ريحانة

02 نوفمبر 2014
دافعت عن نفسها بوجه المغتصب، فحُكم عليها بالإعدام(فرانس برس)
+ الخط -


ريحانة تلك الفتاة الجميلة. ماتت مذنبة بنظر قانون بلادها (إيران). دافعت عن نفسها بوجه المغتصب فحُكم عليها بالإعدام. حاول أحد عناصر جهاز الاستخبارات اغتصابها فقتلته عام 2007، بحسب منظمة العفو الدولية.

كانت ريحانة أصلاً لتعتبر مذنبة بنظر المجتمع لو تمكّن ذلك الرجل من اغتصابها. الفارق الوحيد، أنه في الحالة الثانية، ما كان عرف أحد بالحادثة أو بريحانة. وما كان القانون ليحكم على الفاعل المغتصب بالإعدام. كانت ستُطمر قصتها كما قصص غيرها من النساء والفتيات.

عالمياً، تقول الأرقام الكثير: امرأة من بين ثلاث نساء لا بد وتعرضت لشكل من أشكال العنف، على الأقل مرة واحدة في حياتها. لكن ماذا بشأن الاثنتين الباقيتين؟ لن نعرف. قد تتعرضان وقد لا تتعرضان للعنف. حياة النساء بكرامة هي مجرد ضربة حظ. يحدث أن يعشن في أسرة يكون فيها الرجل (زوجاً أو أباً أو أخاً) نداً متكافئاً وليس راعياً. حينها يكنّ محظوظات. لكنهن إذا حظين بحيّز خاص يغيب عنه التمييز والعنف الأسري، تكون المنظومة لهن بالمرصاد.

يكفي أن يمارسن حقهن باختيار شريكهن من جنسية أخرى، ليصبحن ضحية عنف وتمييز قانوني (إذ يمنع على النساء في معظم البلدان العربية حق منح الجنسية لأولادهن وأزواجهن إذا تزوجن من غير جنسيتهن).

ويكفي أن يطالبن مثلاً بالطلاق، ليكتشفن أن قوانين الأحوال الشخصية هي عرابة المنظومة الذكورية. لو كان الرجل في حالة ريحانة مثلاً غير ذكوري، لكانت اليوم بيننا. لكنه ببساطة لم يكن. إذاً، عيش النساء لحياة خالية من العنف ليست امتيازاً ولا حقاً مكتسباً بل محض صدفة. ويقع على عاتق النساء التحكم بميزانها.

من السهل لصق جذور الأسباب بالمنظومة الذكورية. سواء كان العنف أو التمييز يمارس في الأسرة أو المجتمع، وسواء مارسه فرد أو منظومة، يبقى المتهم ذاته: المنظومة الذكورية. تبدو مثل راجح في مسرحية بياع الخواتم لفيروز. نسمع به ولا نراه. هكذا هي محملة بجملة موروثات ثقافية واجتماعية وسياسية. نعيشها ونفرزها ونتفاعل معها ونورثها للأجيال. نعرف أنها مؤذية للنساء حكماً وللرجال أحياناً. ندرك خطرها على حقوقنا. لكن لا نعرف كيف نواجهها ونحد من تأثيرها.

قصة ريحانة ليست حادثة فردية. لا يمكن عزل تجارب النساء الفردية عن البنى الاجتماعية والسياسية القائمة في المجتمع. ولعل المقولة النسوية الشهيرة بأن "الشخصي هو سياسي" هي أفضل ما يعبر عن واقع النساء، علّها تكون بداية الإجابة عن سؤال: كيف نواجه المنظومة الذكورية ونقضي عليها؟
المساهمون