحدث داخل الأسرة من قِبل الأب

أو الأخ أو أحد الأقرباء.
وتساءلت كشغري: إذا كانت العقوبة المادية المفروضة في حالة العنف الجسدي ضد الزوجة (الضرب) قد اعتبرت الضرب جريمة جنائية يعاقب عليها القانون، فإن تحديد غرامة بمبلغ من 5-50 ألف ريال سعودي يصبح أمراً فضفاضاً، وغير قابل للتنفيذ، فمن الذي يحدد تفاصيل المبلغ؟ وكيف يتم التعامل مع جريمة الضرب؟ وهل ستتفق المحاكم والقضاة على التفاصيل قبل تطبيقها، أم أنها ستكون عرضة لتقدير القاضي وملابسات الحالة؟
وشددت الأستاذة الجامعية على أن أكبر رادع وأهم عقوبة ضد جريمة الإيذاء البدني ليست الغرامة المالية، بل هي تسهيل آليات التبليغ والتدخل السريع من قبل لجان الحماية والشرطة، دون اشتراطات بيروقراطية تعوق الهدف الرئيسي من النظام، الذي يتمثل في تقديم المساعدة للضحية وتجريم المعتدي.
ويرى المحامي، خالد خلاوي، أن مجرد صدور هذا النظام يعد نقلة مرحلية في الجانب الحقوقي بالسعودية، وكسراً لتابوهات اجتماعية مسكوت عنها منذ عقود، تتعلق بحماية الولد من والديه والمرأة من زوجها والأخت من أخيها.
ووصف اللائحة بأنها مخيبة للآمال، لافتا إلى أنها تنص على عدم قبول البلاغات من مجهولي الهوية، وهنا غاب عن المشرع أمران مهمان، الأول: أن الاعتبارات الاجتماعية تتقدم على كل ما سواها في هذه البلاد، والكشف عن الهوية سيمنع كثيراً من البلاغات المهمة، خصوصاً أن المكالمات مسجلة، وأضاف بأن "الإيذاء المالي" يعد أحد جرائم الإيذاء التي تستحق الإفراد بالذكر، وقد أغفله النظام واللائحة، مع أن آلاف النساء يعانين من اغتصاب رواتبهن ومنعهن حقهن الشرعي في الإرث.
منتقدا إحالة كل العقوبات إلى القضاء الشرعي، مما يبطئ العدالة وقد يقف حائلاً بين الضحية وأخذ حقها، حيث يرى أن الواجب إنشاء لجنة قضائية في وزارة الشؤون الاجتماعية لها سلطة تنفيذ العقوبات الواردة في النظام بعد النص عليها بشكل صريح، وأن يكون لهذه اللجنة صلاحيات واضحة، مع الاحتفاظ بحق المتهم في الاعتراض على الحكم، وهذا يضمن سرعة أكبر، كما هو الحال في مكتب العمل ووزارة التجارة.

المساهمون