حُرم يوسف عكيل من تحقيق حلمه في سورية بسبب ملاحقته واعتقاله من قبل النظام السوري، فخبر صعوبة حتى تمكّن من مواصلة دراسته واستعادة حلمه من جديد. هو أبصر النور في ناحية الربيعة التابعة للاذقية في غرب البلاد، في عام 1994، وتابع هناك تعليمه الابتدائي والمتوسط ليتمّم المرحلة الإعدادية بمعدّل جيد جداً. وفي خلال المرحلة الثانوية، كانت غايته التفوّق والحصول على قبول للتخصص في هندسة الكهرباء والإلكترونيات في جامعة تشرين. لكنّ ذلك لم يتحقق بسبب اعتقاله وهو في الصف الثالث الثانوي، في عام 2012، على أثر حراك شعبي ضد نظام الأسد. ويقول الشاب إنّ "الأمر أثّر على دراستي ومنعني من الحصول على درجات كافية للتخصص الذي كنت أطمح إليه، غير أنّه تمّ قبولي في أحد تخصصات كلية العلوم".
عندما أخلي سبيل يوسف من فرع أمن الدولة، تمّت تبرئته من التهم التي نُسبت إليه. لكن في صيف العام نفسه وعند محاولته تثبيت قيده الجامعي، فوجئ باستدعائه ثلاث مرات من قبل المحكمة. لذا، آثر البقاء في القرية بعيداً عن مناطق حكم النظام، لأسباب عدّة، منها رفض الظلم. يضيف أنّه "لم يتبقّ لي خيار للدراسة سوى تركيا، بعد بقائي لأشهر في قريتي في جبل التركمان. بالتالي توجّهت إلى إسطنبول لتحضير نفسي لاختبار يوس (خاص بالطلاب الأجانب الراغبين في متابعة دراستهم في تركيا)، وتقديم طلبات في جامعات تركية. لكنّني وبسبب عدم امتلاكي جواز سفر وعدم قدرتي على استخراج واحد بالإضافة إلى الظروف المادية، تحطّمت آمالي بمتابعة دارستي وعدت إلى سورية، بعد أشهر من محاولة تأمين وثائق سفر من دون نتيجة".
لمدّة عامَين بقي يوسف في جبل التركمان بعيداً عن الدراسة، وراح يشتغل في أعمال مختلفة لتأمين قوت يومه، فيما استفاد من الوقت للتمكّن من اللغة التركية، آملاً في أن يساعده ذلك في مواصلة دراسته في المستقبل. ويشير يوسف إلى أنّه "بعد ذلك الانقطاع عن الدراسة، قدّم أحد أساتذتي طلب حصول على منحة تركية، وتمّ قبولي في التخصص الذي كنت أرغب فيه وهو هندسة الكهرباء والإلكترونيات في جامعة كرك كاله. وهكذا استأنفت دراستي في عام 2015. سنتي الجامعية الأولى كانت صعبة نظراً إلى انقطاعي عن الدراسة لمدّة ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى عائق اللغة. صحيح أنّني كنت متمكّناً من التركية، غير أنّ اللغة الأكاديمية مختلفة".
ولا يخفي يوسف أنّ "حرماني من متابعة دراستي كان العامل الأبرز لاجتهادي، فأتممت السنة الأولى بمعدّل يُعَدّ جيّداً مقارنة بحالتي. وبعد جهد على مدى أربع سنوات جامعية، تخرّجت بتفوّق. فقد كنت الأوّل في فرع هندسة الكهرباء والإلكترونيات". ثمّ تسجّل في جامعة كوجالي للحصول على شهادة الماجستير. لكنّ دراسته كانت على نفقته الخاصة، بالتالي رأى نفسه مضطراً إلى الانقطاع عن الدراسة في السنة الأولى.
ويتابع يوسف أنّه "نتيجة الخبرة التي اكتسبتها، شكّلت وأصدقاء لي فريقاً لتقديم الاستشارات التعليمية للطلاب الأجانب الذين يرغبون في الدراسة في تركيا. وفي خلال عام واحد، تمكّنا من إقامة روابط في عدد من الدول التي كانت تندرج من ضمن الاتحاد السوفييتي السابق، منها أوزبكستان وأذربيجان بالإضافة إلى إيران ودول شمال أفريقيا لتأمين مردود مالي. ثمّ حصلت على الجنسية التركية وعدت إلى الدارسة من جديد. واليوم، أنهيت عدداً من مواد الماجستير بمعدّل ممتاز".