نكسة لتلاميذ "أونروا" في امتحانات لبنان

18 يوليو 2022
نتائج سيئة جداً لتلاميذ مدارس أونروا في امتحانات الشهادة المتوسطة (جوزف عيد/ فرانس برس)
+ الخط -

في وقت أعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، عباس الحلبي، أنّ نسبة النجاح في الشهادة المتوسطة "البريفيه" على مستوى البلاد، تدنت عن 80 في المائة، كان لافتاً عدم تجاوزها 47.80 في المائة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهو ما عزاه مراقبون إلى "انتهاج الوكالة سياسات غير مدروسة في قطاع التعليم أثرّت سلباً في تراجع مستويات التعليم بشكل دراماتيكي وخطير، وفي مقدمها اعتماد مدارسها عام 2017 سياسة الترفيع الآلي، وخفض نسبة الرسوب إلى أدنى حد، ما أدى إلى إهمال التلاميذ دروسهم باعتبارهم يضمنون النجاح في نهاية العام".
يقول مدير عام مؤسسة "العودة الفلسطينية" ياسر علي لـ"العربي الجديد" إن "النتائج المتدنية لمدارس أونروا في الشهادة المتوسطة ليست وليدة اليوم، إذ سجلت هذه المدارس نسبا مماثلة في السنوات السابقة، لكنّها تراجعت إلى أقلّ من 50 في المائة هذه السنة، علماً أنّ نسب النجاح في مدارس الفتيان كانت أقل من مدارس الفتيات".
ويربط أسباب التراجع بـ"مبدأ الترفيع الآلي المُعتمد في المراحل التعليميّة السابقة، ما جعل التلاميذ في مستوى ضعيف، وغير قادرين على امتلاك متطلّبات النجاح في امتحانات الشهادة المتوسطة. ولا يمكننا أن نغفل الأسباب الإدارية المرتبطة بتوظيف أساتذة ومعلّمين في مدارس أونروا، من خلال اعتماد الوساطة بدلاً من معيار الكفاءة، وكذلك غياب الرقابة والإدارة الفاعلة والتعطيل المتتالي خلال فترة جائحة كورونا، ما حرم التلاميذ من نصف المنهج الدراسي".
ورأى علي أنّ "أونروا تحاول تبرير المعدّلات المتدنّية، من خلال الادّعاء بأنّها ترتكز على نتائج لوائح مسرّبة، وليس رسمية صادرة عن وزارة التربية اللبنانية، ما يشكل محاولة لتمييع حقيقة أنّ النتائج أسوأ بكثير من الأعوام الماضية، علماً أنّ عدداً من التلاميذ الفلسطينيين كانوا سابقاً بين الأوائل العشرة على مستوى لبنان في الامتحانات الرسمية".
ويوضح مصدر مسؤول في "أونروا"، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "أسباب التراجع تعود إلى انقطاع التلاميذ عن الدراسة الحضورية لمدّة عامين، بسبب جائحة كورونا، وفشل التدريس عن بُعد بسبب عدم وجود تقنيات توفّر بيئة دراسية ملائمة، سواء على صعيد التيار الكهربائي أو شبكة الإنترنت، ما جعل الفاقد التعليمي كبيرا لدى التلاميذ".

ويلفت المصدر الذي فضّل عدم كشف هويّته، إلى أنّ "أحد أسباب تدني نسبة النجاح اعتماد دوام دراسي يشمل أسبوع دراسة وأسبوع عطلة خلال السنة الحالية، ما أدّى إلى نقص كبير في المعلومات لدى التلاميذ المعنيين بامتحانات الشهادات الرسمية تحديداً، كونهم لا يملكون الوقت الكافي لتغطية الدروس المطلوبة في شكل علمي وصحيح، كما أنّ اعتماد أونروا سياسة الترفيع الآلي وتحديد نسبة معيّنة للرسوب، وفّر أحد أخطر العوامل التي تؤدّي إلى ضعف التحصيل، ونجاح تلاميذ يفتقدون الحد الأدنى من مستوى التعليم المطلوب".

ويشير إلى أنّ "عدد التلاميذ في الصف يزيد أحياناً كثيرة عن 40 تلميذاً، إذ تعتمد سياسة أونروا وضع عدد قد يصل إلى 50 تلميذاً في الصف الواحد، بسبب قلة عدد المعلّمين، ما يعيق عملية التعليم. كما أنّ تكليف معلمين مهمات غير تدريسية يزيد الأعباء عليهم، سواء على صعيد تكليفهم بشؤون لوجستية أو تركيزهم على الحيادية والتحرّش والاستغلال الجنسي وغيرها من الأمور التي ترهقهم وتبعدهم عن مهماتهم الأساسية". ويلمّح المصدر المسؤول إلى أنّ "النتائج السلبية لثغرات عمل أونروا، وبينها ضعف نظام المحاسبة والتدخّلات الخارجية المستشرية، خصوصاً السياسية"، معتبراً أنّ "الوضع الاقتصادي الخانق الذي يمرّ به لبنان انعكس على التلاميذ في شكل مباشر، إن لجهة التغيّب عن المدرسة بسبب ارتفاع كلفة المواصلات، رغم تغطية الوكالة جزءا منها، أو لجهة عدم القدرة على دفع قيمة الاشتراكات بمولّدات الكهرباء الخاصة أو شبكة الإنترنت، حتّى أنّ معظمهم يأتون من دون أيّ مصروف، جراء الأزمة المعيشية في البلاد".

تعزو "الأونروا" تراجع نسبة النجاح إلى انقطاع التلاميذ عامين عن الدراسة الحضورية  (أسامة أيوب/ فرانس برس)
تعزو أونروا تراجع نسبة النجاح إلى انقطاع التلاميذ عامين عن الدراسة الحضورية (أسامة أيوب/ فرانس برس)

ويناشد المصدر المسؤول إدارة أونروا إعلان "حالة طوارئ تربوية، وعقد مؤتمر تربوي موسّع يشارك فيه الخبراء والمديرون والمعلّمون ومؤسسات المجتمع المحلي واللّجان وأهل الاختصاص، من أجل الوقوف على الواقع التعليمي، ووضع خطّة استراتيجيّة لتحسينه واتخاذ القرارات الجذريّة في هذا الشأن". 
ويختم: "لا يملك شعبنا الفلسطيني إلا سلاح العلم والمعرفة الذي يجب أن نحافظ عليه، فلا تلعنوا الظلام، بل ليشعل كلّ منّا شمعة".

وكان روّاد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا نصّاً نسِب إلى مصدرٍ مسؤولٍ في أونروا بلبنان، واعتبر فيه أنّ "نسبة الناجحين في شهادة البريفيه المُعلن عنها غير دقيقة، وأنّ الوكالة المعنية بالنِسَب تُجري حالياً مراجعاتٍ لتصحيح الخطأ". في المقابل اعتبر بعض الأهالي والناشطين أنّه "كان الأجدى بالوكالة أن تعلن الحقيقة بوضوحٍ من خلال إصدار بيان صريحٍ"، واستغربوا "الصمت المريب تجاه المستوى الهشّ والمتهاوي الذي وصلت إليه مدارس أونروا، بعدما كانت سابقاً في عداد المراتب الأولى، وضمن المدارس التي تحصد أعلى نسب نجاح".

المساهمون