أعلنت نقابة الأطباء الفلسطينيين، اليوم الأربعاء، تنفيذ خطوة احتجاجية وتصعيدية لافتة، تتمثل بتعليق العمل في المستشفيات الحكومية والمراكز الصحية بشكلٍ كامل، اعتباراً من يوم الأحد القادم، على أن يكون العمل ليوم غدٍ الخميس للمناوبين فقط في المستشفيات، مع عدم التوجه إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية أو الوجود في مقارّ وزارة الصحة ومبانيها، وذلك احتجاجاً على عدم التزام الحكومة التفاهمات المتفق عليها مع نقابة الأطباء منذ عام.
وقال نقيب الأطباء شوقي صبحة، لـ"العربي الجديد": "لقد أبدينا كل ما لدينا من مرونة وتنازلات، وثبتنا الحقوق منذ عام ونيّف، والأصل أن تُطبق، واتفقنا لاحقاً ثم اتفقنا مع الحكومة اتفاقاً ثانياً؛ لتنفيذ الاتفاق الأول، لكن للأسف الحكومة تتهرب وتماطل، وهذا ما دعانا إلى هذه الخطوات الاحتجاجية".
وأضاف أن "نقابة الأطباء اجتمعت مع الحكومة قبل حوالى أسبوعين، لبحث تنفيذ التفاهمات الموقعة قبل عام، وبعد الإضراب الذي خاضته النقابة أخيراً، عادت الحكومة للاجتماع مع النقابة والاتفاق على تنفيذ الاتفاقات السابقة جميعاً، لكن هذا ما لم يحصل".
وتُعتبر المساواة في العلاوة للأطباء أبرز مطالب النقابة، بالإضافة إلى زيادة الكوادر الطبية في المشافي والمراكز، خاصة مع استمرار جائحة كورونا وارتفاع الإصابات في الموجة الثالثة بشكلٍ فاق التوقعات، وزيادة ساعات العمل للأطباء.
وأكد صبحة لـ"العربي الجديد"، أن النقابة أبدت مرونة بخصوص طبيعة العمل للطب العام (50%)، على أن تُثبت على القسيمة "تتفهم النقابة عدم قدرة الحكومة على الدفع الفوري أو خلال الفترة الحالية، بسبب الظروف المالية، لكن على الأقل ليتم تثبيتها".
وينظر بعض الحقوقيين بعين القلق إلى إضراب نقابة الأطباء الفلسطينيين، خلال فترة توصف بـ"الحساسة"، نظراً لارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، لكون الأمر يتعلق بحياة المواطنين وأرواحهم.
ويقول المحامي والناشط الحقوقي فريد الأطرش، لـ"العربي الجديد": "من حق نقابة الأطباء الإضراب عن العمل وممارسة العمل النقابي، لكن آمل منها الأخذ بالاعتبار تجنيب الخدمة الطبية الطارئة الإضراب، أو تلك المتعلقة بحياة المواطنين، لأن الحياة تُقدَّم على جميع الحقوق، ولا يجب أن يشمل الإضراب وتعليق العمل العمليات وتقديم الخدمة الطارئة، وإلا وقع الإضراب في أزمة أخلاقية".
من جهة أخرى، طالب الأطرش الحكومة بالاستجابة لمطالب نقابة الأطباء، وفتح حوار جدي وعاجل معها، وقال: "الكوادر الطبية هي خط الدفاع الأول في مواجهة جائحة كورونا، وقد التزمت الدوام، وهي الأكثر عُرضة للإصابة بالفيروس، ويجب على الحكومة فتح حوار جدي وعاجل مع نقابتهم، على أن يُفضي ذلك إلى اتفاق تلتزم الحكومة تطبيقه".
وانتقد بيان صادر عن نقابة الأطباء تقصير الحكومة بإعطاء اللقاح للكوادر الطبية خصوصاً والمواطنين عموماً، وكان مفاجئاً أن يذكر بيان نقابة الأطباء استعداد الكوادر الطبية لفتح منازل عائلاتهم لاستقبال المرضى، وتقديم ما يلزم من خدمات طبية مجانية للمواطنين، وترك خيار وضع الخطط المناسبة لعلاج المرضى في المشافي والمراكز للحكومة.
وعن انتقاد البعض لتصعيد نقابة الأطباء، شدد نقيب الأطباء شوقي صبحة على القول: "لينتقد الناس الحكومة عوضاً عن انتقاد النقابة، وإذا اعتبرنا تزامن الإضراب مع مرحلة حرِجة أو حساسة يمرّ بها الفلسطينيون، فلا يُذكر مرة واحدة أن وضع الشعب الفلسطيني كان على أفضل حال".
وزارة الصحة: خطورة كبيرة
في المقابل، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، "إنها تنظر بقلق شديد إزاء إعلان نقابة الأطباء شروعها في إضراب عن العمل يوم غد الخميس، في الوقت الذي أبدت فيه الحكومة استعدادها للنظر بإيجابية لمطالب النقابة، والمتمثلة برفع علاوة الأطباء العموميين من 150% إلى 200% أسوة بأطباء الاختصاص، شرط التزامهم التفرغ الكامل للعمل في وظيفتهم بالمستشفيات الحكومية فقط، وذلك لغرض تحسين الجودة، ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمرضى في المستشفيات، وهو ما رفضت النقابة التزامه".
حملت وزارة الصحة نقابة الأطباء المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والمصابين الذين تضيق بهم مستشفيات الوزارة
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية: "إن هذه الخطوة تنطوي على خطورة كبيرة في الوقت الذي يواصل فيه المنحنى الوبائي ارتفاعه بشكل مقلق، يهدد حياة المرضى والمواطنين بالخطر".
وحملت الوزارة الفلسطينية نقابة الأطباء المسؤولية الكاملة عن حياة المرضى والمصابين الذين تضيق بهم مستشفيات وزارة الصحة، مشيرة إلى أنها لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف، ولأي مبرر كان، تعريض حياة المرضى والمواطنين للخطر، متوعدة بالملاحقة القانونية لكل من يمسّ أو يعرض سلامة وصحة المرضى والمواطنين للخطر، ولا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
وأكدت الوزارة "اعتزازها وتقديرها بجميع الكوادر العاملة في القطاع الطبي والصحي، التي وقفت عند المسافة صفر من الوباء، وعملت بجهد وإخلاص لحماية أبناء الشعب الفلسطيني من مخاطره، وتقليص مساحة انتشاره"، معربة عن أملها بأن يبقى الكادر الطبي والصحي وفياً لالتزاماته وللصورة المشرقة التي قدمتها تلك الطواقم في تصديها للجائحة التي ما زالت تتوالد بسلالات جديدة وعلى نحو أسرع انتشاراً، وأشد فتكاً، وأن يبقى الأطباء أوفياء للقسم الذي تشرفوا بأدائه لخدمة مرضاهم.
وحذرت الصحة الفلسطينية "من مخاطر الإضرابات في ظل المرحلة الحرجة التي يمر بها الشعب الفلسطيني نتيجة تصاعد وتيرة الوباء التي تتطلب من الجميع رصّ الصفوف وعدم الالتفات إلى ما يشتت العمل الجماعي في مواجهة الجائحة".