"رايتس ووتش" تحذر من "عسكرة" ملاحقة متظاهرين في مصر

17 نوفمبر 2014
قمع المتظاهرين مستمر (العربي الجديد)
+ الخط -
وصفت، منظمة "هيومن رايتس ووتش"، القانون الذي أصدره، الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في 27 أكتوبر/تشرين الأول، القاضي بتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية، بأنه "يمثل مسماراً جديداً في نعش العدالة في مصر"، مؤكدة أنه "يحمل خطر عسكرة الملاحقة القانونية للمتظاهرين وغيرهم من معارضي الحكومة".
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، في بيان صدر اليوم الاثنين: "يمثل القانون مسماراً جديداً في نعش العدالة في مصر، فنصوصه الفضفاضة على نحو عبثي تعني أن المزيد من المدنيين المشاركين في احتجاجات يمكنهم الآن انتظار المحاكمة أمام قضاة بأزياء عسكرية، يخضعون لأوامر رؤسائهم العسكريين".
وأضافت: "المرسوم الجديد خبيث ويناقض المعايير الأساسية للعدالة"، مطالبة السلطات المصرية بـ"إلغاء القرارات كافة الصادرة عن محاكم عسكرية في حق مدنيين منذ تولي الحكومة الجديدة السلطة، كما يحتاج الرئيس، السيسي، إلى تحرك سريع لتعديل هذا المرسوم".
ويعمل القانون الجديد، الذي أصدره السيسي في غياب برلمان، على وضع جميع "المنشآت العامة والحيوية" تحت اختصاص القضاء العسكري لمدة عامين، كما أنه يوجه أفراد النيابة إلى إحالة الجرائم المرتكبة في تلك الأماكن إلى نظرائهم العسكريين، مما يمهد الطريق لزيادة كبيرة في المحاكمات العسكرية للمدنيين.

وأحالت محكمة جنايات في القاهرة، أمس الأحد، خمسة من طلاب جامعة الأزهر إلى محكمة عسكرية بتهم تتعلق بالمظاهرات المتكررة التي اندلعت في الجامعة ضد حكومة السيسي. ويواجه الطلاب تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية واستعراض القوة والتلويح باستخدام العنف وحيازة زجاجات حارقة والتخريب، إذ قضت محكمة الجنايات بعدم اختصاصها في نظر القضية.


وبات عرض المدنيين أمام محاكم عسكرية أمراً اعتياديّاً في مصر، إذ تمت أخيراً محاكمة أمام هيئة من ضباط قاعدة الهايكستب العسكرية شمال شرق القاهرة، برتبة لواء، كانت تفتقر إلى الضمانات الأساسية لسلامة الإجراءات، مما يثير الشكوك حول عدالتها.
وقال أحمد حلمي، المحامي الذي ترافع عن أربعة من الرجال المتهمين في قضية لـ"هيومن رايتس ووتش": إن عائلات ثلاثة من المتهمين طلبوا مساعدته في البداية في يناير/كانون الثاني، قبل شهرين من توقيت اعتقال الرجال حسب مزاعم الشرطة، مما يوحي بافتقار رواية السلطات عن المداهمة إلى الصحة.
وقال حلمي: "لقد اختفى المتهمون الثلاثة، كل على حده، في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2013، قبل شهور من الوقائع التي اتهموا بارتكابها ـ وتم وضعهم في سجن العزولي"، في إشارة إلى منشأة عسكرية سرية داخل قاعدة الجلاء في مدينة الإسماعيلية المطلة على قناة السويس، كانت السلطات تستخدمها لاحتجاز المئات من المدنيين، بحسب منظمات حقوقية وتقارير إعلامية.
وقال: "قدمنا شكوى إلى النائب العام، لكن السلطات ظلت تنكر وجود الرجال الثلاثة في عهدتها".

كما قال حلمي: إن السلطات رفضت السماح له بزيارة موكليه أثناء احتجازهم قبل المحاكمة، وإنه التقى بهم للمرة الأولى في أولى جلسات المحكمة في يونيو/حزيران.

وقال شقيق هاني عامر، وهو أحد المتهمين، لـ"هيومن رايتس ووتش" إن عامر اختفى في 16 ديسمبر/كانون الأول 2013، بعد زيارة مكتب المسؤول المحلي في الإسماعيلية لاستصدار ترخيص لشركة تكنولوجيا المعلومات الخاصة به.
وقال الشقيق: إن بعض الشهود أبلغوا العائلة بأن رجالاً بثياب مدنية احتجزوا عامر وشريكه في الشركة، أحمد سليمان، إضافة إلى المسؤول المحلي. وفي النهاية أبلغ المسؤول المحلي، الذي أطلقت السلطات سراحه بعد ساعات، العائلة بأن الشرطة أخذت عامر إلى قاعدة الجلاء.

فيما بعد قال عامر لشقيقه: إن السلطات نقلته في مارس/آذار من سجن العزولي إلى سجن العقرب مشدد الحراسة داخل مجمع سجون طرة في القاهرة. وحينما زاره شقيقه هناك في 10 أغسطس/آب، لم تبد على عامر آثار إصابات ظاهرة، رغم أن شريكه سليمان كان قد أبلغ الشقيق بتعرض عامر إلى خلع في الكتف، جراء التعذيب أثناء احتجازه في سجن العزولي قبل شهور.
مثل متهم آخر أمام المحكمة العسكرية في كرسي متحرك.
وقال والده لـ"هيومن رايتس ووتش": إن ابنه اختفى يوم 16 أو 17 مارس/آذار، فأودع الأب شكوى لدى وزارة الداخلية من دون نتيجة. وقال الأب، إن رجلاً، رفض الكشف عن هويته، زاره في منزله، لاحقاً، وأخبره بأن السلطات تحتجز ابنه في سجن طرة.
عند حصول الأب في النهاية على تصريح بزيارة ابنه، لدقائق قليلة، وجده يستخدم عكازين.
وقال الأب: "قال لي إنهم عذبوه. كانت ركبته اليسرى مدمرة تماماً وعظم فخذه اليسرى مكسور.
فسألته مباشرة: "هل تم عرضك على النيابة؟" فقال، إنه لا يعرف، لأنه كان معصوب العينين أثناء معظم الاستجوابات. وقد أمليت عليه جميع الاعترافات تحت وطأة التعذيب.
وقال المحامي حلمي لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنه رغم قدرة الرجال على استئناف الأحكام الصادرة في حقهم، إلا أن السلطات ألبستهم الزي البرتقالي الذي يرتديه الصادرة في حقهم أحكام نهائية، على ما يبدو بغية "الضغط عليهم نفسيّاً". وقد حاول إقناع الرجال بتقديم طلبات استئناف، لكنهم رفضوا حتى الآن.
قال والد المتهم الآخر، إنه بدوره حث ابنه على الاستئناف، لكن الابن رد: "لا يستأجر المرء غرفة ممن سرق منزله".
يواجه الرجال التسعة، أيضاً، محاكمات أمام محاكم طبيعية كجزء من مجموعة يزيد عددها على المائتين من المتهمين بالانتماء إلى أنصار بيت المقدس.