تتصاعد حدّة الانتقادات لقرار وزارة التربية العراقية، بإغلاق ممثلياتها ومدارسها في إقليم كردستان العراق، وهو ما يحرم أكثر من 140 ألف طالب من حق الحصول على التعليم، وسط دعوات ومناشدات من العائلات العراقية التي تسكن بمحافظات الإقليم بالتراجع عن القرار، الذي وصفوه بـ"التهجير القسري".
وقررت وزارة التربية العراقية، في الـ14 من الشهر الجاري، إغلاق ممثلياتها في محافظات أربيل والسليمانية ودهوك، نهاية يوليو/تموز المقبل، وقالت إن ذلك يأتي في إطار تنفيذ قرار مجلس الوزراء بإغلاق مخيمات النازحين في ذلك التاريخ.
وكان مجلس الوزراء قد اتخذ قراراً بتحديد الـ30 من يوليو 2024 موعداً نهائياً لإغلاق المخيمات وعودة النازحين، واستناداً إلى ذلك، اتخذت وزارة التربية قرارها.
ولا ينحصر الضرر من القرار على العائلات النازحة فقط، بل إنه يشمل جميع العائلات العراقية التي تقيم بمحافظات الإقليم وعددها بالآلاف، إذ رحلت بسبب الظروف الأمنية غير المستقرة في المحافظات العراقية الأخرى، في السنوات التي تلت عام 2003.
حرمان من التعليم
ولم تبد الوزارة أي مجال للتراجع عن القرار، على الرغم من أنه سيلحق الضرر بعشرات الآلاف من الطلاب المتواجدين في الإقليم ومن بينهم النازحون، ويحرمهم من الحق في التعليم. ووفقا لمسؤول في إحدى تلك الممثليات في أربيل، فإن "القرار سيتضرر منه أكثر من 140 ألف طالب عراقي متواجدين في محافظات الإقليم، وأن 15 بالمائة منهم هم من النازحين"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، "نتلقى مناشدات يومية من العائلات المتضررة التي تطالب بالتراجع عن القرار".
وأكد، أنه "تم اتخاذه على إثر قرار مجلس الوزراء، وأن الوزارة مصرة على إنفاذه في التاريخ المحدد ولا عودة عنه"، مبينا أن "هناك ضغوطا ومحاولات لثني الوزارة عنه، إلا أنه لا يوجد توجه نحو التراجع"، مشيراً إلى أن "القرار يهدف بالأساس إلى إنهاء ملف النزوح، وإعادة العوائل النازحة إلى مناطقها السكنية".
"تهجير قسري"
ومنذ اتخاذ القرار، تنظم العائلات المتضررة منه وقفات احتجاجية شبه يومية أمام ممثليات التربية في المحافظات الثلاث، معبرة عن رفضها له، واصفة إياه بأنه "تهجير قسري".
وأكد الناشط في مجال حقوق الإنسان، سنان الزيدي، أن العائلات لا تملك غير المناشدات والوقفات الاحتجاجية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "القرار خطير للغاية ولا يراعي الظروف التي يعيشها العراقيون".
وشدد، أن "القرار بمثابة تهجير قسري للعائلات النازحة في الإقليم والمقيمين هناك، إذ لا توجد بدائل لديهم إلا العودة إلى محافظاتهم التي تركوها بسبب النزوح أو لأسباب أخرى تتعلق بحالة عدم الاستقرار ونقص الخدمات وغير ذلك"، مؤكدا "ناشدنا وزارة التربية والجهات المسؤولة بالتراجع عن القرار، إلا أنها لم تبد أي تجاوب".
علي الراوي، وهو أحد أهالي العاصمة بغداد، يقيم في محافظة السليمانية، وصف القرار بـ"التعسفي، وأنه لم يراع حق التعليم للعراقيين"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، "نحن مقيمون في كردستان منذ سنوات طويلة والظروف المعيشية فيها أفضل من المحافظات الأخرى، وقد ارتبطنا بأعمال فيها، إلا أن القرار شكّل صدمة لنا، ولا نعرف كيف سنتصرف، هل نبقى بالإقليم ونحرم أبناءنا من التعليم، أم نعود إلى مناطقنا التي تعيش ظروفا صعبة بكل الجوانب؟".
ودعا إلى "مراجعة القرار"، مؤكداً أن "توفير التعليم هو من الحقوق التي يجب على الحكومة أن تتحملها، وأن تكون قراراتها مشجعة وتخلق بيئة تعليمية مناسبة للعراق، لا أن تكون مجحفة وغير منصفة".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، انتقد ناشطون ومدونون، القرار، وقال الصحافي العراقي علي فرحان، في تدوينة له على منصة "إكس"، "وزارة التربية العراقية بكل بساطة قررت إغلاق ممثليات وزارة التربية في الإقليم .. ألم تفكر في 150 ألف طالب يدرسون في الإقليم ماذا سيكون مصيرهم!"، متسائلا "لماذا كل شيء في العراق قسري وإجباري؟ ... لماذا لا تؤخذ الظروف بعين الاعتبار؟ ... لماذا دائما المواطن يجب أن يتحمل المسؤولية؟".
وزارة التربية العراقية بكل بساطة قررت اغلاق ممثليات وزارة التربية في الاقليم !
— علي فرحان Ali farhan (@ali85farhan) February 20, 2024
زين الوزارة فكرت بانه اكو 150,000 الف طالب يدرس في ممثليات الاقليم شنو يحكون مصيرهم !
ليش كل شي بالعراق قسري واجباري ؟
ليش ما نخلي الظروف بعين الاعتبار ؟
ليش دائما المواطن لازم يتحمل المسؤولية !…
وتضغط الحكومة العراقية من أجل إنهاء ملف النزوح بأي شكل من الأشكال، لذا تأتي قراراتها غير منسجمة مع الواقع وتتسبب في أضرار كبيرة للعائلات النازحة وغيرها، خاصة وأن الظروف لا تشجع على عودة النازحين إلى مناطقهم التي تسيطر الجماعات المسلحة وترفض عودتهم إليها، فضلا عن عدم إعمار معظمها.