رغم مرور أكثر من أربع سنوات على تحرير مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى شمالي العراق، من سيطرة تنظيم "داعش"، إلا أن ساحل نهر دجلة الأيمن في المدينة، ما زال يعاني من تكدس مخلفات الحرب وركام المباني، في ظل تأكيدات حكومية بوجود 13 مليون طن من مخلفات الحرب التي تحتوي على عدد كبير من الألغام.
وشهدت الموصل، الأسبوع الماضي، اجتماعا موسعا ضم مسؤولين في وزارات البيئة والصحة والبلديات، وقادة أمنيين، إلى جانب محافظ نينوى، نجم الجبوري، لمناقشة سبل إزالة المخلفات الحربية، وعقب الاجتماع، أقر المكلف بشؤون وزارة البيئة، جاسم الفلاحي، خلال مؤتمر صحافي بوجود كميات ضخمة من مخلفات الحرب، مشددا على ضرورة إزالة المعوقات التي تعترض سير أعمال إزالة الألغام في الموصل.
لكن التعهدات الحكومية بإزالة مخلفات الحروب من الموصل لم تكن مقنعة لنواب وسياسيين من نينوى، والذين تساءلوا عن أسباب تأخر هذه المهمة، ملمحين إلى وجود أطراف تقف وراء ذلك. وقالت عضو البرلمان عن نينوى، انتصار الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار وجود مخلفات الحرب على تنظيم "داعش" في الجانب الأيمن للموصل خطير، مشيرة إلى ما وصفته بـ"أياد خفية تعرقل أي جهد في هذا المجال".
وشددت الجبوري على ضرورة دخول شركات متخصصة في رفع الألغام إلى الموصل القديمة، كون هذه الألغام تشكل خطرا على حياة السكان، مؤكدة وجود مناطق مليئة بالألغام في عموم محافظة نينوى، وليس الموصل فقط، ما دفع قوات الأمن إلى وضع علامات تحذير تمنع من دخولها.
ويرجع مسؤولون محليون وناشطون من الموصل أسباب عدم إزالة مخلفات الحروب، ومنع تحقيق تقدم في إعمار المدينة إلى الصراع السياسي بين القوى النافذة في المحافظة، إضافة إلى احتدام الصراع بين بعض القوى المسلحة التي دخلت على خط العمل التجاري والاقتصادي في الموصل.
وقال مسؤول سابق في نينوى لـ"العربي الجديد"، إن "النسبة الأكبر من الجانب الأيمن للموصل ما تزال مدمرة، ولم تشهد رفع الأنقاض التي تتطلب جهدا ماليا وبشريا كبيرا يفوق قدرة الحكومة المحلية، وغياب التخصيصات المالية يمثل السبب الرئيس وراء تأخر المباشرة برفع المخلفات الحربية وإعادة الإعمار".
وتساءلت النائبة السابقة عن نينوى، نور البجاري، عن أسباب التلكؤ في رفع مخلفات الحرب من الموصل، قائلة: "يوجود لغز في جانب الموصل الأيمن، ويوجد صراع سياسي كبير على نينوى، والجهود الحكومية لرفع مخلفات الحرب في الموصل ما تزال ضعيفة، مما يتسبب بعرقلة عودة الأهالي، والموصل بدأت تشهد زيادة في الأمراض السرطانية، خصوصا بين الأطفال، بسبب مخلفات الحروب".
وتعرضت الموصل القديمة، الواقعة على الجانب الأيمن من نهر دجلة الذي يمر بالمدينة، إلى دمار هائل، ورغم التقارير الرسمية التي تفيد بوقوع أكثر من 40 ألف قتيل وجريح ومفقود بين المدنيين، وانهيار 70 في المائة من أبنية المدينة، إلا أنها لم تشهد أي عمليات تعمير لشبكات الطرق والجسور، إضافة إلى المستشفيات والربط الكهربائي، فضلاً عن تفشي الفقر والبطالة.