تبدي نقابات التعليم في تونس قلقها بشأن مشروع الإصلاح التربوي الذي تنوي السلطة تنفيذه بناءً على نتائج استشارة إلكترونية أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد نيّة إطلاقها قبل أيام، غير مستبعدة إقصاءها مستقبلاً من أيّ عملية إصلاح.
وفي السابع من إبريل/ نسيان الجاري، أذن سعيّد، في اجتماع عقده مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزراء التربية والتعليم العالي وشؤون الأسرة، بتأليف لجنة مكلفة بإعداد مشروع نصّ الاستشارة حول إصلاح التربية والتعليم، تضمّ في عضويتها ممثلين عن الوزارات المعنية ومتخصصين في علم الاجتماع.
وقال قيس سعيّد، بحسب البلاغ المنشور على الصفحة الرسمية للرئاسة، إنّ "الإصلاح لا يمكن أن يكون كاملاً إلا إذا تمّ وفق مقاربة شاملة تهمّ كلّ مراحل التعليم، وأيّ خطأ يمكن أن يحصل ليس من السهل تداركه إلا بعد سنوات، وأيّ ثمار لهذا الإصلاح لا يُمكن جَنْيها إلا بعد عقود".
لكنّ البلاغ الرئاسي لم يتناول إشراك نقابات التعليم ولا ممثلين عن القطاع في اللجان في إعداد مشروع الاستشارة، الأمر الذي عدّته النقابات إقصاءً ممنهجاً لها.
ورأى عضو الجامعة العامة للتعليم الأساسي إقبال العزابي أنّ "النيّة من الاستشارة التي أعلن عنها الرئيس هي تعويم القضايا الحقيقية للقطاع"، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الفشل سوف يكون مصير أيّ محاولة إصلاح، ما لم يُبَتّ في ملفات ساخنة، في مقدّمتها الأوضاع الهشّة للمدرّسين الذين يعملون بعقود لا تضمن لهم حتى الحقّ في الأجر الشهري المنتظم".
وسأل العزابي: "ما الذي سوف تصلحه الاستشارة في وضع تعليمي تعجز فيه السلطة عن سداد أجور ما يزيد عن 10 آلاف مدرّس لمدّة تزيد عن سبعة أشهر؟". ولفت إلى أنّ "السلطة تصمّ آذانها عن المشكلات الحقيقية لقطاع التعليم في مقابل مساعيها لفرض مشروع تربوي جديد لم يُكشَف بعد عن تفاصيله ونواياه".
وعبّر عضو الجامعة العامة للتعليم الأساسي عن استغرابه من "مشروع إصلاح يُستبعَد منه أهل الاختصاص من مدرّسين ومؤطّرين في مقابل الأخذ بآراء أطراف بعيدة كلّ البعد عن الممارسة الميدانية لمهنة التعليم والحياة اليومية للمدرّسين التي يواجهون فيها صعوبات عديدة تنعكس على العملية التعليمية برمّتها". وشدّد على أنّ "الإصلاح التربوي أو تشخيص الشأن التربوي يُعنى به أهل الميدان بالدرجة الأولى"، منتقداً "فتح التشخيص عبر استشارة الجميع وفسح المجال أمام كلّ من هبّ ودبّ".
وأوضح المتحدث ذاته أنّ "الجامعة العامة للتعليم الأساسي لا تريد أن تكون جزءاً من مشهد هزلي"، مؤكداً أنّها "تستعدّ لإصدار موقف رسمي من مشروع الاستشارة والإصلاح التربوي".
من جهته، قال وزير التربية محمد علي البوغديري إنّ "الشأن التربوي مسألة تهمّ كلّ القطاعات والوزارات". وأوضح في تصريحات صحافية أنّ النقابات الممثلة للمعلمين والأساتذة سوف تكون ممثلة في اللجان التابعة لوزارة التربية التي انطلقت قبل فترة في العمل على ملف الإصلاح التربوي.
وأشار البوغديري إلى أنّ لجان الإصلاح التابعة لوزارة التربية تعمل بطبيعتها وفقاً لمقاربة تشاركية يُصار خلالها إلى التنسيق مع الجميع، بما في ذلك الطرف الاجتماعي النقابي.
تجدر الإشارة إلى أنّ قطاع التعليم في تونس يعاني من ضعف الإمكانيات، ومن اهتراء جزء من البنية التحتية للمؤسسات، بالإضافة إلى ارتفاع قياسي في عدد التلاميذ المنقطعين عن التعليم. وفي وقت سابق، قدّرت وزارة التربية عدد الأطفال المتسرّبين سنوياً من مختلف مستويات التعليم بـ100 ألف تلميذ سنوياً.