جدل في غزة بشأن الأضحية في الشارع

13 أكتوبر 2014
ذبح الأضاحي في الشوارع أمام الأطفال ينطوي على خطورة(Getty)
+ الخط -

يوم عيد الأضحى في غزة كان استثنائياً وخاصاً. فأهالي القطاع يحلو لهم ذبح الأضاحي في الشوارع، وتقطيعها بطرق تقليدية. فيتحول صاحب الأضحية إلى جزار، ولو ليوم واحد فقط.
المشهد جزء من بهجة العيد الدائمة، ينتظره الأطفال والفتية، ويفوتهم الكثير إن لم يحضروه. ومع ذلك، فإنّه يكشف عن جوانب سلبية، يتمنى كثيرون زوالها.

ويعلّق المواطن حسين شقفة على ذلك بالقول: "المشهد لا يقدم صورة حضارية عن غزة، كما يتسبب في التلوث، وربما انتشار الأمراض، بفعل تكدس بقايا الأضاحي في الشوارع، وامتلائها ببقع الدماء".

ويضيف لـ"العربي الجديد": "لست مع فكرة ذبح الأضاحي في الشوارع مهما كانت الأسباب. ينبغي أن نكون أكثر تحضراً، ونذبح داخل المسالخ المجهزة، وبذلك نتلافى الكثير من السلبيات التي قد تنجم عن الأمر".

ولا يقتصر الأمر على التلوث، فهنالك أيضاً خطورة كبيرة تنجم عن جرّ العجول والخرفان إلى الشوارع بطرق بدائية. فيما يلتف مئات الأطفال حولها لمعاينة المشهد. ويقول الشقفة: "هذا الأمر يتسبب في كل عام بإصابة العشرات بفعل انفلات الحيوانات من عقالها، ورغم ذلك لا أحد يتعظ".

من جهته، يرى محمد شمالي، أنّ ذبح الأضاحي في الشوارع أمام أعين الأطفال ينطوي على خطورة كبيرة. ويقول لـ"العربي الجديد": "لا يعقل أن يتم الذبح أمام أطفال بعضهم لم يتجاوز الثالثة من عمره. الأهالي ينخدعون بضحكات وابتسامات أطفالهم، أمام مشاهد الدماء، لكنهم لا يدركون مخاطر ما تراه عيونهم على المدى البعيد".


في المقابل، لدى جاسر أبو طه، الذي اشترك هذا العام في شراء عجل مع خمسة من جيرانه وأقاربه، وجهة نظر مختلفة؛ فهو يؤمن بأنّ أجمل ما في عيد الأضحى هو ذبح الأضحية في الشارع، وما يصاحب ذلك من إثارة تبقى عالقة في أذهان الجميع.

ويتابع أبو طه لـ"العربي الجديد": "في كل عام أحرص أن تكون أضحيتي عجلاً، ويستحسن أن يكون ضخماً، ولو بالمشاركة. لدينا طقوس لم تتغير أبداً رغم تغير الظروف، إذ يحرص جميع أفراد الأسرة على التواجد منذ الصباح، كي لا تفوتهم لحظة الذبح. نختار مكاناً ملائماً في الشارع، وغالباً ما يكون أمام منزل أحد أصحاب الحصص في العجل، لكي تتم فيه عملية الذبح والسلخ".

يرد أبو طه على من يعارضون هذه الطريقة بالشرح: "بعد أن ننتهي من عملية الذبح وتوزيع أجزاء الأضحية على المشتركين، يقوم الأطفال، وفي بعض الأحيان النساء، بتنظيف المكان، وإزالة الآثار. أما في ما يخص مشاهدة الأطفال للذبح، فلا أعتقد أن في ذلك خطورة عليهم، فنحن نعلّم أطفالنا مقاصد الأضحية، والهدف من هذه السنّة النبوية".

من جهتها، تشدد البلديات والجهات المعنية في غزة، على ضرورة التخلص من عادة الذبح في الشوارع. وتؤكد أنّ الأمر انحسر في بعض المناطق مع مرور السنوات، لكنه بقي في مناطق أخرى، وهو ما استدعى منها هذه المرّة تكثيف تحذيراتها منذ ما قبل العيد.

ويؤكد مدير عام الصحة والبيئة في بلدية غزة عبد الرحيم أبو القمبز، أنّ البلدية أعلنت بوضوح أنّها ستعاقب المخالفين وغير الملتزمين بالقوانين العامة. ويشير إلى أنّ دعوات البلدية وجدت بعض التفاعل، وشهدت بعض المسالخ إقبالاً جيداً. لكنّه يعقّب أنّ ذلك ما زال أقلّ من المطلوب.

من جانبه، يلفت رئيس بلدية رفح، جنوب قطاع غزة، صبحي رضوان، إلى أنّ البلدية فضلت هذا العام فتح المسلخ البلدي أمام الراغبين في ذبح أضاحيهم، مجاناً، مع توفير كافة الخدمات المطلوبة، لكنّ ذلك لم يُجدِ نفعاً. وهو ما ظهر جلياً في العيد فعلاً، فقد كانت رفح بالذات صاحبة النسبة الأكبر من الذبح في الشوارع، مقارنة ببقية مدن القطاع.

إلى ذلك، تشير المعطيات الرسمية إلى تضرر الثروة الحيوانية في غزة، بشكل كبير، خلال العدوان الإسرائيلي الأخير. وهو أمر تسبب في تراجع نسبي في الإقبال على الأضاحي، بالإضافة للظروف الاقتصادية الصعبة لمعظم أهالي القطاع بفعل الحصار، ومعدل البطالة المرتفع.

وبحسب وزارة الزراعة الفلسطينية، فقد نفق أكثر من 2000 رأس من العجول، خلال الحرب الأخيرة. فيما نفق أكثر من 20 ألف رأس من الأغنام والماشية. وهو ما دفع التجار إلى اللجوء لاستيراد أعداد كبيرة من الماشية من خارج القطاع.