هذا ما يحدث لجسمك بعد شهور من العزلة بسبب كورونا

27 سبتمبر 2020
التعرّض لأشعة الشمس في العزل لتعزيز قدرات الجسد ومدّه بالفيتامين (ماركو دي لاورو/Getty)
+ الخط -

 

منذ أن بدأ فيروس كورونا تفشّيه رسمياً حول العالم في مارس/ آذار الماضي، طلب الخبراء في الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، التزام العزلة، والبقاء في المنزل لتجنّب الإصابة بالفيروس. ولكن الحياة في الحجر المنزلي، يمكن أن تسبّب أمراضاً تؤثر على حياة الناس بشكل كبير، خاصة بعد انتهاء الوباء، بحسب ما أظهره تقرير صادر عن شبكة "سي أن أن" الأميركية.
بحسب التقرير، فإنّ التواجد في المنزل لفترة طويلة (نصف عام تقريباً منذ بداية الجائحة حتى الآن)، يضرّ بالجسم ويضعف القلب والرئتين، كما يؤثّر على وظائف المخ، وقد تبقى آثار العزلة مؤثرة في جسدنا، فترة طويلة حتى بعد انتهاء الوباء. 

فقدان العضلات
ووفق التقرير، في الأسبوع الأول من البقاء في المنزل، يبدأ الإنسان بفقدان العضلات، سواء كان يعمل أو يأكل أو ينام، لأنّ الخمول وحالة عدم اليقين تتسبّب في ضمور العضلات، ويحتاج إعادة بنائها أشهرا عديدة، بحسب ما يؤكدّه، كيث بار، أستاذ فيزيولوجيا التمارين الجزيئية في جامعة كاليفورنيا. ويقول بار: "على الرغم من قوتهم، فإنّ البشر يفقدون العضلات بسرعة أكبر كلّما تقدّموا ​​في السن وشعروا بالخمول".
ويضيف: "عندما نفقد العضلات، فنحن لا نفقد حجم العضلة بالضرورة، لكن نفقد القوة، وهو أحد "أقوى المؤشرات" على طول العمر الذي يعيشه الإنسان".

ضعف في عضلة القلب والرئة
تتسبّب حالة الخمول، خاصة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يمارسون الرياضة ويمتنعون فجأة عن ممارستها، بحدوث تغيير في ضربات القلب، ما ينذر بحدوث مشاكل في العضلة، حتى بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا يمارسون الرياضة بشكل منتظم. فإنّ غياب النشاط يضعف عضلة القلب، بحسب بار.
ويؤكّد بدوره، باناجيس جالياتساتوس، أخصائي أمراض الرئة من مركز جونز هوبكنز بايفيو الطبي، الشيء نفسه بالنسبة إلى الرئتين، ويقول إنّ العديد من مرضاه شعروا بتدهور وظيفة التنفس، لأنهم توقّفوا عن ممارسة الرياضة، بسبب العزل.
ويعتبر الأشخاص الذين يعانون من ضعف في صحة الرئة، أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، لذلك من المحتمل أن يبقوا في المنزل لتقليل مخاطر إصابتهم، ولكن إذا لم يتحركوا ويزيدوا من تدفق الدم إلى رئتيهم، فإنّ ذلك سينعكس سلباً على صحة الرئتين.
وعليه، ينصح جالياتساتوس، بضرورة ممارسة التمارين الرياضية، كونها المفتاح الوحيد لتحسين وظائف القلب والرئة. ويوصي بضرورة القيام بنشاطات بدنية كالرقص أو الرياضة في المنزل، لتحسين وظائف الجسم.

البدانة
لا شكّ أن البقاء في المنزل طوال اليوم، والعيش وسط القلق والخوف من تداعيات الفيروس، يجعل الإنسان يميل إلى تناول الطعام بكميات كبيرة، في خطوة لاإرادية منه لتخفيف التوتر، ما يعني زيادة الوزن. 
ويقول جايلز دوفيلد، الأستاذ المشارك في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء في جامعة نوتردام، الذي يدرس إيقاع الساعة البيولوجية والتمثيل الغذائي: "إنّ البقاء في المنزل لفترة زمنية تزيد عن 12 ساعة، وتصل إلى 15 ساعة، يتسبّب في تناول كميات كبيرة من الطعام، ما يؤدّي إلى ارتفاع مستويات الأنسولين، ما يشجع بالتالي على تخزين الدهون، الأمر الذي يؤثر على صحة الإنسان".
ويضيف دوفيلد أنّ الإفراط في تناول الطعام في العزل، يمثّل مشكلة أخرى، لأنه مع بداية الجائحة، خزّن الكثير من الناس الأطعمة غير القابلة للتلف، في حالة نقص الإمدادات، وتتمّ معالجة العديد من الأطعمة غير القابلة للتلف، بدرجة عالية وغنية بالسكريات والنشويات.
ويضيف: "إنّ زيادة الوزن خلال فترات الإجهاد الشديد، أمر طبيعي، وكان عام 2020 عاماً مرهقاً بلا هوادة. ومع ذلك  تصبح زيادة الوزن خطيرة عندما تتحوّل إلى سمنة، حيث يبدأ جسم الإنسان في مقاومة الأنسولين، وقد تتطوّر المشاكل الصحية المزمنة، مثل مرض التمثيل الغذائي أو مرض السكري".

ضعف في الدماغ
يمكن أن يؤدي نمط الحياة غير المستقرّ إلى إبطاء نشاط العقل. ووفق كيث بار، فإنّ التمارين الرياضية تنتج مواد كيميائية معيّنة في الدماغ، تعمل على تكسير السموم في الدم  وتمنعها حتى من الوصول إلى الدماغ، حيث يمكنها أن تقتل خلايا الدماغ.
لذا، فإنّ العزلة وعدم ممارسة الرياضة، يعنيان أنّ المنتجات الثانوية للأحماض الأمينية، مثل السموم العصبية في الدماغ، ستتكاثر، وستؤثر على قدرة الإنسان على التركيز والعمل.

أوجاع في العمود الفقري
تسبّب فيروس كورونا بتغيير في نمط العمل والدراسة، حيث لجأ الكثير من الناس إلى نظام التعليم والعمل عن بُعد، والجلوس لفترات طويلة أمام شاشات الحاسوب، الأمر الذي أدى إلى حدوث أوجاع في العمود الفقري، والأكتاف. ويرى براندون براون، عالم الأوبئة والأستاذ المشارك في مركز المجتمعات الصحية بجامعة كاليفورنيا، أنّ الجلوس والاستلقاء طوال اليوم، يمكن أن يؤثر بشكل خطير على العظام، حيث من شأنه أن يؤدي إلى حدوث تقلّصات في الظهر والرقبة. يقترح براون تجنّب الجلوس لساعات على المقعد، وممارسة المشي داخل البيت لفترات بسيطة.

الأرق
ما لا يقلّ عن نصف الأميركيين، يعانون من نقص بفيتامين (د)، الذي يحافظ على كثافة العظام ويمنع الإرهاق. وبسبب كوفيد-19، الذي حجر معظم سكّان العالم في البيوت، وحجب عنهم أشعة الشمس، وهي المصدر الرئيسي لفيتامين د، ارتفعت نسبة الأميركيين الذين يعانون من نقص هذا الفيتامين، وتالياً زادت نسبة الأرق لديهم. ويقول دوفيلد: "قضاء معظم الوقت في المنزل، سيحجب بالتأكيد أشعة الشمس، وهو ما سيؤثر سلباً على نوم الإنسان ويتسبّب في زيادة الأرق، لذا لا بدّ من التعرّض لأشعة الشمس، والجلوس أمام النافذة، خاصة في فترة الصباح لتعزيز قدرات الجسد، ومدّه بالفيتامين الضروري".

ويختم التقرير بالقول إنّ آثار العزلة صعبة مثل الوباء، وغالباً ما تكون الأعراض الجسدية بعد أشهر من العزلة، غير واضحة، حتى تصبح بعدها ضارة أو شديدة.
يقول خبراء الصحة: "إنّ إعطاء الأولوية للصحة العقلية والجسدية أثناء البقاء في المنزل، يتطلّب بعض العمل، تجنباً للمخاطر المستقبلية على صحة الإنسان".
 

المساهمون