تجددت ظاهرة استخدام دراجات مائية سريعة (جت سكي) لتنفيذ رحلات هجرة سرّية من شواطئ المغرب في اتجاه "الفردوس الأوروبي"، رغم تشديد الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية تدابير المراقبة في البحر الأبيض المتوسط.
وكان لافتاً خلال الأيام الماضية في المغرب تكثيف شبكات الهجرة السرّية عملياتها عبر مضيق جبل طارق، خاصة بين الشواطئ المحاذية لمدينة الفنيدق وسواحل مدينة سبتة، حيث هرب كثيرون باستخدام دراجات مائية الخميس الماضي تحديداً.
وقبل ثلاثة أسابيع قررت النيابة العامة المغربية سجن ثلاثة سائقين لدراجات نارية مائية يحملون الجنسية الإسبانية في معتقل بتطوان، بتهمة التورط في عمليات هجرة سرّية نفذوها انطلاقاً من سبتة المحتلة إلى سواحل الفنيدق وبليونش، وشملت تحميل مهاجرين سرّيين من عرض البحر في مهمات تلحظ استغلال الاكتظاظ في ممارسة الأنشطة البحرية خلال موسم الصيف.
ومنذ عام 2015 زاد الحديث عن استخدام الدراجات المائية أو"جت سكي" في أوساط الهجرة في تهريب المهاجرين من المغرب إلى إسبانيا، بسبب توفيرها ميزات عدة بينها السرعة في نقل المهاجرين، والخطر الأقل مقارنة بـ "قوارب الموت"، وعدم قدرة الرادارات على رصدها.
يقول الخبير المغربي في شؤون الهجرة ورئيس "جمعية الريف لحقوق الإنسان"، شكيب الخياري، لـ"العربي الجديد": "ليس استخدام الدراجات المائية لتهريب البشر إلى أوروبا جديداً في المغرب، فهو وسيلة شائعة منذ سنوات في ظل إمكان اقتنائها بثمن منخفض، وقدرتها على تأمين وصول سريع إلى الساحل الإسباني انطلاقاً من طنجة، وبلوغ سبتة ومليلية المحتلتين خلال دقائق معدودة. كما تستطيع الدراجات المائية تجنب رقابة القوات البحرية المغربية أو الإسبانية".
ويلفت إلى أنه "حتى إذا نقل أسطول من الدراجات المائية مهاجرين سرّيين في وقت واحد، وهو ما حدث مرات سابقاً، يصعب أن تعترض القوات الأمنية كل أعدادها في نفس الوقت. أيضاً تعتبر تكلفة الهجرة بهذه الوسيلة أقل بكثير من اللجوء إلى خدمات مهربي البشر الذين يستخدمون الزوارق والسفن التقليدية وبعضها قديمة".
ويوضح أن مهربين ومهاجرين كثيرين يستغلون سهولة الخروج من الشواطئ خلال فترة الصيف، وهو ما يحصل حتى لو كانت الشواطئ محروسة من القوات الأمنية، "من هنا ضرورة فرض رقابة صارمة على استعمال الدراجات المائية في شواطئ شمالي المغرب تحديداً، في ظل تزايد الهجرة الخطرة عبر البحر".
وفيما تسابق شبكات الهجرة الزمن عبر تكثيف أنشطة نقل مهاجرين سرّيين قبل انتهاء موسم الصيف، تعيش قوات البحرية الملكية المغربية في حالة استنفار من أجل ضبط كل التحركات في سواحل مدن تطوان والمضيق وطنجة. وهي تخصص فرقاطة وقوارب مطاطية سريعة من مختلف الأحجام لتنفيذ دوريات قرب الشواطئ من أجل مراقبة كل التحركات، والتأكد من هويات الأشخاص.
ورغم أن عدد المهاجرين السرّيين الذين نجحوا في بلوغ شواطئ إسبانيا تراجع بنسبة نحو 23 في المائة عام 2022، ارتفعت نسبة المهاجرين السرّيين الذين انطلقوا من المغرب بنسبة 85 في المائة.
وبحسب تقرير أصدرته منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية غير الحكومية في ديسمبر/ كانون الأول 2022، قضى أو فقد أكثر من 12 ألف مهاجر منذ عام 2018 خلال محاولاتهم الوصول إلى إسبانيا انطلاقاً من سواحل المغرب. وشهد الطريق بين الساحل الشمالي الغربي لقارة أفريقيا وجزر الكناري وحده مصرع 7692 مهاجراً.
وعلى امتداد السنوات الماضية، سجلت عشرات المآسي التي تسببت فيها "قوارب الموت" المنطلقة من سواحل المغرب الجنوبية في اتجاه جزر الكناري، وأحدثها تلك التي قضى فيها 11 مهاجراً في إبريل/ نيسان الماضي.