أعلنت شركة موديرنا أنّ لقاحها الجديد ضدّ فيروس كورونا كان فعالاً بنسبة 94.5%، وهي النتيجة الثانية بعد إعلان شركة فايزر الأسبوع الماضي نتائج مماثلة، ما يشير إلى احتمالية القضاء على الفيروس خلال العام القادم.
ورحّب كبير مسؤولي الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، أنطوني فاوتشي، بالنتائج وقال: "هناك نور في نهاية النفق".
من جهته، رأى، بيتر أوبنشو، أستاذ الطب التجريبي في إمبريال كوليدج لندن، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية: "إنّ إدراج الأشخاص المعرّضين للخطر وكبار السن في تجربة موديرنا يشير إلى أنّ اللقاح سيحمي الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ووصف النتائج بأنها "مثيرة للغاية"".
صحيح أنّ الأخبار الإيجابية بدت طاغية على المشهد الصحي العالمي، إلاّ أن هناك مجموعة من الأسئلة يطرحها الخبراء، وإليكم كلّ ما تريدون معرفته عن هذا اللقاح الجديد.
- متى يمكن أن يتوفّر لقاح موديرنا؟
تقول شركة موديرنا، أنّ اللقاح سيكون متوفراً في أقرب وقت من الشهر المقبل، إذ يتطلب اعتماده ومن ثم إقراره موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ولكن بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنّه من غير الواضح كم من الوقت ستستغرق الوكالة لاتخاذ قرار. ومن المتوقع أن تطلب الوكالة أولاً، من لجنة خارجية من الخبراء التدخل، للبحث في فاعليته، والإطلاع على الدراسات.
وكان مسؤولون فيدراليون قالوا، "إنّ بإمكانهم الحصول على الضوء الأخضر للتوزيع، إذا تحقّق كل شيء في الوقت المناسب".
- هل اللقاح آمن؟
بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإنّ أحد القضايا الرئيسية التي ينتظرها الباحثون والمنظّمون، هي إثبات أنّ اللقاح آمن. حتى الآن، أبلغ الأشخاص عن آثار جانبية خفيفة أو معتدلة فقط، مثل التعب والاحمرار في موقع الحقن. قبل إصدار حكم بشأن السلامة، تريد إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، أن ترى تأثير جرعتي اللّقاح على الأشخاص الذين شملتهم التجربة، البالغ عددهم 30 ألف شخص، لمدة شهرين على الأقل، للتأكّد من فاعليته.
- متى يبدأ الناس في أخذ اللقاح؟
يمكن أن تبدأ عملية التلقيح في ديسمبر/كانون الأول المقبل، إذا تمّ السماح بالحقنة. ومع ذلك، ستكون الإمدادات الأولية محدودة للغاية. تقول موديرنا: "إنّها تتوقع أن يكون لديها 20 مليون جرعة جاهزة للشحن بحلول نهاية العام"، وهو ما يكفي لتأمين جرعتين لعشرة ملايين شخص. هذا يعني أنّ أول من يحصل على اللّقاحات سيكون على الأرجح الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19 مع الأعراض، مثل الأطباء والممرّضات في الخطوط الأمامية، الذين يعالجون مرضى الفيروس التاجي.
لا تزال كيفية طرح اللقاح غير واضحة، لأنّ الولايات المتحدة لم تكمل التوصيات بذلك. فقد أوصت لجنة الأكاديمية الوطنية للطب، بأن يُعطى اللقاح للأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19 أولاً، ثم كبار السن في دور رعاية المسنين ثم السجناء، فالمعلّمين وعمال النقل.
- ما هي المدة الزمنية الفاصلة بين الجرعتين؟
يشير موقع "غلوبال نيوز" الكندي، إلى أنّ الفترة الزمنية الفاصلة بين الجرعتين للقاح موديرنا تبلغ 28 يوماً. ويقول، إسحاق بوجوتش، أخصائي الأمراض المعدية بجامعة تورنتو، إنّه لا يزال يتعيّن رؤية مدى فعالية اللقاح في ظروف العالم الحقيقي، خارج التجربة السريرية.
وقال: "لا يزال هناك الكثير الذي يجب معالجته"، ومنها على سبيل المثال، مدة المناعة للأشخاص الذين تلقوا هذا اللقاح. وما هي مواصفات السلامة لهذا اللقاح؟ ما مدى فعاليته في الشرائح العمرية المختلفة والسكّان والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية أساسية أخرى؟
هل يمكن للأشخاص الذين يحصلون على هذا اللقاح، والذين يصابون بكوفيد-19، أن يستمرّوا في نقل الفيروس أم أنّه يمنعهم بالفعل من الإصابة بالعدوى؟
- هل يعني ذلك عودة الحياة الطبيعية؟
من المحتمل أن تستغرق العودة إلى الحياة الطبيعية أشهراً، حتى لو بدأ توزيع لقاحات فايزر وموديرنا قبل نهاية العام. فلن تكون اللقاحات متاحة ربما على نطاق واسع، حتى ربيع أو صيف العام المقبل. ويرجع ذلك في الغالب إلى فترات تأخير الإنتاج. نتيجة لذلك، ستظلّ الاحتياطات مثل ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي عاملاً رئيساً لوقف انتشار الفيروس. قال، سعد عمر، مدير معهد ييل للصحة العالمية: "لن يكون هناك تغيير في الوضع حالياً، ولكن سيعود كل شيء إلى طبيعته". ويتوقع ألا تتجمع مجموعات كبيرة من الناس بأمان قبل أوائل عام 2022، حتى مع تأمين اللقاحات، مشيراً إلى أنّ العودة ستكون تدريجية".
- ماذا يعني هذا بالنسبة للقاحات كوفيد-19 الأخرى قيد التطوير؟
نتائج موديرنا، على غرار النتائج التي أعلنتها شركة فايزر الأسبوع الماضي، تعمل على تطوير التكنولوجيا الجديدة Rmessenger التي كانت قيد التطوير لسنوات، ولكن لم تتم الموافقة عليها بعد للاستخدام. اللقاحات الرائدة الأخرى التي طورتها أسترازينيكا وجونسون أند جونسون ونوفافكس، لا تستخدم التقنيات القائمة على mRNA ، لكنها تستهدف "البروتين الشائك" لفيروس كورونا المستهدَف أيضاً بلقاحات mRNA. قد تبشّر نتائج فعالية موديرنا وفايزر بالخير بالنسبة للقطات التي تستهدف بشكل عام "بروتين السنبلة"، لكننا لن نعرف كيف ستعمل اللقاحات الأخرى في المرحلة المتأخرة من الاختبارات، حتى يقدم صانعوها النتائج خلال الأشهر القادمة.
يقول، بول دوبريكس، مدير مركز جامعة بيتسبرغ لأبحاث اللقاحات: "إنهم جميعاً يركزون إلى حد كبير على بروتين "سبايك"، ويبدو أنّه الشيء الصحيح الذي تمّ اختياره".
من جهته، يرى لاري كوري، أخصائي اللقاحات في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان في سياتل، في حديث مع صحيفة "وول ستريت جورنال" أنّ الفعالية العالية والبيانات المتعلقة بالحالات الشديدة، تعني أنّ لقاحات الحمض النووي الريبي هذه، يجب أن تقلّل بشكل ملحوظ من عبء الاستشفاء من كوفيد-19.
- ما الذي لا نعرفه حتى الآن عن لقاح موديرنا؟
نتائج لقاح موديرنا أولية، وهي تتحدث فقط عمّا إذا كان اللقاح فعالاً في الحماية من مرض كوفيد -19 المصحوب بأعراض. تخطّط الشركة لإصدار نتائج إضافية في وقت لاحق، بما في ذلك الفعالية في مجموعات معيّنة مثل كبار السن، وضدّ الالتهابات التي لا تسبّب أعراضاً. من المتوقّع أيضاً الحصول على بيانات إضافية حول مدى نجاح اللّقاح في الحدّ من الحالات الشديدة لكوفيد-19. تخطّط الشركة أيضاً في توفير بيانات أمان إضافية.
فقد أشارت الشركة إلى أنّها تنوي تقديم بيانات إضافية إلى المنظّمين في الأسابيع المقبلة، فهي تسعى للحصول على ترخيص. كما أنه من غير الواضح مدة الحماية التي يوفّرها لقاح موديرنا. مثل نتائج فايزر ، تمّ إصدار نتائج موديرنا من خلال بيان صحافي للشركة، ولم يتمّ نشرها.
- ما هي التحديات اللوجستية؟
حتى الآن وبحسب بيانات الشركات، يبدو أنّ اللقاح لا يواجه أيّ صعوبات أو تحديات لوجستية، فقد أعلنت شركة موديرنا أنّ اللقاح يجب تخزينه وشحنه في درجات حرارة تساوي معظم درجات حرارة المنزل أو المجمد الطبي، واللقاح يمكن أن يبقى ثابتاً عند درجة حرارة الثلاجة، لمدة تصل إلى 30 يوماً، مقارنةً بتقدير سابق لمدة أسبوع.
وفي هذا الإطار، يقول ويليام شافنر، أستاذ الطب الوقائي في كلية الطب بجامعة فاندربيلت: "لقاح موديرنا، له قيود أقل صرامة من لقاح فايزر، بخصوص الشحن والتخزين". ويضيف: "هذا اللقاح يشبه حقاً لقاح الإنفلونزا التقليدي، ما يعني أنه يمكن توزيعه على نطاق أوسع".
- ما مدى أهمية النتائج الجديدة؟
ستكون أحدث النتائج مدعاة للإثارة على عدة مستويات، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، إذ هي تدعم نتائج الفعالية العالية لتجارب فايزر- بيونتك، مضيفة المزيد من الأدلة على أنّ لقاحات mRNA تعمل بشكل جيد ضدّ كوفيد. تقدّم النتائج أيضاً دليلاً على أنّ اللقاحات التي تؤدي إلى استجابة مناعية بناءً على بروتينات سبايك فعّالة، وهذا أمر مهم لأن العديد من اللقاحات الأخرى قيد التطوير تعتمد أيضاً على هذه الاستراتيجية. على سبيل المثال، يستخدم لقاح أسترازينيكا أكسفورد، فيروس قرد الشمبانزي، الذي تمّ تعديله بحيث لا يمكن أن يسبب العدوى بالفعل، لإيصال التسلسل الجيني لبروتينات فيروس كورونا إلى الخلايا البشرية.
كما هو الحال مع فايزر- بيونتك، يحرص فريق موديرنا على الإشارة إلى أنّ حالات كوفيد كانت بين المشاركين من مختلف الأعمار والأعراق. هذا مهم لأنّ العديد من الدراسات وجدت أنّ الأشخاص الأكبر سناً أو الذين ينتمون إلى أعراق معيّنة، هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
مرة أخرى، لا تزال التفاصيل نادرة، ما يعني أنّه ليس واضحاً ما إذا كان اللقاح يمنع إصابة الأشخاص بفيروس كورونا ونقله، أو ما إذا كان يمنع ظهور أعراض كوفيد-19 على الأشخاص. وفقاً لبروتوكول التجربة، كان على المشاركين إظهار الأعراض ونتائج الاختبار الإيجابية ليتم اعتبارهم "حالة مؤكدة".
كيف يختلف لقاح موديرنا عن لقاح فايزر- بيونتك؟
بينما يعتمد اللقاحان النهج ذاته، إلاّ أنّ هناك بعض الاختلافات المهمة بينهما، بحسب صحيفة "ذا غارديان". فبينما يجب تخزين لقاح فايزر/ بيونتك في درجة حرارة -80 درجة مئوية، وهو شرط يحتّم تحديات لوجستية كبيرة، يقول الباحثون إنّ تركيبة لقاح موديرنا تعني استقراره لمدة 30 يوماً عند درجات حرارة تتراوح بين 2 درجة مئوية و8 درجات مئوية. هذا يعني أنه يمكن تخزين اللقاح في ثلاجة عادية، وهذا الأمر نعمة، عندما يتعلق الأمر بإيصال اللقاح إلى السكان.
في حالة الحاجة إلى تخزين لقاح موديرنا لفترة أطول، يقول الفريق إنّه يمكن أن يُحفظ لمدة ستة أشهر عند درجة حرارة -20 درجة مئوية، بينما يكون مستقراً لمدة تصل إلى 12 ساعة في درجة حرارة الغرفة.
- ما هي تكلفة اللقاح؟
في بيانات سابقة، قالت شركة موديرنا، إنه تمّ تسعير جرعة لقاحها التجريبي لفيروس كورونا بين 32 و37 دولاراً.
- ماذا بعد؟
بحسب صحيفة "ذا غارديان"، يمكن تحصين أكثر من مليار شخص ضدّ فيروس كورونا بحلول نهاية العام المقبل، بجرعات من أول شركتين كشفتا عن نتائج إيجابية، بعد أن ثبت في التجارب، أنّ اللقاح الأخير فعال بنسبة 95 في المائة تقريباً.