يونيسف: جدري "إم بوكس" يهدّد الأطفال في أفريقيا وسط أزمات أخرى

24 اغسطس 2024
في أحد مراكز جدري "إم بوكس"، الكونغو الديمقراطية، 16 أغسطس 2024 (غيرشوم نديبو/ فرانس برس)
+ الخط -

وسط المخاوف المترتّبة عن تفشّي جدري "إم بوكس" الأخير، خصوصاً في أفريقيا، عبّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن خشيتها من تمدّد الفيروس في شرق وجنوب أفريقيا، الأمر الذي يهدّد الأطفال (صفر - 19 عاماً) ويؤدّي إلى ازدياد الإصابات بينهم، ولا سيّما بالتزامن مع أزمات أخرى تختلف طبيعتها. وعند منظمة يونيسف، فإنّ الأطفال والمجتمعات الضعيفة هم الأكثر تضرّراً من تفشّي جدري "إم بوكس" هناك، وقد شدّدت على ضرورة تأمين لهؤلاء "دعماً منقذاً للحياة"، مشيرةً إلى أنّ أكثر من 200 إصابة مؤكّدة رُصدت في خمس دول؛ بوروندي ورواندا وأوغندا وكينيا وجنوب أفريقيا.

وتأتي مخاوف منظمة يونيسف أخيراً، بعد أسبوع من إعلان منظمة الصحة العالمية تفشّي جدري "إم بوكس" الراهن في أفريقيا "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً عالمياً"، ولا سيّما أنّه تمدّد من جمهورية الكونغو الديمقراطية "الموبوءة" إلى دول أفريقية مجاورة، من بينها دول لم تُرصَد فيها إصابات من قبل. وهذه المرّة الثانية التي يُعلَن تفشّي هذا الفيروس حالة طوارئ مماثلة، علماً أنّ الأولى كانت في يوليو/ تموز من عام 2022، عندما كان يُعرَف باسم "جدري القرود". لكنّ منظمة الصحة العالمية عمدت إلى استبدال الاسم في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه ليصير جدري "إم بوكس"، قبل أن ترفع حالة الطوارئ المرتبطة به في مايو/ أيار من عام 2023.

وعند رفع منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ السابقة التي أتت على خلفية تفشّي الفيروس في خارج أفريقيا ليطاول أكثر من 100 دولة معظمها في أوروبا، حذّرت من أنّ جدري "إم بوكس" ما زال يمثّل "تحديات تتطلب استجابة قوية واستباقية ومستدامة" وأنّ ظهور موجات مستجدّة منه احتمال قائم. وبالفعل، بدأ التفشّي الجديد بعد أقلّ من عام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لتُعلَن حالة طوارئ عالمية في 14 أغسطس/ آب 2024 (الجاري) بعد تمدّد الفيروس.

وقد أفادت منظمة يونيسف، في تقريرها الصادر أمس الخميس، أنّ بوروندي أبلغت عن عدد الإصابات الأكبر في المنطقة، إذ إنّ 170 إصابة مؤكّدة من جدري "إم بوكس" رُصدت في 26 مقاطعة في البلاد من أصل 49 مقاطعة، ابتداءً من 20 أغسطس الجاري. وقد شكّل الأطفال والشبّان الذين تقلّ أعمارهم عن 20 عاماً نحو 60% من الإصابات المرصودة، في حين يمثّل الأطفال دون الخامسة 21% من الحالات. ولأنّ تفشّي جدري "إم بوكس" يأتي في بوروندي بالتزامن مع تفشّي الحصبة، تتضاعف المخاطر التي تهدّد الأطفال، ولا سيّما مع انخفاض عمليات التحصين الروتينية وارتفاع معدّلات سوء التغذية بينهم.

وإلى جانب ما تواجهه بوروندي بسبب تفشّي الحصبة فيها، فإنّ ثمّة حالات طوارئ أخرى تؤرّق كينيا وأوغندا وبوروندي، بالإضافة إلى ما يفرضه أخيراً تفشّي جدري "إم بوكس" والمخاوف التي يخلّفها. ومن بين حالات الطوارئ ما يرتبط بأزمة المناخ من قبيل الجفاف والفيضانات.

غيبريسوس: وقف تفشّي جدري "إم بوكس" ممكن من خلال التعاون

في سياق متصل، أفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، مساء اليوم الجمعة، بأنّه أطلع الدول الأعضاء في منظمته على مستجدّات تفشّي فيروس جدري "إم بوكس" وعلى الخطوات التي تتّخذها المنظمة وشركاؤها للاستجابة على المستويَين العالمي والأفريقي، حيث سُجّلت زيادة غير مسبوقة في الحالات وكذلك في التمدّد الجغرافي.

وشدّد غيبريسوس، بحسب ما جاء في تدوينة له على موقع إكس، على أنّ السيطرة على هذا التفشّي ووقفه أمر ممكن من خلال "العمل المنسّق والتعاون". أضاف أنّه "لا بدّ من أن تستند استجابتنا إلى العدل، والتضامن العالمي، وتمكين المجتمع، وحقوق الإنسان، والتنسيق بين القطاعات". وأعلن المسؤول الأممي خطة استجابة سوف تتطلّب 135 مليون دولار أميركي على أقلّ تقدير، في خلال الأشهر الستّة المقبلة.

وفي الإطار عينه، ناشدت منظمة يونيسف الجهات الداعمة توفير 16.5 مليون دولار أميركي بصورة عاجلة، من أجل تعزيز الاستجابة لتفشّي جدري "إم بوكس" والتهيّؤ لما سوف يكون في كلّ أنحاء المنطقة. ولفتت إلى أنّ متطلبات التمويل سوف تُراجَع بانتظام، ولا سيّما أنّ الوضع الوبائي يتطوّر بسرعة.

لا بدّ من جهد جماعي لدعم الناجين من جدري "إم بوكس"

من جهتها، قالت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في شرق وجنوب أفريقيا إيتليفا كاديلّي إنّ المتحوّر الجديد من جدري "إم بوكس" يمثّل "تهديداً خطراً" للأطفال والأسر الهشّة. وشدّدت، بحسب ما نقل تقرير منظمة يونيسف، على "وجوب إعطاء الأولوية للاستثمارات في مجال تعزيز النظام الصحي الشامل واستمرارية الخدمات الأساسية والتركيز المستهدف على البرامج التي تدعم رفاه الطفل عموماً، بغضّ النظر عن الاستجابة الفورية لإنقاذ الأرواح وجهود التواصل بشأن المخاطر والتعاون عبر الحدود" المطلوبة في مثل هذه الأزمة الوبائية.

وأوضحت المسؤولة الأممية أنّ في سياق مكافحة تفشّي جدري "إم بوكس" الأخير، "لا يُعَدّ منح الأولوية لاحتياجات الأطفال أمراً ضرورياً فحسب، إنّما هو أمر ملحّ". ورأت كاديلّي أنّ "تعرّض الأطفال المتزايد للخطر يتطلّب منّا تسخير كامل اهتمامنا ومواردنا لضمان حمايتهم ورفاههم في مرحلة الاستجابة الحرجة هذه".

وقد رأت منظمة يونيسف أنّه بعيداً عن التأثيرات المباشرة لمرض جدري "إم بوكس" على الأطفال (صفر - 19 عاماً) والشبّان، فإنّ المخاوف قائمة بشأن التأثير الثانوي عليهم، ولا سيّما في ما يتعلّق بالوصم والتمييز والانقطاع عن التعلّم والدراسة. وشدّدت على وجوب قيام جهد جماعي لمنح خطط دعم الناجين الأولوية، من خلال مكافحة الوصم وتسهيل استمرارية الخدمات الاجتماعية الأساسية، خصوصاً التعلّم، وإعادة دمج الأطفال في المدرسة والمجتمع.

المساهمون