عمّال غزة بلا عمل

01 ديسمبر 2014
وصلت نسبة البطالة في غزة إلى 55%(إيمان عبد الكريم)
+ الخط -


كثيراً ما يكون توفيق الرواغ (36 عاماً) عاجزاً عن تأمين الطعام لأطفاله. ينتظر الحصول على المساعدات كلّ ثلاثة أشهر، وهي عبارة عن كيس يحتوي على الدقيق والأرز والسكر. غالباً ما تنفد هذه المواد الغذائية قبل المدة المحددة. ولأنه عاطل عن العمل، ينتظر مساعدة جيرانه أو أصدقائه.

بعد تدمير الأنفاق، أخيراً، خسر الرواغ عمله، علماً أنه كان يعمل في مجال البناء، بسبب عدم توفر المواد اللازمة من إسمنت وحديد. يقول لـ"العربي الجديد": "منذ توقفت الحرب، فوجئنا بحجم الدمار الكبير في القطاع. أملت أن يصدق العالم معنا في ما يخص إعادة إعمار غزة. ذلك يعني توفر فرص عمل. إلا أن الوضع العام في البلد يزداد سوءاً، ولم أعد قادراً على تأمين مستلزمات أسرتي. فالبناء هو مصدر رزقي الوحيد".

يضيف الرواغ أنه "لا يوجد نقابة عمال أو وزارة في القطاع قادرة على توفير العمل لهم، أو الدفاع عن حقوقهم المشروعة، التي تُسرق منهم في ظل غياب الأفق لأي حل سياسي". ويُحمّل الحكومة المسؤولية الكاملة عن حياته وأبنائه، ومستقبل عشرات الآلاف من العمال.

من جهته، اضطر أبو عاصف الريفي (63 عاماً) إلى الاستغناء عن خمسة عمال، كانوا يساعدونه في صناعة الأواني الفخارية، بعدما تراجعت نسبة المبيعات، وصار عاجزاً عن دفع أجورهم. فعل ذلك بالرغم من أن مهنته شاقة، وتتطلّب مجهوداً كبيراً. يقول لـ"العربي الجديد": "تضرر مصنعنا خلال الحرب الأخيرة على غزة، ولم نعد قادرين على صنع كميات كبيرة. تراجع أيضاً الطلب على الفخار. بالكاد يكفيني المال الذي أحصل عليه من بيع الفخار لسد جوع عائلتي، بالإضافة إلى عائلتي ولديّ اللذين يعيشان معي في المنزل نفسه".

محمود، وهو ابنه الأوسط، يحمل شهادة جامعية في هندسة الكومبيوتر. يوضح أنه يعمل مع والده بسبب عدم وجود فرص عمل. صار مضطراً للعمل في صناعة الفخار ومساعدة والده لتوفير مصاريف يومه. يقول: "عمري الآن 28 عاماً. تخرجت من الجامعة قبل أربع سنوات، وحتى اللحظة لم أجد أية فرصة عمل جيدة في مجال تخصصي، هذا الوضع ليس بالغريب في غزة. فآلاف الشباب يعانون مثلي".

من جهته، يشرح رئيس اتحاد نقابة العمال في القطاع، سامي العمصي، لـ "العربي الجديد" أن "إسرائيل بدأت بالاستغناء تدريجيّاً عن عمال القطاع البالغ عددهم أكثر من 150 ألفاً، وذلك بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000. عام 2004، توقف العمال عن الذهاب إلى العمل داخل إسرائيل. لم يجدوا إلا الزراعة والصيد والبناء. تحسن الوضع قليلاً مع بدء حفر الأنفاق وزيادة أعدادها خلال السنوات القليلة الماضية. إلا أنه ساء مجدداً بعد تدميرها".

يشير العمصي إلى أن نسبة العاطلين عن العمل وصلت إلى 55 في المائة بحسب الإحصاء المركزي الفلسطيني، مضيفاً "لن تنخفض هذه النسبة إلا مع إدخال مواد البناء، وإنشاء مشاريع تشغيل مؤقتة لمساعدتهم". يستنكر إلغاء مشروع التشغيل المؤقت الذي أطلقته وزارة العمل بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني، وإلغاء مشروع جدارة للتشغيل المؤقت الخاص بالخريجين.

في المقابل، ينفي مدير عام العلاقات العامة في وزارة العمل نبيل المبحوح لـ"العربي الجديد" أن يكون قد تم إلغاء أيّ مشروع من مشاريع التشغيل المؤقت، لافتاً إلى أنها أحيلت إلى لجنة متخصصة لمناقشتها، على أن يتم بعد ذلك تعديلها أو استبدالها بمشاريع أخرى.

ويكشف أنه "تم توقيع اتفاقية بين وزارة العمل وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع نقابة الصيادين وجمعية المزارعين، لتشغيل ألف عامل"، آملاً أن يتم توقيع اتفاقيات أخرى مع جهات دولية لفتح الباب أمام الآلاف من العمال والتخفيف من نسبة البطالة في القطاع.

دلالات