هل تضرّ الخضروات والفاكهة المعلّبة والمجمّدة بالصحة؟

27 مارس 2023
وجدت دراسة أن الفواكه والخضروات المعلبة مغذية مثل الطازجة (ماريو تاما/ Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن التوصيات الصادرة عن المجتمع الطبي تشدد على أهمية تناول الأطعمة الغذائية الطازجة، والاعتماد على الفاكهة والخضروات خصوصاً، إلا أن ارتفاع أسعار هذه المنتجات من جهة، وأسلوب الحياة العصرية من جهة ثانية، يجعلان من الصعب على الكثير من الناس تناول الحصص التي يوصى بها، لذا قد تكون الأطعمة المعلّبة والمنتجات المجمّدة واحدة من الخيارات الأساسية التي تساعد الأفراد في تناول الفيتامينات والمعادن الأساسية. لكن علامات استفهام عديدة تثيرها أهمية تناول أطعمة غذائية معلّبة، فهل يمكن اعتبار هذه الأطعمة مفيدة للصحة، أم أنه لا يُنصح أبداً بتناولها؟
يوصي المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها البالغين بضرورة تناول ما لا يقل عن كوب إلى كوبين من الفاكهة يومياً، وكوبين إلى 3 أكواب يومياً من الخضر كجزء من نمط الأكل الصحي. ويتطلب ذلك أن تكون هذه الحصص حاضرة في كل وجبة غذائية، لكن لأسباب عديدة لا يلتزم العديد من البالغين بهذه التوصيات، ما يؤدي إلى حصول مشاكل صحية، لذا بدأ التركيز على إمكان الحصول على الفيتامينات والمعادن من خلال تناول الأطعمة المعلّبة.

وسلطت دراسة أجراها باحثون في جامعة ميشيغن الأميركية الضوء على أهمية تناول الفاكهة والخضروات المصنّعة كخيار صحي وأساسي بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين لا يستطيعون تناول مأكولات طازجة. ووجدت الدراسة أن الفواكه والخضروات المعلبة مغذية تماماً مثل الطازجة، وذكرت أن بعض الأطعمة مثل بقوليات الفاصوليا والفول التي تحتوي على ألياف تصبح أكثر قابلية للذوبان أثناء التعليب، ما يجعل الفاصوليا المعلبة أكثر فائدة لجسم الإنسان.
ولفتت الدراسة إلى أهمية الانتباه لبعض التعليمات المدونة على علب الفاكهة والخضر المعلّبة والمجمّدة، وأبرزها أولاً أن تكون الفاكهة والخضر محفوظة بعصيرها الخاص، وألا يتم شراء المأكولات المعلّبة التي تحتوي على عصائر صناعية لأنها تفقد بذلك قيمتها الغذائية. وثانياً ضرورة الانتباه إلى كميات الملح الموجودة في المأكولات، إذ لا بدّ من شراء الخضر التي تحتوي على نسبة منخفضة من الصوديوم أو بلا ملح مضاف. ثالثاً تناول الأطعمة مباشرة بعد الفتح للحصول على أكبر قدر من العناصر الغذائية. ورابعاً التحقق من الملصقات الموجودة على الأطعمة المجلدة، لتأكيد عدم احتوائها على عناصر تحلية تزيد معدلات السكر في الدم، وبالتالي معدلات الدهون في جسم الإنسان.
لا تنفي أخصائية التغذية الدكتورة نادين نحال أهمية العناصر الغذائية الموجودة في الأطعمة المعلّبة أو المجمّدة، إلا أنها تؤكد أهمية تناول الأطعمة الطازجة، نظراً إلى فوائدها الصحية. وتقول لـ "العربي الجديد": "عادة تحتوي الفاكهة والخضر الطازجة، خاصة تلك التي تقطف وتتناول في الوقت نفسه العديد من الفوائد الصحية، لكن كثيرين يتناولون أطعمة مجمّدة أو معلّبة لأسباب مختلفة، ويعتبرونها خياراً مهماً في النظام الغذائي".
تضيف: "يعتبر تناول الفاكهة المجمّدة خياراً مهماً في ظل غياب الأطعمة الطازجة، فحصة من الفراولة المجمّدة خارج موسمها أفضل من عدم تناولها بالمرة، نظراً لما تحتويه من فوائد عديدة وفيتامينات. كما أن تناول أنواع مختلفة من التوت البري المجمدة مهمة جداً لمقاومة العديد من الأمراض، بينها أمراض السرطان، إلا أن عدم وجودها في جميع المواسم يجعل من الصحي تناولها مجمّدة".
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأميركية أن بعض أنواع الخضر التي تحتوي على الفيتامين "سي" قد تفقد جزءاً كبيراً من أهميتها الغذائية بعد أسبوع واحد من قطفها، فيما قد تحافظ هذه الأصناف على فيتاميناتها في حال كانت معبئة ومجمّدة. وأشارت الدراسة أيضاً إلى أن البازلاء والبروكولي وغيرها من الخضر التي تحتوي على كميات كبيرة من الفيتامين "سي" تفقد أكثر من 70 في المائة من فائدتها. وعلى سبيل المثال تفقد بعض الخضر مثل البروكولي نحو 15 في المائة في درجة حرارة تصل إلى 4 درجات مئوية خلال سبعة أيام، وتصل نسبة فقدانها للمعادن إلى 56 في المائة في درجة حرارة تبلغ 20 مئوية، في حين تبقى العناصر كاملة عند درجة حرارة صفر.
وتتعدد أسباب فقدان العناصر الغذائية بعد الحصاد مباشرة، فمن جهة يمكن أن يؤدي التعرض للضوء والهواء إلى بدء عملية كيميائية تسمى الأكسدة الضوئية التي تؤدي إلى تكسير العناصر الغذائية. إلى ذلك يمكن أن تكسر الإنزيمات الطبيعية الموجودة في الأطعمة العناصر الغذائية، ويمكن من جهة أخرى أن تجد الكائنات الحيّة الدقيقة من التربة والهواء والماء طريقها إلى الأطعمة وتتغذى على العناصر الغذائية.

الصورة
يعتبر البعض الفواكه المحفوظة خياراً مهماً في النظام الغذائي (Getty)
يعتبر البعض الفواكه المحفوظة خياراً مهماً في النظام الغذائي (Getty)

وبحسب أكاديمية التغذية والحمية الأميركية، يساعد تجميد الخضر والفاكهة في حبس العناصر الأساسية مثل الكربوهيدرات والبروتين، إذ تحتفظ الأطعمة المجمّدة بالفيتامينات والمعادن، ولا يطرأ أي تغيير على محتوى الكربوهيدرات أو الدهون الصحية. وفي بعض الحالات تحتوي الأطعمة المجمّدة على فيتامينات ومعادن أكثر مقارنة بالأطعمة الطازجة لأن تلك الطازجة تفقد الفيتامينات والمعادن بمرور الوقت.

وعلى سبيل المثال، يفقد الخوخ المعلّب بعض العناصر الغذائية أثناء عملية التعليب، لكن لم تثبت الدراسة وجود أي تغيير فعلي في مستويات العناصر الغذائية حتى بعد ثلاثة أشهر من التخزين. وينطبق الشيء نفسه على العديد من المنتجات المعلّبة والمجمّدة الأخرى، مثل البازلاء والذرة الحلوة التي تحتفظ بالعديد من العناصر الغذائية حتى بعد عام من التخزين.

وينطبق الأمر نفسه على المركبات الأخرى الموجودة في الأطعمة. وعلى سبيل المثال، يمكن الحفاظ على مادة البوليفينول، وهي مركبات طبيعية توجد في معظم الفواكه والخضروات التي تعد مهمة لصحة القلب، لفترة أطول من خلال التجميد.
وعلى الرغم من أنه يمكن فقدان بعض العناصر الغذائية أثناء عمليات السلق  والتعليب، إلا أن الأطعمة في كثير من الحالات لا تزال تحتفظ بمغذيات أكثر أهمية مما لو جرى قطفها قبل ذروة النضج مباشرة وشحنها إلى السوبر ماركت. 
وتنقل صحيفة "ذا كونفرزيشن" عن أبحاث أن محتوى الفيتامينات في العنب البري غير الناضج أعلى من محتوى العنب البري الطازج أو الناضج.

المساهمون