أكدت جمعية "الأرض للجميع" التي تُعنى بمتابعة الهجرة السرية، وصول 600 تونسي إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، في نهاية الأسبوع الماضي، من بينهم 170 طفلا وطفلة، وعدد من النساء الحوامل. ونشرت الجمعية، الأحد، مقطع فيديو يظهر فيه عدد من القصّر الذين وصلوا عبر مراكب الهجرة السرية إلى الجزيرة.
وتحدّث عدد من الفتيان في الفيديو عن أسباب هجرتهم، وطرق مغادرتهم تونس. وقال أحد الأطفال إنه يريد تعلّم مهنة، وإنه لو كان هناك مستقبل في بلاده لما غادرها.
وقال رئيس جمعية "الأرض للجميع"، عماد السلطاني، لـ"العربي الجديد"، إن "وصول 600 مهاجر خلال 24 ساعة إلى لامبيدوزا يعتبر رقما مرتفعا، والمحير أكثر هو الرقم الكبير للقصّر الذين يعبرون البحر المتوسط بمراكب المهاجرين السريين، ومن بينهم من لا يتجاوز 14 سنة. والغريب أكثر أن هجرة بعضهم كانت بعلم أمهاتهم اللاتي دفعن بأطفالهن إلى الهجرة"، مشيرا إلى أنهم حاولوا في الفيديو التوثيقي ترك المجال للقصر للحديث عن أسباب الهجرة.
ولفت السلطاني إلى أن هناك "تواترا لعمليات هجرة شاركت فيها حوامل، وبعضهن في مراحل متقدمة من الحمل، ووضعت إحداهن مولودها بسلام خلال محاولة هجرتها، رغم تعكّر حالتها بسبب غياب الرعاية الطبية، ولكن بضغط من منظمات المجتمع المدني، تم نقلها عبر طائرة مروحية إلى المستشفى"، مبينا أن "هناك سيدة الآن في شهرها التاسع، أي على وشك الولادة، وأخرى في الشهر السابع، وأغلبهن يطالبن بإخراجهن من مراكز الإيواء إلى المستشفيات".
وبيّن أن "هناك غيابا كليا للدولة في التعامل مع الظاهرة، فالهجرة لم تعد قاصرة على الشباب، بل باتت هجرة جماعية تشمل الأطفال والحوامل، وأن هناك أسرا تونسية كاملة تهاجر، ووثقنا مؤخرا هجرة عائلة مكونة من الأب والأم والجدة والأحفاد، ولا بد من تدخّل الدبلوماسية التونسية للوقوف على ما يحصل، والاستماع إلى مشكلات المهاجرين".
وأفاد السلطاني بأن "الوضع الاجتماعي والاقتصادي ألقى بظلاله على ملف الهجرة، وهو ما يفسر تواتر هجرة القصّر، لأن الأسر لم تعد قادرة على توفير المستلزمات، فتدفع بالأبناء إلى الهجرة من أجل حياة أفضل، ولأنهم يعرفون أنه لن يتم ترحيل القصّر، وعادة ما تتبناهم جمعيات وتساعدهم على الدراسة والتكوين"، مؤكدا أن "أغلب المهاجرين ليس لديهم أقرباء، وبعضهم يقبل البقاء في مراكز الإيواء أو الاحتجاز على العودة"، مؤكدا أنهم "يتوقعون ارتفاع نسق الهجرة السرية في قادم الأيام".
ولفت إلى أن "الخطاب الرسمي لا يبعث على التفاؤل، والناس للأسف بدأت تفقد الأمل في ظل تجاذبات سياسية متواصلة، وخطابات رسمية محبطة أصبحت تدفع إلى الهجرة، ولو كانت الدولة تحترم مواطنيها لعملت على إنهاء الأزمة عن طريق البحث عن أسباب الهجرة، ولكن لا يوجد ردّ ولا تحرك رسمي".